لم تكن الندوة التي أقامتها الجمعية "العلمية السورية للمعلوماتية" في "السويداء"؛ عن قانون "الجريمة المعلوماتية" عادية في توقيتها وظروف إقامتها، ونوعية الحضور، خاصة أنها الندوة الأولى منذ صدوره، وهي محاولة لمواكبة التطورات المتسارعة في العالم، وردم فجوة السنوات الست التي مضت على إصدار القانون.

مدونة وطن "eSyria" المحتوى الرقمي السوري الأول، كانت حاضرة بتاريخ 12 كانون الثاني 2019، لمتابعة فعاليات الندوة التي غصت بالمهتمين من تربويين ورجال قانون وإعلاميين وخبراء، حيث تحدث مدير مشروع المحتوى الرقمي في الجمعية، ومدير الندوة الإعلامي "حسين الإبراهيم" عن العلاقة مع المحتوى الرقمي بكل أبعاده، موضحاً بالقول: «حوّلنا وسائل التواصل إلى مكان للثرثرة من دون أن نستفيد منه، فهناك من يغني المحتوى الرقمي، ونحن بعيدون عنه ولا ننتج شيئاً. حيث أصدر القانون رقم 17 لعام 2012 المتعلق بالجريمة المعلوماتية، وبات لزاماً مناقشته، خاصة أن التطورات التكنولوجية منذ ذلك التاريخ حتى الآن شاسعة، وهذه الندوة خطوة لكي نتابع الطريق نحو باقي المحافظات، من أجل وضع توصيات واقتراحات يستفيد منها المشرّع، وتكون عوناً للمجتمع السوري حتى يتعرّف بأسلوب واضح إلى القانون».

بعد خمسة أشهر عادت ثلاث دعوات كان يتولاها من دون بت، لأن الشخص المدعى عليه غير معروف، حيث طالب بوسائل حديثة واختصاصيين لكشف الانتهاكات والجرائم، لأن ذلك يؤدي إلى حالة استقرار في المجتمع

فيما أكد المحامي "جلال فليحان" أن المشرع السوري أصدر العديد من القوانين المتواترة، مثل: القانون 108 الخاص بالإعلام، وقانون مكافحة الإرهاب، وقانون الحماية الفكرية، والقانون رقم 17 لعام 2012 المتعلق بالجرائم الإلكترونية، وأضاف: «إن وسائل التواصل الاجتماعي فتحت الطرق لمعرفة العالم الخارجي والتعرّف إلى ثقافاته، وفتحت الباب أمام الإبداعات للذين يرغبون، لكنها في الوقت نفسه فتحت الباب للجرائم الإلكترونية، فغياب الرقابة، وانعدام المسؤولية، وكثرة الإشاعات، والمبالغة في نقل الحدث، والافتخار بارتكاب الجريمة الإلكترونية من ضمن ذلك، وأدت هذه الوسائل إلى عزل الشباب عن واقعهم، وانعدام الخصوصية.

الحضور المتفاعل لمعرفة القانون

فهناك العديد من الجرائم؛ كانتهاك الحياة الخاصة، والقدح والذم أو التهديد، وهي من الجرائم التقليدية. أما الجرائم المستحدثة، فهي الدخول غير المشروع إلى منظومة معلوماتية، واستخدام البرمجيات الخبيثة، والحصول على معلومات بأسلوب الاحتيال، وغيرها، ولكل جريمة عقاب في القانون».

ومن ضمن السلبيات التي ذكرها المحامي "غسان غرز الدين" البطء في البت بالقضايا، وأضاف: «بعد خمسة أشهر عادت ثلاث دعوات كان يتولاها من دون بت، لأن الشخص المدعى عليه غير معروف، حيث طالب بوسائل حديثة واختصاصيين لكشف الانتهاكات والجرائم، لأن ذلك يؤدي إلى حالة استقرار في المجتمع».

المحاضرون في الندوة

وفيما يتعلق بالقانون وعلاقته مع الصحفيين، شرح القاضي "سالم دقماق" رئيس محكمة بداية الجزاء في "دمشق" الكثير من التفاصيل المتعلقة بالقانون، واللبس الذي يقع فيه الصحفيون بالقول: «هناك فرق بين المواقع الإلكترونية والصفحات الشخصية، كما أن هناك فرقاً بين الصحفي والمواطن العادي. إن الدستور السوري كفل حرية الصحافة، لكن على الصحفي أن يعلم أن "سورية" ليست "أميركا"، وملاحقة المسؤولين مثلاً وانتهاك خصوصياتهم يعرضه إلى القانون والمساءلة، ويفضّل أن يكون الصحفي تابعاً إلى مؤسسة وينشر فيها. وقريباً سوف نحصل على مخبر حديث عالي الدقة لمتابعة الأدلة الرقمية».

المهندس "ذياب الحمد" رئيس قسم الأدلة الرقمية في فرع مكافحة الجريمة، أكد أن جرائم المعلوماتية الحقيقية حجمها قليل، وأن 85% من القضايا تتعلق بالسب والشتم، وانتهاك الحياة الخاصة والابتزاز المالي والجنسي، موضحاً أن 90% من الأدلة تعتمد على الأجهزة الخلوية، والحاسوب الشخصي، فيما يبقى 10% للأدلة التقليدية، وهذا يؤكد مدى ما تفعله التكنولوجيا».

المهندس أسعد بركة رئيس الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية

"موسى عبد النور" رئيس اتحاد الصحفيين، أوضح أنهم حاولوا في الاتحاد التخفيف من حضور الصحفيين إلى المحاكم، والقانون رقم 17 لعام 2012 لم يضيق على حرية الصحافة كما يدعي بعضهم، وأضاف: «هناك محظورات للنشر، نعم هناك مسؤولية تحتم على الصحفي تأجيل نشر المعلومات، لأنها قد تتسبب بضرر كبير على الوطن والمواطن، والالتزام بالقانون شيء أساسي، وهو ما يجب أن يعلمه الصحفي، فإذا كتب على صفحته الشخصية أو صفحة غير معتمدة وأخطأ، يقع تحت جرم المحاسبة. نحاول حماية الصحفي من خلال تعديل القوانين، لكن في قانون الإعلام لا يوجد سجن لصحفي، وإنما هناك غرامات».

وختم "عبد النور" مداخلته بالتأكيد على سيادة القانون، فلا أحد يعطي الضوء الأخضر لأحد، هناك مهنية وقانون، ولا أحد يحمي الخطأ.