تعد المؤونة عادة اجتماعية من عادات أهالي "جبل العرب" لتفادي صعوبات فصل الشتاء، ويعملون على تحصين أنفسهم بباقة من الأطعمة تقيهم برد الشتاء وتكسبهم طاقة من الحرارة والدفء، ولكن ارتفاع الأسعار تناول المؤونة قبل وجودها.

حول هذه العادة المتأصلة في "السويداء" التقت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 7 كانون الأول 2015، "خليل الفريحات" الباحث في التراث، ومن أهالي مدينة "السويداء" الذي يعتمد على المؤونة بمنزله، فبيّن قائلاً: «يعمد أهالي "جبل العرب" على توفير المؤونة في منازلهم لكونهم يقطنون في منطقة جبلية يكثر في شتائها الثلج؛ وهو ما يمنعهم من الخروج لأيام طويلة خارج منازلهم، وقد عمدوا على نشر هذه العادة الاجتماعية منذ القديم، وأصبحت متداولة بين أفراد المجتمع تحت عبارة "إن شاء الله تمونت"، فيرد المجيب بنعم أو لا، لكن هذا التقليد بات يمثل عبئاً على المجتمع وأفراده حينما يبدأ شهر أيلول الذي يعلن بداية موسم التخزين، مثل موسم "المكدوس، والبرغل، والعدس، والحمص، والكشك، واللبن، ودبس البندورة ومعقود التين والتفاح والمشمش ودبس العنب" وغيرها الكثير، فإن غلاء الأسعار الذي اجتاح الأسواق جعل الكثيرين من الناس يعزفون عن تنفيذ تلك العادة الاجتماعية».

يعمد أهالي "جبل العرب" على توفير المؤونة في منازلهم لكونهم يقطنون في منطقة جبلية يكثر في شتائها الثلج؛ وهو ما يمنعهم من الخروج لأيام طويلة خارج منازلهم، وقد عمدوا على نشر هذه العادة الاجتماعية منذ القديم، وأصبحت متداولة بين أفراد المجتمع تحت عبارة "إن شاء الله تمونت"، فيرد المجيب بنعم أو لا، لكن هذا التقليد بات يمثل عبئاً على المجتمع وأفراده حينما يبدأ شهر أيلول الذي يعلن بداية موسم التخزين، مثل موسم "المكدوس، والبرغل، والعدس، والحمص، والكشك، واللبن، ودبس البندورة ومعقود التين والتفاح والمشمش ودبس العنب" وغيرها الكثير، فإن غلاء الأسعار الذي اجتاح الأسواق جعل الكثيرين من الناس يعزفون عن تنفيذ تلك العادة الاجتماعية

وحول ارتباط تلك العادة بالتاريخ تابع يقول: «تعود تلك العادة إلى تاريخ سكن الجبل؛ حيث يذكر بعض المؤرخين أنه يعود إلى ثلاثة قرون من الزمن، حيث فرضت نتيجة العوامل المناخية التي سادت، فعندما يأتي الثلج تقبع معظم المنازل الجبلية تحته، وعادة يقوم الناس بفتح منافذ على بيوت بعضهم، وهذا الإجراء مازال قائماً في بعض القرى الواقعة في أعالي الجبل، وبالتالي فإن مؤونة الشتاء تُفرض على أفراد المجتمع، لكن ارتفاع الأسعار جعل بعض أفراد المجتمع يعزفون عن القيام بذلك، واكتفوا بما تيسر لهم من المؤونة البسيطة، ولعل هذا الأمر أثر سلباً في ممارسة المجتمع لطقس من طقوسه المعتمدة سنوياً في تأمين مستلزمات الشتاء الغذائية، الأمر الذي فرض عادة مهمة في تطوير المجتمع وهي التكافل الاجتماعي؛ حيث أصبح صاحب المال يمنح جيرانه المؤونة ويعمل على توفير احتياجاتهم بوجه إنساني؛ وهذه المبادرات باتت ملحوظة وواقعية في مختلف المناطق».

الأستاذ خليل الفريحات

وتحدث الأديب والناقد "محمد طربيه" المهتم في التراث الشعبي وعضو اتحاد الكتاب العرب عن هذا الموضوع بالقول: «من المعروف عرفاً واجتماعياً أن القرى التي يكثر فيها تساقط الثلوج تعمل على تخزين مؤونتها خلال فصل الشتاء وذلك التخزين يكفي لقضاء الشتاء من دون الحاجة لشراء الاحتياجات من الأسواق بما في ذلك الطحين، والقيام بصناعة الخبز العربي المحلي أو الفطائر، وهناك أكلات شعبية شتوية مثل: "الشيش برك، والكشك، وشوربة العدس، والمغربية"، وغيرها من الأكلات الشعبية الشهيرة في فصل الشتاء باتت اليوم عائقاً وتغييراً للنمط التاريخي الاجتماعي عند بعض الأسر الفقيرة مادياً؛ لأن ارتفاع تكاليف الإنتاج وأسعار المواد الغذائية خاصة لمن لا يملك أراضي زراعية هو السبب وراء هذا التغيير، فهذا الإجراء مثّل ضغطاً مادياً على الأسر، حتى بدأت المبادرات الإنسانية وإعادة إحياء التكافل الاجتماعي من جديد في المجتمع الواحد، لأن تبادل المؤونة بين أفراد المجتمع وطرح عادة التواصل من جديد خفف من حدة الحاجة؛ وذلك بتداول الناس في يومياتهم: (أن فلان بحاجة إلى طحين، أو مواد معينة من أساسيات الغذاء)، ويعملون على تقسيم مؤونتهم فيما بينهم لتلبية الاحتياجات المحلية، وهذه الثقافة موجودة منذ القدم، لكن تم تفعيلها مؤخراً، لأن الغلاء أكل مؤونة الشتاء من دون وجل».

الأستاذ محمد طربيه
الفلاح يجمع مؤونة الشتاء