يعمل أهالي الجبل على تأمين البروتين الحيواني في مخازنهم كمؤونة للشتاء، وباتت عادة اجتماعية متوارثة منذ القديم، ومازالت مستمرة إلى يومنا هذا كطقس متوارث يبدؤون به في شهر آب، ويستمر حتى نهاية أيلول من كل عام.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 1 آب 2017، التقت الإعلامي "عصام الأعور" للحديث عن هذه المؤونة، فقال: «مؤونة الشتاء هي طاقة، ولا بد من توفير البروتين لتأمين تلك الطاقة، وقد ساد سابقاً ولاحقاً عادة ذبح "المعاليف" بعد تسمين "أغنام العواس"، والحصول على اللحوم على مدار العام بطريقة حفظ لحومها في خزائن مبردة، وثمة طرائق عديدة ومختلفة لحفظ الأغذية للاستخدام المنزلي، وقد برع أهلنا منذ القديم بهذه الطرائق بأسلوب علمي وتقني، لكن بطرائق بدائية، ونحن توارثناها منهم، ولا تزال حاضرة إلى يومنا هذا.

مؤونة الشتاء هي طاقة، ولا بد من توفير البروتين لتأمين تلك الطاقة، وقد ساد سابقاً ولاحقاً عادة ذبح "المعاليف" بعد تسمين "أغنام العواس"، والحصول على اللحوم على مدار العام بطريقة حفظ لحومها في خزائن مبردة، وثمة طرائق عديدة ومختلفة لحفظ الأغذية للاستخدام المنزلي، وقد برع أهلنا منذ القديم بهذه الطرائق بأسلوب علمي وتقني، لكن بطرائق بدائية، ونحن توارثناها منهم، ولا تزال حاضرة إلى يومنا هذا. هذه الطريقة قلّت كثيراً، وأصبحت نادرة في المحافظة، خاصة مع تطور طرائق التبريد وتوافر اللحوم في أي وقت، إلا أن هذا التقليد عاد وحضر بقوة على أرض الواقع، وأثبت جدارته بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها، خاصة مع انقطاع الكهرباء وضعف القدرة الشرائية، لكن ربما السؤال الأهم في الغاية والحكمة من ذلك

هذه الطريقة قلّت كثيراً، وأصبحت نادرة في المحافظة، خاصة مع تطور طرائق التبريد وتوافر اللحوم في أي وقت، إلا أن هذا التقليد عاد وحضر بقوة على أرض الواقع، وأثبت جدارته بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها، خاصة مع انقطاع الكهرباء وضعف القدرة الشرائية، لكن ربما السؤال الأهم في الغاية والحكمة من ذلك».

الأستاذ عصام الأعور

وتابع: «بالعودة إلى التسمين وتربية المعاليف يتم تحقيق أهداف عديدة، أهمها الاكتفاء الذاتي الذي يعود بفوائد كثيرة على الأسرة، منها توفير مادة اللحوم، وخاصة البروتين الذي تحتاج إليه الأسرة على مدار العام، وإدخالها في أي عملية طهو تحتاج إلى اللحم، كما يمكن تناولها بمفردها. والجدير بالذكر، أن هذه العملية تحقق الوفر المادي للأسرة، ويمكننا القول إنها تدعم الاقتصاد المنزلي دعماً كبيراً، وتقليد تربية المعاليف له نكهة اجتماعية خاصة خلال مرحلة التربية والتسمين ومنافسة المربين فيما بينهم على جودة التربية وصولاً إلى موعد الذبح مع نهاية الشهر التاسع من كل عام بنكهة اجتماعية خاصة تجمع الأسرة والأقارب والأصدقاء، ونحصد خلالها ثمار الود والألفة والمحبة، وتتلخص طريقة حفظ لحوم المعاليف من خلال فرم اللحمة الحمراء والبيضاء فرماً خشناً، ثم توضع في وعاء كبير وتغلى حتى النضج، تضاف إليها كمية كافية من مادة الملح لحفظها، ثم تبرد وتوضع في أوعية خاصة صالحة لحفظ الأغذية، ولا ننسى أيضاً أكلتي "الفوارغ والعظامية" الناتجتين من المعاليف، اللتين تحفظان أيضاً بطريقة التجفيف، وتعد "العظامية" أكلة شعبية لذيذة مطبوخة مع القمح، وتسمى "هريسة العظم"».

وحول تأمين البروتين الغذائي ذي الطاقة الجسدية العالية، أوضح "نواف كيوان" المهتم بقضايا التراث والتاريخ الاجتماعي قائلاً: «بسبب طبيعة المنطقة الجغرافية في "السويداء" ومناخها الشتوي البارد، نحن بحاجة إلى طاقة كبيرة، ففي قرى عديدة كانت سابقاً تغطى بالثلوج، وكانت تتم مساعدة أهلها بعد أيام لفتح الطرق إليها وتوفير الإمدادات لها، مثل قرية "سالي"، وهذا ما يتطلب من أهالي القرية خلال فصل الصيف توفير المؤونة الشتوية من المواد الغذائية وخاصة البروتين، وبالفعل تراهم يعملون على تربية "المعاليف" وذبحها ووضعها في مخازن مبردة، ولديهم طرائق تخزينية تجعلهم يعملون على تأمين موادهم وحفظها من العوامل البيئية بأسلوب حضاري، لكن مادة البروتين أو اللحوم الحمراء يتم استخدامها في أكلات شتوية، مثل: "الكشك، والشيش برك، والمعكونة بالكشك"، والكثير غيرها. والأهم أثناء ذبح "المعاليف" هناك أكلات شعبية، مثل: "العظامية، أو هريسة العظم، والغمة، والمقادم"، وهي مرافقة بعد تصفية اللحوم الحمراء والبيضاء منها، وهذه الطريقة تعني تأمين الأمن الغذائي وخاصة البروتين الحيواني طوال العام، وهذه العادة الاجتماعية ما زالت حاضرة حتى تاريخه، إذ في كل عام يذهب الرجال إلى الأسواق إن لم تكن لديهم قدرة على تربية الأغنام لشراء كميات وفيرة وفق الاحتياج العام للأسرة».

الأستاذ نواف كيوان
صاحب "المعلوفة"