تعدّ عادة (ردة الإجر) للعروس في "جبل العرب" من العادات العربية القديمة التي ما زالت قائمة ومستمرة حتى اللحظة، وهي تتضمن مجموعة من الأهازيج والأغنيات المكملة لمراحل الزفاف، وتنتهي بعودة العروس إلى بيت أهلها مع عائلتها الجديدة.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 2 شباط 2019، التقت الباحثة التراثية "ربيعة غانم" رئيسة مكتب التراث في مديرية ثقافة "السويداء"، وبينت بالقول: «تعدّ عادة (ردة الإجر) من العادات العربية الأصيلة التي اعتمدها أبناء "جبل العرب" ضمن تجسيد تقاليد وأعراف مهمة بحياتهم اليومية؛ لما تحمله تلك العادات من تثبيت الروابط الاجتماعية والإنسانية وبناء أسرة تكاملية قائمة على الاحترام المتبادل في خلق علاقة تحمل قيم الالتزام بتلك المنظومة، حيث تتم (ردة الإجر) ومعناها زيارة أهل العروس لبيت ابنتهم الجديد أو صهرهم، وهي مرحلة تأتي بعد مرحلة حفلة العرس أو الزفاف، وأغلب الأحيان تكون بعد أسبوع أو أسبوعين من تلك المدة، إذ في المرحلة الأولى يتم ترديد مجموعة من الأهازيج تؤديها عدة فتيات بمصاحبة الدفوف الكبيرة أو ما يسمى "المزاهر" المزينة بنقوش جميلة في أغلب الأحيان، حيث يرددن:

لعل الظروف الحالية وتطور الحياة وتقنيات العصر فرضت على المجتمع عادات جديدة من حيث ضيق السكن، واقتصار ممارسة تلك الطقوس بتفاصيلها على أهازيج محددة أثناء دخول زيارة أهل العروس إلى بيت العريس؛ أي (ردة الإجر) في المرحلة الأولى فقط، وهي عادة محببة تتم فيها دعوة الأقارب والصحب لزيادة الروابط الاجتماعية وتمكينها ومعرفة الأنساب فيما بينهم، والوقوف إلى جانب بعضهم في الملمات والأحداث الجارية، وتلك العادة المحببة اختصرت كثيراً من التفاصيل، لكنها تراثية بامتياز، ومازال بعض أبناء القرى الريفية يعملون بها بأسلوبها المعتمد

"بالورد والحنة رشوا الوسايد

الباحث الدكتور أسعد منذر

بالورد والحنة ياخذ ويتهنى

قولوا للعريس ياخذ ويتهنى"

رقصة العروس

وهنا دلالة الاتفاق بين العروسين، والتمني للحياة الجميلة للقادم لهما من السنوات. وأثناء تلك المرحلة يطلب الحاضرون رقصة للعروس، حيث تتم على أنغام وألحان معينة، فتقف العروس بثوبها المخملي في منتصف المضافة صامتة خجولة من دون حركة، ثابتة في مكانها، يغطي رأسها منديل أبيض، وتبدأ النسوة ترديد أغنيات، منها:

"قومي ارقصي يا نخلة البستاني يا كويسي يا ست ع النسواني"».

ربيعة غانم

وتابع الباحث الدكتور "أسعد منذر" مراحل (ردة الإجر) بالقول: «تأتي المرحلة الأخرى، وهي (ردة إجر) العروس لبيت أهلها؛ أي تقوم برد الزيارة، وفي هذه المرحلة يقوم أهل العريس بدعوة الأقارب المقربين؛ أي الأرحام فقط ويأتون إلى منزل والد العروس مع العروسين، وهنا يدخلون وهم يرددون مع عزف على الدف:

"شالت شالت شالت حمل جرتها وشيالت

شالت شالت شيلت ردي الكذلة ميلت"

ويغنّون باسم العروس، وكأنها تستذكر سنوات خلت من عمرها قبل أن تصبح زوجة:

"الأهل يا الأهل ويا محلا لياليكم

يا محلا النومي بفيّة علاليكم

يا محلا الشربة من ميّة خوابيكم"

وهي دلالة على الحنين والاشتياق لرؤية الأهل والأشقاء والسنوات التي قضتها في منزل والدها. وبعد استكمال مراسم الاستقبال والقيام بواجب الضيوف من المناسف العربية للرجال والنساء، يذهب أهل العريس؛ تاركين العروس ليومين أو أكثر، وبعضهم تذهب العروس معهم لتبدأ حياة طبيعية، لكن عند الوداع يبدأ الضيوف بأغنية لدى مغادرتهم:

"عن إذنكن يا بو محمد عن إذنكن

إن شاء الله معقب للمعاوز عندكن"

وتتابع الصبايا والنساء:

"يخلف عليكن كثر الله خيركن ما عجبنا يا مناصب غيركن"

وأغنيات البنات السابقة تغنى بمصاحبة الدفوف الكبيرة، والصبايا يجدن الضرب والتوقيع عليها، وبصورة عامة، فالآلات التي نستعملها في الأغنية الشعبية وأثناء الزفاف قليلة، وهي محصورة بآلات الربابة، والمجوز، والشبابة، والدف بنوعيه الصغير والكبير».

وأشار "منذر" إلى أن تطور الحياة أدخل إلى تلك العادة بعض التعديلات في التفاصيل، موضحاً ذلك بقوله: «لعل الظروف الحالية وتطور الحياة وتقنيات العصر فرضت على المجتمع عادات جديدة من حيث ضيق السكن، واقتصار ممارسة تلك الطقوس بتفاصيلها على أهازيج محددة أثناء دخول زيارة أهل العروس إلى بيت العريس؛ أي (ردة الإجر) في المرحلة الأولى فقط، وهي عادة محببة تتم فيها دعوة الأقارب والصحب لزيادة الروابط الاجتماعية وتمكينها ومعرفة الأنساب فيما بينهم، والوقوف إلى جانب بعضهم في الملمات والأحداث الجارية، وتلك العادة المحببة اختصرت كثيراً من التفاصيل، لكنها تراثية بامتياز، ومازال بعض أبناء القرى الريفية يعملون بها بأسلوبها المعتمد».