تحت عنوان "الإمام علي عليه السلام.. والحرية" وضمن فعاليات المهرجان العالمي الثامن للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، أقيم في قاعة مسرح التربية بالسويداء مساء الثلاثاء 21/7/2008م ندوة فكرية وبمشاركة عدد من الباحثين والشعراء.

الشيخ "ياسر أبو فخر" قدم كلمة جاء فيها: «أن نقف أمام جبل باذخ من الفصاحة والبلاغة والعقيدة والحرية تجسدت في حياة حافلة بمحطات مثيرة تبعث على التأمل وإدامة النظر في سجل هذا الإمام المبجل ليكون قدوة وأميراً للمثل والمواقف، ومازلنا منذ قرون نقف مشدوهين أمام مسالكه التي باركتها السماء ورعتها النبوة المطهرة، كيف لا وهو لم يركع لصنم ولم يسجد لوثن؟ بل كرمته العناية الإلهية ليكون فارساً للحرية وسيفاً مشرعاً للجهاد وقد تتلمذ في محراب النبوة فاستطال قيماً ودروساً صاغها بعقله وبناها بقلبه، ويكفي هذا الإمام فضلاً أنه أسلم ولم يبلغ الحلم وآخاه رسول الله صلى عليه وسلم مرتين».

كونوا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً الشرف بالعقل والأدب لا بالأصل والنسب

ورأى الدكتور "عوض العر" في محاضرة بعنوان "الحرية الفكرية عند الإمام علي" أن الحرية شغلت العالم عبر التاريخ وسنت لها القوانين وزهقت لها الأرواح وتحدث عنها الأدباء والمفكرون، واقتضت إرادة الله أن تكون من سمات الأمم الكريمة، وإن مصطلح الحرية الذي عبر إلينا من بلاد أخرى يحمل معه آمالاً وآلاما تناغمت معه أصوات الأحرار الصادقين واستغله الانتهازيون الحاقدون، ثم تطرق الباحث لتعريف الحُر في اللغة العربية وهو نقيض العبد. فالإسلام جعل الحرية للإنسان العبد تكفيراً للأخطاء، والحرية في دساتير الدول العربية، وحقائق حرية الفكر والعقيدة في الإسلام باعتبار كرامة الإنسان أساساً في التعامل معه بغض النظر عن دينه أو جنسه أو لونه ثم أفرد الباحث لحرية الفكر والاعتقاد في فكر الإمام علي بن أبي طالب عندما عارضه الخوارج فاعترف لهم بحقهم في حرية الاجتماع، وكان فحوى كلامه أنكم أحرار طالما لم تجردوا سيوفكم، لتفرضوا نظريتكم على الآخرين!.. ومن شروط الحرية عنده: لا تسلب حرية إنسان في الإسلام ضمن الحدود المعتبرة للمجتمع، يجب تبصير الإنسان بحقوقه وواجباته، تمارس الحرية في نطاق المصلحة العامة، تكافل الفرد والمجتمع ضمن مفهوم الحرية، مختتماً حديثه بالدعوة لتدبر فكر السلف الصالح الحفاظ على ذرارينا وعلى أمتنا العربية والإسلامية حاضراً ومستقبلاً والمساهمة مع الإنسانية في التقدم والتحرر

الشيخ "كميل نصر" قدم بحثاً بعنوان "حرية الإنسان محور الحياة" تعرض فيه لذكرى مولد الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه والقدوة الحسنة في خلقه ومنهجه وسلوكه وسماحته، مبيناً أن الناس سواء في حق الحياة بكرامة وحرية وعدل ومساواة ثم تطرق لكتابه نهج البلاغة وقوله: «إياك وكل عمل ينفر عنك حراً أو يذل لك قدراً»، وإن أدبيات الإمام علي انطلقت من: أن أخلاقية الدين الإسلامي تسع جميع أبناء الإنسانية، وما يؤكد أن موضوع الحرية في فكره من أهم المواضيع وحرصه على أن يكون الإنسان حراً في عقيدته وفي عبادته وفي تفكيره وأنه اكتشف مركزاً على الجانب الإيجابي في الإنسان، الله جعل حقوق الإنسان وحريته أمانة في أعناق المؤمنين فأكد الإمام علي أنه: «لا يمكن لعقيدة تحترم عقل الإنسان ألا تحترم حريته»، والعقل من دون حرية عقل ملغى ومعطل! وقول النبي محمد (ص) فيه: «يا علي أنت أول المؤمنين إيماناً، وأول المسلمين إسلاماً، أنت مني بمنزلة هارون من موسى!..»، وأَضاف الشيخ نصر أن سيرة الإمام علي تعد ملتقى رحباً وغنياً لكل من شأنه أن ينتمي إلى الإنسانية فما أجمل قوله (ع): «كونوا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً الشرف بالعقل والأدب لا بالأصل والنسب»، و«لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً»، واختتم حديثه بالقول: لنجتمع تحت الثوابت الأصيلة التي تجمع ولا تفرق مهما تعددت طقوس وعبادات المتعبدين فإنهما مظاهر متعددة لحقيقة واحدة هي (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له) وهدفنا مقدس: الحفاظ على اللحمة الوطنية في وطننا سورية وطن الأمن والأمان والشموخ.