تتناقل الأجيال الحكاية الشعبية بالتواتر الزمني، وهي تؤلف العلاقة الجميلة بين الماضي والحاضر، وفق معارف منسجمة مع واقع وبيئة المجتمع وثقافة جمعية قائمة على موروث أخلاقي، ولأنها إرث ثقافي فهي تمنح صاحبها مكانة اجتماعية.

حول علاقة الحكاية بالمجتمع مدونة وطن "eSyria"، وبتاريخ 18 تشرين الأول 2015، التقت الباحث التراثي "فوزات رزق" عضو اتحاد الكتاب العرب صاحب كتاب "في قديم الزمان دراسة في بنية الحكاية الشعبية"؛ حيث قال: «يعتمد مبدأ الحكاية الشعبية على الواقع والمتخيل، ولعل المتعة التي يعيشها السارد في الحكاية لا تقل أهمية عنها لدى المتلقي، حيث يعيدان صياغة الحياة بالطريقة التي يشتهيانها، الأول من خلال امتلاك القدرة على خلق الحياة بما في الحياة من عناصر مختلفة، من أشخاص يتحركون، وهدف يسعون إليه، وفضاء مكاني يتحركون فيه، وزماني يعيشونه، وحوار بين الأشخاص سبيلاً للتواصل، وتكمن العلاقة التبادلية بين الأجيال في أن المتلقي يتمثل الحياة برؤية تتناسب مع قدرته على التخيل، إذ يرى أن أشياء قد لا تخطر في بال سارد الحكاية؛ فهو يستقبل العناصر التي تلقاها ويعيد صياغتها بخياله صياغة خاصة تتفق مع هواجسه ورغباته لتصل أحياناً إلى حد التناقض بين المتلقّين من سارد واحد، ولكون الإنسان قائماً على النزاعات وصراع الأجيال فإن التواتر الزمني الذي هو جزء من الحبكة الفنية للحكاية الشعبية التي يتوافق فيها المتلقي وفق الأجيال، فقد كانت الحكاية سبيلاً للتواصل ووسيلة من وسائل الفهم والإدراك لما يحيط بالمجتمع».

ما يؤكد تناقل الأجيال للحكاية يثبت ما ذكره الدكتور "أحمد زياد محبك" الباحث في التراث الشعبي في كتابه "حكايات شعبية"، بقوله: للحكاية الشعبية قيمة كبيرة، فهي مادة خصبة لبحوث شعبية واجتماعية وتاريخية وفكرية ودينية وأدبية وثقافية وإنسانية، وقد عنيت بها شعوب كثيرة، جمعاً وتوثيقاً ودراسة، وتكاد في العصر الحاضر تنسى بسبب ما ستجد من وسائل الترفيه والتسلية والتعليم، والنتاج الشعبي في حقيقته إبداع جماعي، قد يكون مبدعه الأول فرداً، وقد يكون نتيجة حادثة وقعت فعلاً، لكنه يظل كذلك؛ إذ ما يلبث أن يصبح ملكاً للجميع يتناقلونه. من هذا القبيل نشعر بتناقل الحكايات؛ وهو ما يعني استمرار العلاقة بين الماضي والحاضر

وتابع الباحث "فوزات رزق" بالقول: «إن الأجيال وتواترها في نقل الحكاية الشعبية، يعود بتاريخها إلى جذر واحد، حيث الباحث في تاريخ ومضامين الحكايات يشعر بأن الصائغ لها مبدع واحد لا نستطيع تحديد زمنه، تتناقلها الأجيال فيما بينها لتقع تحت وطأة التطوير والإطالة، والحذف والزيادة بما يتناسب مع طبيعة البيئة الاجتماعية، ومتلقي الحكاية، وربما كانت هناك رؤية أن مجموعة من الحكايات ولدت ونشأت بالتراكم، شأنها بذلك شأن الموروث الشعبي، إذ يرمي كل جيل فوقه شيئاً من خصائصه وفلسفته وقيمه، فإذا هو إنتاج جماعي، يجمع الخصائص المشتركة لأجيال متعاقبة وشعوب مختلفة، وتواتر الأجيال، وتناقلها للحكاية الشعبية وإضافة روح العصرنة لها يجعلها تتلاءم مع متطلبات الحياة اليومية».

الباحث فوزات رزق

"أكرم الغطريف" وهو من المهتمين بالتراث الشعبي حمل رؤية مختلفة في جمع التراث اللا مادي؛ وخاصة بتناقل الحكاية الشعبية بين الأجيال يقول: «من المعروف إن الحكاية الشعبية لها طبيعة سردية انسجمت مع الزمان والمكان، وحملت في مضامينها تراكيب بنيوية قائمة على عناصر التشويق والإبهار والأداء وجمال الصوت والحضور، لكن في ظل تعدد أقطاب الرؤية والفكر والحياة الاقتصادية وتنوعها، أصبح للحكايات الشعبية مكانة؛ حيث تستخدم في إثبات حقائق ووقائع قديمة حديثة، وللحكاية الشعبية أسلوب وطريقة أداء تحمل مقومات الشخصية ذات الحضور الاجتماعي التي يستمع إليها الحضور بثقة، وهناك عوامل مساعدة لذلك؛ أهمها الذاكرة الغنية الحاضرة والسريعة في استحضار الحكايات المناسبة للواقع، والثاني الصوت الجهوري فمن شأنه جلب انتباه المتلقي، والثالث واقعية وصدقية الحكاية حيث تتلاءم مع طبيعة الزمان والمكان، والأهم البناء السردي الذي تقوم عليه الحكاية؛ حيث يمكن لكاتب درامي أو روائي أن يتخذ من الحكايات مشاريع روايات أو قصصاً قصيرة بفنية رفيعة».

وتابع "الغطريف" بالقول: «ما يؤكد تناقل الأجيال للحكاية يثبت ما ذكره الدكتور "أحمد زياد محبك" الباحث في التراث الشعبي في كتابه "حكايات شعبية"، بقوله: للحكاية الشعبية قيمة كبيرة، فهي مادة خصبة لبحوث شعبية واجتماعية وتاريخية وفكرية ودينية وأدبية وثقافية وإنسانية، وقد عنيت بها شعوب كثيرة، جمعاً وتوثيقاً ودراسة، وتكاد في العصر الحاضر تنسى بسبب ما ستجد من وسائل الترفيه والتسلية والتعليم، والنتاج الشعبي في حقيقته إبداع جماعي، قد يكون مبدعه الأول فرداً، وقد يكون نتيجة حادثة وقعت فعلاً، لكنه يظل كذلك؛ إذ ما يلبث أن يصبح ملكاً للجميع يتناقلونه.

أكرم الغطريف

من هذا القبيل نشعر بتناقل الحكايات؛ وهو ما يعني استمرار العلاقة بين الماضي والحاضر».