التسميد الحيوي وما كتب عنه من آراء وأفكار ودراسات وبحوث يظل فقيراً ما لم يدخل في الحياة العملية بنتائج قابلة للتحديث دوماً، كما في دراسة الباحثة الدكتورة "فايزة الأطرش" لتأثير المخصبات الزراعية الحيوية المدْخلة على النمو النباتي.

الباحث الدكتور "موفق جبور" باحث في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية التقته مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 11حزيران 2014، ليتحدث حول النتائج الحقلية والمخبرية لتأثير المخصبات الزراعية الحيوية على نمو وحيوية التربة المسمدة، فبيّن قائلاً: «طرح الدكتورة "فائزة الأطرش" جاء من خلال نتائج تجارب حقلية ومخبرية تبين تأثير المخصبات الزراعية الحيوية المدْخلة على النمو النباتي وعلى حيوية التربة المسمدة، فقارنت هذه النتائج مع نتائج التسميد الحيوي بـ"الميكوريزا" المعزولة من ذات التربة، وبينت تفوق معاملة النباتات بـ"الميكوريزا" المعزولة على المعاملة الشاهدة "التربة الطبيعية" دون أية إضافة، وعلى حالة إضافة المخصب الحيوي المستورد بأكمله، في حين أدت إضافة المخصب الحيوي إلى زيادة في النمو بالمقارنة مع النباتات الشاهدة فقط، كما أنها أدت إلى تأثير سلبي في انتشار الميكوريزا بموقع المعاملة بعد جني النباتات حيث تناقص عدد الأبواغ في التربة. أما التلقيح بالميكوريزا المستوطنة المعزولة محلياً فقد حقق زيادةً معتبرة في انتشارها حيث ارتفع عدد الأبواغ بشكلٍ ملحوظ».

برأيي، أهمية البحث والدراسة تكمن في التجديد والتطوير والتحديث الدائم له، والمواكب لأنواع وخواص ومناخات مختلفة من البيئات المتعددة، حيث يشير التناقص الملحوظ في عدد أبواغ الفطريات الجذرية "الميكوريزا" الموجودة في التربة المعاملة بالمخصب الحيوي إلى أن استخدام المخصب يمكن أن يؤدي إلى حدوث خلل في التوازن الحيوي الطبيعي، الذي يمكن أن يكون له تأثير سلبي في المواسم اللاحقة، وهذا يتوافق مع دراسات عالمية عديدة حول ذات الموضوع، وتبين هذه الدراسات وجود تداخلات بين الميكوريزا والأحياء الدقيقة الأخرى ويمكن أن تكون هذه التداخلات إيجابية أو سلبية التأثير وذلك تبعاً لخواص البيئة الجذرية

وأضاف الباحث الدكتور "وسيم محسن" بالقول: «برأيي، أهمية البحث والدراسة تكمن في التجديد والتطوير والتحديث الدائم له، والمواكب لأنواع وخواص ومناخات مختلفة من البيئات المتعددة، حيث يشير التناقص الملحوظ في عدد أبواغ الفطريات الجذرية "الميكوريزا" الموجودة في التربة المعاملة بالمخصب الحيوي إلى أن استخدام المخصب يمكن أن يؤدي إلى حدوث خلل في التوازن الحيوي الطبيعي، الذي يمكن أن يكون له تأثير سلبي في المواسم اللاحقة، وهذا يتوافق مع دراسات عالمية عديدة حول ذات الموضوع، وتبين هذه الدراسات وجود تداخلات بين الميكوريزا والأحياء الدقيقة الأخرى ويمكن أن تكون هذه التداخلات إيجابية أو سلبية التأثير وذلك تبعاً لخواص البيئة الجذرية».

الباحث الدكتور موفق جبور

وحول ضرورة إقامة العديد من التجارب في مجال التسميد الحيوي وأهداف الدراسة العملية أوضحت الأستاذة الدكتورة "فائزة الأطرش" أستاذة في جامعة "دمشق"- كلية العلوم قائلة: «تهدف دراسة كفاءة المخصبات الحيوية إلى تحري الأضرار التي يمكن أن تنتج عن استخدام المخصبات الحيوية المستوردة وتأثيراتها على الكتلة الحيوية الطبيعية في التربة، التي قد تؤدي بالنتيجة إلى تدهور تدريجي في خصوبة التربة، حيث ظهرت بدايات لإدخال المخصبات الحيوية المستوردة EMI إلى الترب الزراعية في الفترة الأخيرة، وذلك عن طريق تنافسي لشركات زراعية عالمية كانت قد تواصلت مع وكلاء محليين لترويج المستحضرات التخصيبية دون الاهتمام بمدى تلاؤمها مع بيئة المستورد، وخاصة البيئة الحيوية الجذرية، علماً أن هذه المخصبات تتضمن أجناساً متنوعة من الأحياء الدقيقة التي عُرفت بدورها في تخصيب الترب الزراعية، ويأتي على رأس هذه المكونات "الميكوريزا، والريزوبيوم"، إلا أن هذه المخصبات المستوردة تحمل سلاحاً ذا حدين. فهي قد تحسّن نمو النباتات من جهة ولكنها ومن جهةٍ أخرى، تتضمن كائنات حيّة أخرى ستكون دخيلة إلى وسط حيوي طبيعي له بيئته الميكروبية الخاصة وتوازنه الحيوي الطبيعي الذي يمثل هوية تربة وخصوصية أرض».

وحول الدراسات المماثلة عبر المقاربات بينها لسلامة الغذاء والمحافظة على البيئة أشارت "الأطرش" بالقول: «من خلال هذه الدراسة إلى جانب دراسات أخرى مماثلة عن ضرورة دراسة فعالية المخصبات وكفاءتها البيئية قبل اعتمادها كبدائل من الأسمدة الكيميائية، والتريث في استخدام المخصبات المستوردة والسعي إلى تصنيع مخصبات حيوية محلية تتضمن أحياء مأخوذة من التربة المحلية؛ وذلك من أجل سلامة الغذاء وتحسين الإنتاج النباتي ولتجنب الخلل بتوازن التربة الحيوي الطبيعي، وبالتالي الحفاظ على البيئة المستدامة، حيث إن الاستخدام العشوائي للمخصبات الحيوية المستوردة يمكن أن يؤدي إلى مخاطر تضاهي مخاطر السماد الكيميائي بل تفوقه خطورة، لأن إدخال أحياء دقيقة غريبة إلى التربة عبارة عن موضوع غير قابل للعكس، وإن تعديل التوازن الحيوي الميكروبي في الترب المتدهورة ليُعدّ موضوعاً شائكاً غير مقدور عليه ولا يمكن التحكم فيه. وهذا لا يعني أن نتجاهل الدور الإيجابي للأسمدة الحيوية والتعامل مع الكائنات الحية الدقيقة التي تحقق النمو الأفضل للنباتات، ولا أن نتنحى عن تلك الثورة العلمية الحيوية التي تربعت في مراكز البحوث الزراعية والتنمية الاقتصادية، بل يجب علينا أن نخوض في الدراسات والبحوث المعنية، وننظر في خصوصية البيئة الجذرية وألا نتجاهل التوازن الحيوي الخاص في كل منطقة وفق تنوع مواصفات الترب الزراعية "الفيزيائية والكيميائية والحيوية"، وأن نسعى لتكون لنا مخصباتنا الحيوية المحلية المبنية على دراسات علمية شاملة والمتلائمة مع كل منطقة زراعية على حدة».

الأستاذة الدكتورة فائزة الأطرش

وعن أهمية استخدام الأسمدة الحيوية وتحقيق العوائد منها أكدت قائلة: «إن أهمية الأسمدة الحيوية "الميكوريزية" تنبع من تحقيق فوائد جمَة، ويأتي على رأسها الحد من استخدام الأسمدة الكيماوية حيث توفر جزءاً كبيراً من العناصر المعدنية اللازمة لتغذية النبات، ما يؤدي إلى تقليل تكاليف الإنتاج الزراعي وخفض معدلات التلوث البيئي. ويظهر التأثير الإيجابي على النبات المسمّد من خلال سرعة إنبات البذور وكفاءة نمو الجذور وخاصة زيادة تشكل الشعيرات الجذرية، وبالتالي زيادة مسطح المجموع الجذري، ما يؤدي إلى زيادة امتصاص العناصر الغذائية والماء وزيادة مقاومة النبات للإجهاد المائي. وينعكس هذا في تحسين نمو المجموع الخضري وزيادة كمية المنتج النباتي وتحسين نوعيته، وخاصةً بالنسبة إلى محتوى الثمار من العناصر الغذائية، ومن جهةً أخرى تحمي الميكوريزا النبات من المسببات المرضية الموجودة في التربة سواء بزيادة مناعتها ضد الإصابة أو بزيادة قدرتها على تحمل الإصابة عند حدوثها أو بالتصدي لتلك الميكروبات الممرضة، إلى جانب تأثيرها في تحسين الخواص الطبيعية للتربة والحفاظ على خصوبتها على المدى الطويل، وتحد من سمية الملوثات الكيميائية بوساطة احتجازها في خيوطها الفطرية، ما يمنع تراكمها في الأنسجة النباتية ويؤدي إلى الحصول على منتج غذائي عالي الجودة وآمن صحيّاً».