تسلل ذكي للتقنية على الحياة الاجتماعية، وآخرها استعادة "الحوّاط" الذي أوكلت إليه قديماً مهمة النعوة والدعوة إلى ساحة المجتمع، لتحتل مكانه صفحة إلكترونية اجتماعية جذبت آلاف الأشخاص.

الفكرة صممها المصور والصحفي "أكرم الغطريف"؛ مستفيداً من كثافة أصدقائه على شبكات التواصل الاجتماعية ليطلق على الصفحة المعنية بالإخبار عن الوفيات اسم "حوّاط الوفيات"؛ مهمتها بالمعنى الاجتماعي النعوة، تتضمن الإخبار عن الوفاة وموعد الدفن والزمان والمكان وفق العادة الاجتماعية المتبعة، مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 1 شباط 2016، حاولت التعريف بالتجربة من خلال من تابعها واستفاد من خدماتها التي بدأت الانتشار؛ كما تحدث المحامي "معضاد البكفاني" الذي شجع الفكرة وقال: «الفكرة حديثة تنسجم مع التطور التقني الحاصل الذي بات يحتل مساحة واسعة من حياتنا، ومن وجهة نظري وبالمعرفة بالواقع الاجتماعي؛ فهي تخدم فكرة الإخبار والانتشار الأوسع للنعوة تبعاً لعدد الأشخاص المتفاعلين مع صفحات التواصل الاجتماعي، ومن خلال تجارب خاصة فقد كان للصفحة دور في نعوة أقارب لنا وساهمت في تغطية مساحة جيدة تكمل دور المنادي والطريقة الاجتماعية السائدة حالياً. وقد اقترحت على الصحفي "أكرم" العمل على تثبيت الاسم كنوع من الملكية الفكرية لحفظ حقه في تجسيد هذه الفكرة المبتكرة التي تخدم شريحة كبيرة من أفراد المجتمع. وأتوقع لها التطور بحكم الحاجة الماسة إلى هذا النوع من الإعلام المنتمي إلى الحالة الاجتماعية بوضوح، مع العلم بأن تحديث الصفحة يحتاج إلى جهد كبير، وما يقدمه من عمل هو تطوعي بالكامل».

الفكرة حديثة تنسجم مع التطور التقني الحاصل الذي بات يحتل مساحة واسعة من حياتنا، ومن وجهة نظري وبالمعرفة بالواقع الاجتماعي؛ فهي تخدم فكرة الإخبار والانتشار الأوسع للنعوة تبعاً لعدد الأشخاص المتفاعلين مع صفحات التواصل الاجتماعي، ومن خلال تجارب خاصة فقد كان للصفحة دور في نعوة أقارب لنا وساهمت في تغطية مساحة جيدة تكمل دور المنادي والطريقة الاجتماعية السائدة حالياً. وقد اقترحت على الصحفي "أكرم" العمل على تثبيت الاسم كنوع من الملكية الفكرية لحفظ حقه في تجسيد هذه الفكرة المبتكرة التي تخدم شريحة كبيرة من أفراد المجتمع. وأتوقع لها التطور بحكم الحاجة الماسة إلى هذا النوع من الإعلام المنتمي إلى الحالة الاجتماعية بوضوح، مع العلم بأن تحديث الصفحة يحتاج إلى جهد كبير، وما يقدمه من عمل هو تطوعي بالكامل

عن الصفحة يخبرنا مؤسسها المصور والصحفي "أكرم الغطريف" الذي حاول التذكير بمهنة "الحواط" بطريقة إلكترونية، وقال: «عادت بي الذاكرة إلى أربعة عقود خلت؛ كنت صغيراً وكان يطرق بابنا رجل لينعي أحدهم أو يدعونا لحضور حفل زفاف، وكان يطلق على هذا الشخص الناعي أو الداعي "الحوّاط"، وكان هذا الأمر مهنة امتهنها بعضهم لخدمة المجتمع مقابل أجر معين، وأذكر منهم المرحوم "أبو نايف علي البدعيش"، وهذه المهنة كانت مهمة في المجتمع ولا يستطيع القيام بها أي شخص، لأنها تحتاج إلى معرفة بجميع سكان المدينة وعناوينهم، وكانت ترفع عن آل الفقيد أو آل العريس أو أصحاب الولائم على حد سواء الكثير من التعب والجهد، وكان هذا بعد خمسينيات القرن العشرين.

نموذج من منشورات الصفحة

ومنذ عامين حاولت الاستفادة من دخول عالم الإنترنت والصفحات الاجتماعية الإلكترونية؛ من خلال صفحة متخصصة على شبكة التواصل الاجتماعي أسستها بجهود فردية، قمت بإطلاقها في 20 تشرين الأول من عام 2013؛ أسميتها "الوفيات في محافظة السويداء"، وأصبح اسمها الآن "حوّاط الوفيات" لتقوم بمهمة "الحواط" والإخبار عن حالات الوفيات ومواعيد الدفن، وأصبح عدد مرتاديها أربعة آلاف متابع.

وقد دعمت هذه الصفحة بمجموعة منبثقة من حسابي الشخصي على "فيسبوك" وبالاسم نفسه؛ الفارق بينهما الأولى صفحة أما الثانية مجموعة، وأصبح عدد مرتادي هذه المجموعة قرابة ثلاثة آلاف شخص، هذا عدا الموضوعات التي تتم مشاركتها من قبل القراء أنفسهم، حيث حصلت بذلك على شبكة اتصال فوري بين ما لا يقل عن 10 آلاف شخص».

الصحفي والمصور أكرم الغطريف

الانسجام مع تطورات العصر وإيصال الخبر بطرائق أقل تكلفة وأكثر دقة إحدى فوائد الصفحة؛ وفق ما أضاف بالقول: «يحصل الآن عندما تمر سيارة النعوة أن لا يسمع أحدنا من النعوة إلا القليل، والأكثر طرافة، عندما تسأل الموجودين حولك أثناء إذاعة النعوة عن اسم المتوفى؛ كل منهم يذكر الاسم أو الكنية باسم مغاير للآخر، وبذلك قد تكون الصفحة الوسيلة الأسلم للتعريف باسم المتوفى والمواعيد المحددة للدفن، وتسهل على الأشخاص التواصل، وقد حرصت على نشر الفكرة على أكبر قدر من المتابعين، ومن خلالها أحثّ القراء على التواصل الدائم مع الصفحة، والتأكيد على أن ينقل لنا الخبر أحد أفراد العائلة كي يكون موثوقاً ودقيقاً.

فمن المشكلات التي تواجهني في عملية نشر النعوات؛ عدم وصول الفكرة إلى الجميع بأن يقوموا بالاتصال بي وإعلامي بحدث الوفاة من قبل ذوي المتوفى، بل تأتيني من قبل الناعي المكلف بالإذاعة المتنقلة، وأغلب الأوقات يبلغني متأخراً؛ أي بعد أن تتم مراسم الدفن بساعات، وأحياناً يتم تبليغي بطريقة خاطئة، كما جرى معي حيث أبلغني المذيع بوفاة أحدهم وأعطاني تفاصيل مراسم الدفن، وقمت بدوري بنشر "البوست" على الصفحات، وهنا تكمن المصيبة أن الشخص الذي قمت بنشر نعوته ما زال حياً يرزق، لكنه مرض وأسعف إلى المستشفى، وسرت إشاعة بين الناس أنه توفي، فالمشكلة أن المذيع سمع من بعضهم أثناء مراسم دفن شخص آخر أن فلاناً توفي، لذلك هذا الأمر يضنيني كثيراً في الحصول على المعلومة من أصحابها، مع العلم أنه أصبح هناك ثقافة بين العديد من مستخدمي شبكة التواصل الاجتماعي بالاتصال بي وإبلاغي بالحدث، وأنا في مجال بحث لتطوير فكرة إعلان النعوة بطريقة الهاتف المسجل، وما زال المشروع الخيري قيد الدراسة والبحث في الطريقة الأنسب لذلك».

المدرّس نسيب دوارة

الصفحة إضافة إلى الطرائق الاجتماعية السائدة؛ وفق حديث المدرّس "نسيب دوارة" الذي يتابع الصفحة، وقال: «دعيت للانضمام لهذه الصفحة وراقتني الفكرة لكونها تفسح المجال لنشر الخبر بموعده، ولها أثر مهم بالنسبة لشريحة كبيرة من أفراد المجتمع المغتربين الذين تضاعف عددهم خلال السنوات الخمس الفائتة، ليصلهم الخبر بموعده، وهذه قضية لها أهمية كبيرة. ومع علمي بالانتشار الكبير لهذه الصفحة وعدد المتابعين والجهد الكبير المبذول لإعدادها وتقديمها بالشكل المناسب؛ أتوقع أنها ستبقى عملاً متمماً لما هو سائد من تقليد اجتماعي اعتاده الناس خاصة كبار السن، ومن هم بعيدون نسبياً عن الساحة الإلكترونية، لكنها في الوقت الحالي تعد نافذة جيدة تضمن وصولاً سريعاً للخبر، وتكفي نقرة واحدة لمشاركة الخبر مع عدد كبير من الصفحات، وقد يكون هذا الموضوع مفيداً لتجارب قادمة بما يتعلق بالمناسبات الاجتماعية التي ترتبط بشرائح واسعة على ساحة المجتمع».

الجدير بالذكر، أن عدد المتابعين يتزايد يومياً، وهي من الصفحات المتفاعلة مع مجموعات واسعة، ومع كل منشور ترفق أرقام الهواتف وروابط الصفحة التي تحدّث لخدمة المجتمع.