اختار عدد من الشابات الظهور في أعراسهن بالزيّ العربي الممثل لجبل العرب، ليعدن إلى الذاكرة تفاصيل قديمة مثّلت ظاهرة على ساحة المجتمع الذي انسجم مع هذه الخطوة لجمالها وبعدها التراثي البديع.

مهندسات طبيبات وشابات عاديات ظهرن في حفلات القران بزيٍّ عبرن عنه أنه حالة من احترام التقاليد والعودة إلى التراث، مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 25 تشرين الثاني 2015، حاورت الباحث "محمد طربيه" لاستبيان رأيه بهذه التجربة التي اختبرتها الشابات في أفراحهن التي قدمت من وجهة نظره نموذجاً للتلاقي بين الشباب والتراث؛ مرجعاً خيار الشابات إلى حالة جمالية ارتبطت بالزي وعلاقة مفعمة بالحنين إلى الماضي الجميل، وقال: «في زمن باتت صيحات الموضة تشغل اهتمام النسبة الأكبر من الشابات نجد ملامح جميلة لأفراح عزفت على لحن التراث، مع العلم أن لدينا سيدات كثر بقين محافظات على ارتداء "البدلة العربية"، لكن عندما تعود شابات متعلمات إلى هذا الزي فإننا نتعامل مع حالة اجتماعية فيها الكثير من الاحترام لزي اقترن بالأمهات والجدات، وحمل عطر تربيتهن لبنات وأمهات المستقبل على تقليد البيئة الجبلية التي تحترم هذا الزي الحامل لتفاصيل مكملة للحشمة والوقار، وإذا طالعنا الزي نجد فيه الكثير من تفاصيل الجمال والتميز؛ وهذا من وجهة نظري قدم للعرائس صفات جمالية إضافية جعلت من العروس مركز الظهور والزينة، والحالة الأجمل أن هؤلاء الشابات رغبن بالظهور بمظهر الوقار وذلك في حضرة رجال الدين الذين لا يتم الزفاف إلا بمباركتهم؛ وهذا بحد ذاته حالة اجتماعية عالية الرقي».

لم تخفِ نساء العائلة إعجابهن بالزي خاصة أنني ارتديته كاملاً مع "الطربوش" الذهبي، وبفضل هذا الزي شعرت بأنني عدت إلى زمن مضى كان فيه للبساطة حضور. وقد حقق لي هذا الزي حالة ارتياح سواء باللون الجميل أو التصميم لكونه واسعاً وطويلاً أظهرني بصورة مختلفة عن الزي العصري بتصاميمه المختلفة، ولم أتصور حالة المتعة عندما قامت أمي بمساعدتي في ارتداء الطربوش واستعانت بعماتي ليظهر وفق الصورة التقليدية مع "الفوطة" الشفافة التي لم أتصور يوماً أنني سأرتديها

في منزل أهلها بقرية "الثعلة" غرب مدينة "السويداء" حدثتنا المهندسة الزراعية والحكم الرياضي لكرة القدم "حنين العبد الله" وهي ترتدي البدلة العربية في حفلة عقد القران؛ لتخبرنا عن سبب الظهور بهذا الزي المقترن بتقديم نوع من الاحترام لرجال الدين وكبار السن في قريتها الذين قدموا لمباركة زواجها، وقالت: «في قريتنا وفي معظم البيئات الريفية بقي لهذا الزي حضور جميل؛ حيث تظهر السيدات به في عدد كبير من المناسبات، لكن قلة من الصبايا لبسنه في السنوات الأخيرة، فصيحات الموضة تجذب الكثيرات منهن بعيداً عن الموروث، وغير سبب إعجابي بهذا الزي وما يعطيه للمرأة من جمال ورقة؛ فقد رغبت بارتدائه بعد جولة طويلة في الأسواق بحثت فيها عن لباس محتشم وجميل يصلح للظهور أمام رجال الدين بما ينسجم مع حفلة عقد القران التي تسبق الزفاف في منزل الأهل، ولم أجد ما يحقق غايتي، وبعد التشاور مع أمي وعائلتي كانت "البدلة العربية" خياراً جميلاً وراقياً».

الباحث محمد طربيه

وعن رأي صديقاتها بالفكرة ومن حضر المناسبة تضيف "حنين" بالقول: «لم تخفِ نساء العائلة إعجابهن بالزي خاصة أنني ارتديته كاملاً مع "الطربوش" الذهبي، وبفضل هذا الزي شعرت بأنني عدت إلى زمن مضى كان فيه للبساطة حضور. وقد حقق لي هذا الزي حالة ارتياح سواء باللون الجميل أو التصميم لكونه واسعاً وطويلاً أظهرني بصورة مختلفة عن الزي العصري بتصاميمه المختلفة، ولم أتصور حالة المتعة عندما قامت أمي بمساعدتي في ارتداء الطربوش واستعانت بعماتي ليظهر وفق الصورة التقليدية مع "الفوطة" الشفافة التي لم أتصور يوماً أنني سأرتديها».

حلمت بارتداء هذا الزي وكانت تطلب من والدتها تجربة ارتدائه، لكن تجربتها الأولى كانت في حفل زفاف حيث تحقق الحلم، والعروس "ديالا العزمي" التي تزوجت الشهر الفائت أضافت: «منذ الطفولة حلمت بارتداء هذه البدلة، لكن لم تكن الظروف تسنح لطفلة بذلك، وعندما رحت أتحضر للزفاف أخبرت خطيبي برغبتي، ولم يستغرب الفكرة، وقامت عمته بالمساعدة وتأمين الزي المطلوب؛ حيث استعرنا "الطربوش" من سيدة كبيرة السن، ولبسته بالفعل وكان الأجمل أن أهل خطيبي أكملوا الزي بتقليد السهرات القديمة ليضعوا فوق الطربوش (إشارب) شفاف وفق عادة قديمة كانت "تغمى" بها العروس؛ (أي يوضع القماش الشفاف بألوان فرحة على وجهها) وترقص في الحلقة تلك الرقصة التقليدية؛ حيث تقف العروس بالوسط وتتجاوب مع الغناء بحركات بسيطة وتضع يدها اليمنى على الطربوش عندما تقوم النساء بـ"المهاهايات" الشعبية، وبالفعل كانت الحفلة بالنسبة لي تجربة جميلة وممتعة، ونالت إعجاب الحضور؛ لأرتدي في اليوم الثاني الفستان الأبيض بعد أن حققت حلمي».

المهندسة حنين العبد الله

استغربت إقبال شابات على مشغلها طالبات خياطة "البدلة العربية" كما تحدثت "سمرة أبو حمدان" الخياطة المتخصصة بالزي العربي، وقالت: «كان الصيف الماضي حافلاً بحفلات الزفاف، وكان لدي زوار من الشابات استغربت طلبهن خياطة "البدلة العربية"، وفي ذات الوقت فرحت وحرصت على خياطة "بدلة عربية" (عرايسية) كما كنا نسميها في مرحلة قديمة؛ حيث لهذه البدلة مواصفات تختلف من حيث اللون؛ فالألوان مشرقة وفرحة مثل الأبيض والزهري والأحمر المزركش بالقصب، وأحرص في هذه القصة على تزيين الصدر وتصميم قصة مميزة تظهر جمال العروس، ولا صعوبة في ذلك فالقصّة واحدة تضاف إليها بعض التفاصيل، لتبقى هذه البدلة ذكرى ليوم فرح جميل. وفي الأغلب تحتفظ العرائس بهذه البدلة لسنوات طويلة لكونها تقص من قماش مميز وغالي الثمن، لكن ذلك لم يثنِ الشابات في الحصول عليه ومن لم تشتره استعارته لغاية هذه المناسبة والظهور بالشكل اللائق المحبب للشريحة الأكبر من أبناء المجتمع».

ديالا العزمي أثناء رقصة العروس