تعدّ معالجة وصيانة وترميم الآثار بشكل مقارب لما كانت عليه وفق استراتيجيات علمية مدروسة، أحد أهم اهتمامات دائرة الآثار في "السويداء"، وفق استراتيجيات مختلفة للمعالجة بين صيانة دورية ودرجات متباينة من التدعيم والتعزيز والترميم.

مدونة وطن "eSyria" التقت الباحث في الآثار، والحاصل على ماجستير من جامعة "دمشق" حول آثار المنطقة الجنوبية "وليد أبو رايد" يوم السبت 7 حزيران 2014، فتحدث عن هذه الاستراتيجيات قائلاً: «في البداية ينبغي وضع تدريبات لمدى ملاءمة الاستخدام المعيّن للموقع المطلوب العمل فيه، وذلك خلال تقييم تحليلي للقيم المعينة. ومن الضروري مراقبة المفاهيم العامة بالإجراءات النوعية من أجل توضيح سياسات المحافظة على الموقع. وينبغي توضيح المصطلحات المستخدمة في التعبير عن كل نوع من المعالجات، وذلك لإتاحة الفرصة لوجود اتصال منسق بين أولئك المعنيين في مجال المحافظة على الموقع وعملية الإدارة».

في البداية ينبغي وضع تدريبات لمدى ملاءمة الاستخدام المعيّن للموقع المطلوب العمل فيه، وذلك خلال تقييم تحليلي للقيم المعينة. ومن الضروري مراقبة المفاهيم العامة بالإجراءات النوعية من أجل توضيح سياسات المحافظة على الموقع. وينبغي توضيح المصطلحات المستخدمة في التعبير عن كل نوع من المعالجات، وذلك لإتاحة الفرصة لوجود اتصال منسق بين أولئك المعنيين في مجال المحافظة على الموقع وعملية الإدارة

وتابع يعرف هذه المفاهيم: «من التعاريف الخاصة بمفاهيم المحافظة على الموقع الأكثر شيوعاً في الاستخدام تأتي (الحماية) التي تدل بعبارات قانونية على العمل اللازم لتوفير الظروف اللازمة للحفاظ على المعلم التاريخي أو الموقع أو المنطقة التاريخية. ويستخدم هذا المصطلح فيما يتعلق بالحماية المادية للمواقع التاريخية لضمان تأمينها من السرقة أو النهب، فضلاً عن الهجمات البيئية والاقتحامات المرئية، كما توفر المناطق العازلة الحماية للمناطق التاريخية. وتشمل الحماية المادية إضافة سطوح ومأوى أو أغطية وغير ذلك، أو حتى إزالة معلم مسبب للخطر لضمان السلامة. ويأتي (الحفظ) وهو يهدف إلى اتخاذ التدابير المناسبة للمحافظة على الموقع في حالته الراهنة. ويأتي ثالثاً (المحافظة على المواقع) وتعني الإبقاء على سلامة مورد تراثي أو المحافظة على حالته القائمة من التدمير أو التغيير، أي الإجراءات التي تتخذ لمنع التحلل ولإطالة الحياة. ويشمل المفهوم العام للصون مختلف أنواع المعالجات التي تهدف إلى حماية المباني والمواقع أو المدن التاريخية، وهي تشمل الصيانة والإصلاح والتدعيم والتعزيز. وفيما يتعلق بالمناطق الحضرية أو المناظر الطبيعية الثقافية كما هو الحال في مسرح "شهبا" الروماني الذي رمم بعد أن تهدم جزء كبير منه، فتشكل المحافظة على الموقع جزءاً من نهج متكامل للإدارة. ولذا فإنه من الضروري قبول درجة من التغيير التدريجي مع إيلاء الاهتمام الواجب للقيم والأصالة التي صنفت من أجلها هذه المناطق على أنها مناطق محمية. وفي توصية اليونسكو المعنية بحماية المناطق التاريخية ودورها المعاصر (المتفق عليها في نيروبي 1976)، اعتبرت الوظائف الاجتماعية والاستخدام المستمر ذات أهمية جوهرية لصونها. وفي هذا السياق فإن معالجات المحافظة على الموقع تقتصر على حماية المواد الأصلية وتنظيفها وتدعيمها».

مسرح شهبا في العام 1900

ويتابع وصف الاستراتيجيات الواجب حفظها والاستعانة بها للوصول إلى الهدف: «وهناك (التدعيم) وهو الإضافة المادية إلى النسيج الحالي للممتلكات الثقافية أو استخدام المواد اللاصقة أو المواد الداعمة في هذه الممتلكات من أجل ضمان تحملها المستمر أو تكامليتها الهيكلية. وقد يكون لمعالجات التدعيم تأثيرات سلبية إذا لم تنفذ بفهم واضح للانعكاسات المادية القصيرة والطويلة للمعالجة، واحتمال حدوث التغييرات في المعلم الأصلي ومبدأ الانعكاسية. أما (الترميم) فالهدف منه ليس المحافظة على تكاملية المورد فحسب، بل الكشف أيضاً عن قيمته الثقافية وتحسين تصميمه الأصلي. والترميم عملية شديدة التخصص تستند إلى عملية تقييم تاريخية تحليلية، وينبغي ألا تعتمد على الظن والتخمين. وعلى ذلك فإن الهدف من الترميم الحديث (أي الكشف عن الحالة الأصلية في حدود المواد التي مازالت قائمة) يختلف عن الهدف الذي كان سائداً في الماضي والمتمثل في إعادة الأصل من خلال إعادة بناء الشكل المطلوب».

تعدّ إعادة البناء أهم جزء من هذه العملية، حيث وصف الباحث في الآثار "ناجي فيصل" تلك العملية بالقول: «إعادة البناء تعني البناء من جديد، وذلك بهدف إعادة بناء مكونات مفككة الأوصال أو مدمرة أو أجزاء منها. ولا بد أن تستند عملية إعادة البناء إلى توثيق أثري ومعماري دقيق وقرائن وليس إلى التخمين على الإطلاق. وعلى الرغم مما تبين من أن إعادة البناء تشكل استراتيجية ملائمة بعد الكوارث مثل الحرائق والزلازل أو الحروب، فإن سلامته تصبح موضع شك كبير عندما يستخدم كتدبير لتحسين عرض المواقع التراثية. كذلك فإن نقل أحد المعالم التاريخية أو جزء منه إلى موقع جديد يقتضي أيضاً إعادة بناء، ويمكن تبرير ذلك عندما يتبين أنه ضروري من أجل حماية المورد من الأخطار البيئية مثل الفيضانات والتلوث. وينبغي عدم نقل المورد من الموقع الأصلي إلا عندما يكون لذلك مبرر من حيث المصالح الوطنية أو الدولية ذات الأهمية القصوى.

مسرح شهبا حديثاً

وإعادة تجميع الأجزاء تعني تجميع الأجزاء الموجودة وإن كانت مفككة، وتستخدم هذه الكلمة عموماً عند الإشارة إلى الهياكل التي تتألف من مكونات محددة بوضوح، مثل أعمال النجارة أو الأخشاب الجافة، وليس الهياكل الضخمة مثل الجدران الحجرية المكسوة بالبلاط. وتهدف إلى جعل الطابع المكاني لهيكل مدمر أكثر شمولاً من الناحية المرئية من خلال إعادة إقامة شكله الأصلي المفقود باستخدام المواد الأصلية، التي هي في حالة مناسبة وموجودة في الموقع. ولا بد من توجيه العمل على أساس نفس القواعد الخاصة بالترميم وبدعم من قرائن أثرية أكيدة. وعموماً فهذا هو الشكل الوحيد لإعادة البناء المقبول في مواقع التراث العالمي».

الكليبة بعد الترميم