عملت "جمعية المجتمع المحلي" في "السويداء" على تلبية احتياج مرضى سوء الامتصاص في المحافظة من مادة الخبز الخاص بهم، في تجربة اجتماعية رائدة تمثلت بمشروع مخبز خاص لمرضى سوء الامتصاص.

بالمواصفات المطلوبة

تقول "رهام أبو الفضل" المديرة الإدارية للمشروع إن الأخير تمت دراسته على ضوء احتياجات المجتمع، وهو تتمة لمشاريع الجمعية التي حاولت إنتاج أفكار تعود بالنفع على أكبر شريحة من الأهالي، ليكون منفذ إنتاج وبيع لمنتج مطلوب بمواصفات صحية مدروسة، مضيفة بالقول: «عندما نبحث عن مشروع لا بدّ من تقييم الدائرة المستفيدة من خدماته حيث كانت رؤية الجمعية تأسيس مشروع قادر على استيعاب عدد جيد من العاملات والعمال، وتأمين فرص عمل بمجال يحتاج للكثير من المهارة والإبداع، إلى جانب ابتكار أفكار جديدة بعيداً عن استنساخ مشاريع قديمة لسيدات وأشخاص يعملون على الأرض».

التجربة بدأت بتدريب عدد من النساء على طريقة التعامل مع دقيق الذرة وحساسية هذا الدقيق للحرارة وطرق العجن والوقت بما يضمن إنتاج خبز جيد وقابل للحفظ لعدة أيام

وتتابع "أبو الفضل": «يستهدف المشروع شريحة من مرضى سوء الامتصاص، وحاجتهم اليومية لمادة الخبز من دقيق الذرة الصافي، دون إضافات وبمواصفات محددة للطعم والشكل، حيث أنجزت الدراسة وتم الحصول على تمويل من دائرة العلاقات المسكونية والتنمية، بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لضمان الحصول على معدات حديثة واحتياجات الإقلاع بالعمل».

من عمل المخبز

شيئاً فشيئاً

رهام أبو الفضل

وتشير مديرة المشروع إلى أن الفكرة بدأت أولاً بتوزيع الخبز، ليتطور المشروع ليصبح مخبزاً ومطبخاً لمنتجات دقيق الذرة، كالحلويات والفطائر وأنواع من الطبخات حسب الطلب، خاصة أن مادة خبز الذرة غير متوافرة بالمدينة، ويعاني المرضى وذووهم من صعوبة كبيرة في الحصول عليها، وكان خيار كثير منهم تعلّم طريقة الخبز لتلبية حاجة المريض مع العلم أن ثمة صعوبة في العمل تبعاً لصعوبة الحصول على الدقيق والتعامل معه لإنتاج خبز بنوعية جيدة.

وتقول "أبو الفضل": «حرصنا على تدريب العاملات ليكون المنتج وفق المقاييس الصحية، وتم تدريبهن على التعامل مع الدقيق ومواصفاته بدورة متخصصة تطوعت فيها "رفيقة الحلبي" وهي خبيرة بهذا النوع من الدقيق، وتطوعت أيضاً "رانيا الحجار" بتدريب ليوم واحد كونها تعلمت الخبز لتقدمه لأحد أفراد أسرتها.. وهكذا انطلقت عملية الإنتاج بكميات قليلة في البداية، ولم يتم عرض المنتج إلا بعد التأكد من جودته، ليتم العمل وتقديم المادة للمستهلك ومتابعة عملية التدريب للعاملات على أنواع من الحلويات والفطائر، لتكون متممة للمشروع، مع التركيز على أنواع جديدة في حال وجدت طريقها للسوق، وهذا ما يفيد في تنويع الخيارات أمام المرضى والمهتمين».

فرص عمل

بدورها تحدثت "منى الشومري" وهي التي أدارت مخبز نساء قرية "سهوة بلاطة" لعدة سنوات، واحترفت مهنة الخبز العربي، وكلفت مشرفة للمخبز بالقول: «التجربة بدأت بتدريب عدد من النساء على طريقة التعامل مع دقيق الذرة وحساسية هذا الدقيق للحرارة وطرق العجن والوقت بما يضمن إنتاج خبز جيد وقابل للحفظ لعدة أيام» وتضيف: نحاول التعريف بمنتج المخبز في القرى المحيطة وفي مناطق أخرى مع بقية كوادر المخبز المؤلف من ثماني نساء وجدن في المخبز فرصة عمل مناسبة، لما يمتلكن من مهارات، ووفق دراسة الجمعية للأفراد الأكثر حاجة للعمل.

وتبين "عبير الميمساني" وهي أم لشابتين من مرضى سوء الامتصاص ولديهما حاجة يومية لخبز الذرة، أنها تعرفت على المخبز من خلال شبكات التواصل الاجتماعي وزارت المخبز، واشترت أول ربطة خبز للتجربة واستمرت بالشراء مرتين أو ثلاث مرات بالأسبوع الواحد، وقد ناسب المنتج صحة بناتها ولم تظهر أي أعراض صحية جانبية، معربة عن أملها في دعم مثل هذه المشاريع من قبل الحكومة للتخفيف قدر الممكن من الأعباء عن الأهل خاصة أن المشروع خيري وخصص لتشغيل عدد من العاملات.

بحاجة للدعم

وبسؤال "رهام أبو الفضل" عن التكلفة وإمكانية خفض سعر المنتج قالت: «الخبز المخصص لمرضى سوء الامتصاص له شروط ومواصفات علمية محددة أولها خلوه من "الغلوتين" ومجموعة مواصفات تجعلنا ملزمين بنوع محدد من الدقيق، وعليه لا يمكن لنا أن نستبدله بأنواع أقل تكلفة.. ما نحتاجه من وجهة نظري نوع من الدعم لضمان الحصول على الدقيق بتكلفة أقل لضمان استمرار العمل وتأمين أجور العاملين، مع العلم بأن مخبزنا هو الأول في المحافظة ولدينا عدد كبير من مرضى سوء الامتصاص وهم بحاجة ماسة للخبز ».