تحولت مبادرة أحد المغتربين إلى فكرة اجتماعية كبيرة، تبناها عدد من شبان مدينة "شهبا" للوقوف مع طلاب العلم في مسيرتهم الشاقة نحو تحقيق الحلم والحصول على الشهادات العليا، على أن تحمل صفة الديمومة، وتمثّل خط الأمل الأول لشباب المستقبل.

بدأت القصة لإنقاذ مجموعة ليست قليلة من الشبان الحاصلين على الشهادة الثانوية العامة من قسوة الظروف المادية القاهرة التي يمرون بها نتيجة الحرب، وكانت الثقة المفتاح الأول لاستمرارها ونجاحها، حيث يقول الناشط في المجتمع المدني، ومؤسس منظمة "بيتي أنا بيتك" "سامر دنون" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 23 تشرين الأول 2017، عن بداية المشوار في دعم طلاب الجامعات: «أحد الشباب المغتربين، ويدعى "خلدون صيموعة"، ونتيجة ثقته بمهنية عمل المجموعة وشفافيتها خلال خمس سنوات، طلب أن يتكفل بخمسة طلاب جامعيين حتى إكمال دراستهم وتخرجهم.

نجزم أن وطننا الأم "سورية" لا يبنيه غير أبنائه، والعلم هو الذي يعلي ما تهدم، ودورنا مكمل. أنا من مدينة "شهبا"، التي تجمع بين طياتها المحبة والصدق، والفكرة في هذا المشروع دفعتني لكي أسدد جزءاً من محبتي لمدينتي على الرغم من عدم معرفتي بالطلاب، أو مكان سكنهم قبل أن أتواصل مع لجنة الطلاب، المهم أن هذا المبلغ المتواضع يساهم في مساعدة الطلبة على تجاوز الظروف الصعبة

وكان من ضمن أهدافنا أساساً الاهتمام بالشباب والعمل على دراسة قضاياهم والدفع باتجاه إيجاد الحلول لمعاناتهم، ناهيك عن إدراكنا أن التعليم هو الخط الدفاعي الأخير عن الوطن، وهو الميدان الذي تضرر كثيراً بسبب الحرب وتداعياتها.

سورية الجميلة كما رسمها الأطفال

عملنا على تكوين لجنة طلابية لتطوير هذه المبادرة من خلال تحويلها إلى برنامج ووضع الآلية المناسبة لها، وكان من مهامها التواصل عبر السبل المتاحة للبحث عن مستفيدين (طلاب جامعة محتاجين)، وتنظيم استمارة لهم تتضمن كل المعلومات الشخصية، والدراسية، والأسرة، ووضع السكن، والدخل السنوي، وغيرها.

وصمّمت اللجنة برنامجاً خاصاً على الحاسوب لتوثيق معلومات الاستمارات، حيث يقدم إمكانية استحقاق الطالب، ودرجة الاستحقاق، وقيمة المنحة الشهرية، ثم تبدأ عملية البحث عن متبرع ليتكفل بتقديم المنحة الشهرية للطالب حتى تخرجه إذا أمكنه ذلك، حيث تتم هذه العملية بين المتبرع والطالب مباشرة، أو من خلال لجنة الطلاب.

أعمدة شهبا الخالدة

بالمقابل يوقع الطالب على تعهد خطي، وهو تعهد أخلاقي وأدبي، وليس قانونياً، بأنه عندما يتخرج ويصبح في سوق العمل، يجب عليه تدريس طالب جامعي آخر، حتى لو كان أخاه».

على الرغم من ثقل الحمل بسبب الوضع الاقتصادي، والحرب المستمرة منذ سبعة أعوام، إلا أن المغتربين كانوا السند الذي ساهم بنجاح المشروع، وحمل عدد غير قليل منهم أكثر من طالب طوال مدة الدراسة، وكان منهم المغترب في الولايات المتحدة الأميركية "بشير الحرفوش"، حيث قال: «نجزم أن وطننا الأم "سورية" لا يبنيه غير أبنائه، والعلم هو الذي يعلي ما تهدم، ودورنا مكمل. أنا من مدينة "شهبا"، التي تجمع بين طياتها المحبة والصدق، والفكرة في هذا المشروع دفعتني لكي أسدد جزءاً من محبتي لمدينتي على الرغم من عدم معرفتي بالطلاب، أو مكان سكنهم قبل أن أتواصل مع لجنة الطلاب، المهم أن هذا المبلغ المتواضع يساهم في مساعدة الطلبة على تجاوز الظروف الصعبة».

وتحدث المربي "عماد الخطيب" عن الفائدة من التعهدات الموقعة مع الطلبة بالقول: «اليوم أصبح لدينا عدد لا بأس به من المستفيدين، وعدد من نوارسنا المهاجرة الداعمين، ولدينا اليوم نحو 25 طالباً يتم البحث لهم عن متبرعين.

والفائدة من التعهد الموقع بيننا وبين الطالب هو ألا يشعر أن هناك من يعطف عليه، وأن هذا المبلغ دين من المجتمع، ويجب أن يرده، والفائدة الثانية من التعهد أن يعطي سمة الاستدامة للبرنامج من خلال هذه المتوالية.

وتتوقف المنحة في حال رسوب الطالب لأسباب غير قاهرة، أو توقف المتبرع لسبب ما، أو قيام المستفيد بأي سلوك منافٍ للأخلاق والقيم الاجتماعية والإنسانية».