يسعى المجتمع إلى ربط طفل التوحد بالمحيط الاجتماعي، ويعمل على تميزه التعليمي، وتقبل الآخر من خلال دمجه بالمحيط، والاستفادة من الإبداع الذي ينتج بحالات عديدة.

حول التوحد وعلاقة طفل التوحد بالأسرة والمجتمع؛ مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 3 نيسان 2016، التقت الأستاذ الدكتور "كمال بلان"؛ الذي بيّن قائلاً: «تنحصر مشكلات طفل التوحد في مفهوم العلاقة بين المرض والمحيط الاجتماعي والبيئة الاجتماعية، إذ يعيق عمليات الاتصال والتعلم والتفاعل الاجتماعي، ويسمي بعضهم طفل التوحد المنطوي على ذاته، حيث إن الخلل المحوري في التوحد هو عجز في القدرة على تعامل الآخرين معه، لكن لحسن الحظ لا يقع هؤلاء خارج مجال الاتصال الانفعالي بالآخرين والتودد إليهم وخاصة الأسرة، إذ إن معرفتهم والعمل معهم فيه كثير من التحدي الذي يتمخض عن انتصارات واضحة في مجال التكيف، وهو دليل على القدرة في الانسجام وعدم الابتعاد، كما يعود ذلك إلى الأسرة وما تمتلكه من وعي في التعامل معه، ويعرف الطفل المنغلق أو المصاب بالتوحد بأنه طفل غير قادر على إنشاء العلاقات الاجتماعية مع الآخرين، فهو لا يتواصل بصرياً، ويكون مشغولاً بذاته ولا يعنيه ما يجري حوله، وهو في الوقت نفسه يعاني اضطراباً في التواصل اللغوي، فلا يستجيب إلى الاستجابات المطلوبة أو المتوقعة من طفل في مثل سنه سواء أكان ذلك من حيث الأداء أم من حيث اللغة أم من حيث الاستجابات الانفعالية، لكن الاندماج مع أفراد الأسرة والمجتمع يجعل نسب الانفعالات لديه تضعف شيئاً فشيئاً».

ضمن برامج الدعم النفسي والسعي إلى خلق التماهي بين السلوك النفسي ومعالجة الاضطرابات النفسية لدى طفل التوحد، بالتعاون بين الأسرة والمدرسة ومراكز التأهيل، خاصة أن هناك حالات من التوحد أثبتت وجود حالة إبداع لديها، وهناك تميز وتفوق في مجالات مختلفة، ولهذا كان لزوماً ربط السلوك المجتمعي مع الأطفال المصابين بالتوحد للاستفادة من العالم الذي يعيشونه، إضافة إلى بناء جسر من التواصل في تقبل الآخر بينهم وبين غير المصابين بالتوحد، وهذا الفعل يحتاج إلى تأهيل وتدريب ودورات ومراكز توعية من قبل متخصصين مهتمين ينشرون ثقافة القبول والتلقي والوصول إلى المشاركة في عملية الدمج والعلاقة المستقبلية من دون كلل أو ملل

وتابع الأستاذ الدكتور "كمال بلان" بالقول: «لقد اعتاد علماء النفس والأطباء النفسيون لمدة طويلة من الزمن، النظر إلى الانغلاق على الذات، على أنه ناتج عن عوامل نفسية واجتماعية، إلا أن النظريات ذات المنشأ النفسي قد ركزت على الاضطراب في العلاقة بين الأم والطفل، وكذلك الشخصية الأبوية؛ إذ على الرغم من أن "كينر ليش" من أصحاب الاتجاه النفسي في عوامل الانغلاق على الذات، إلا أنه شدد على الشخصية الأبوية وصفاتها، والدور الذي تلعبه في تكوين هذا الاضطراب، فقد وجد أن الخلل الوظيفي الانفعالي في العلاقة بين الأب والطفل تلعب دوراً مهماً أيضاً، وينتج سلوك الطفل الانغلاقي عن نكران الذات في الدفاع ضد البيئة المضطربة وخاصة الأم، في حين يقول "إيديلسون": إن الطفل المنغلق على ذاته يبدو في سلوكه ردّ فعل على فقدان الحب "الأمومي"، ويعزوه آخرون إلى صراعات ناتجة عن الاعتماد على الأم، وهذه الصراعات لم تجد حلاً إلا بالاندماج مع الآخرين وصولاً إلى نشر ثقافة تقبل الآخر في شتى المجالات، عن طريق مراكز تدريب وتأهيل وحملات توعية أسرية واجتماعية ونفسية إرشادية».

الأستاذ الدكتور كمال بلان

وبيّنت المعلمة "حنان نوفل" بالقول: «عملت التربية الحديثة على خلق علاقة بين أفراد المجتمع ابتداءً من الأسرة مع طفل التوحد، حيث انتقلت من المنزل إلى المدرسة علاقة من خلال الدمج بغية تحقيق هدف سامٍ، وهو بذل جهد كبير من طلاب مصابين بالتوحد، وطلاب غير المصابين أيضاً للتوصل إلى علاقة تشاركية بينهم، حيث يتم العمل على دمج الطفلين وإقامة علاقة بينهما، وفرض سلوك تقبل الآخر بطريقة تربوية حديثة تحمل حس المسؤولية تجاه الآخر من قبل الأطفال، وهذا الفعل القائم يبدأ من الأم أولاً بتعزيز دورها الانفعالي واستخدام دورها العقلاني في مساعدة أفراد المجتمع بذلك، قد يحتاج ذلك إلى جهد كبير وتعب واضطراب، لكننا نحصل على نتائج مرضية اجتماعياً وثقافياً ونفسياً».

المرشدة النفسية "نغم القنطار" أوضحت عن تمتين العلاقة بين طفل التوحد وأفراد المجتمع بقولها: «ضمن برامج الدعم النفسي والسعي إلى خلق التماهي بين السلوك النفسي ومعالجة الاضطرابات النفسية لدى طفل التوحد، بالتعاون بين الأسرة والمدرسة ومراكز التأهيل، خاصة أن هناك حالات من التوحد أثبتت وجود حالة إبداع لديها، وهناك تميز وتفوق في مجالات مختلفة، ولهذا كان لزوماً ربط السلوك المجتمعي مع الأطفال المصابين بالتوحد للاستفادة من العالم الذي يعيشونه، إضافة إلى بناء جسر من التواصل في تقبل الآخر بينهم وبين غير المصابين بالتوحد، وهذا الفعل يحتاج إلى تأهيل وتدريب ودورات ومراكز توعية من قبل متخصصين مهتمين ينشرون ثقافة القبول والتلقي والوصول إلى المشاركة في عملية الدمج والعلاقة المستقبلية من دون كلل أو ملل».

المعلمة حنان نوفل
المرشدة النفسية نغم القنطار