تحكم قيم نظام المجتمع الزراعي في "السويداء" علاقات اجتماعية عملية، على أساسها يتم توزيع غلة الإنتاج بين العمال في الأرض، وتختلف تلك النظم وفقاً للمرحلة الزمنية وطبيعة العمل.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 15 آب 2015، المزارع "محمد عماد" من أهالي قرية "امتان"؛ الذي تحدث علاقات العمل في المجتمع الزراعي بـ"السويداء" قديماً، ويقول: «كانت تحكم مجتمعنا عادات اجتماعية تم الاتفاق عليها من قبل وجهاء القرية وأهلها وفلاحيها، إذ من المعلوم لدينا ومنذ قرن تقريباً أنه خلال الموسم الزراعي يتم اتخاذ إجراءات تنظم العمل، الذي له شروطه وتقسيماته الإدارية والإنتاجية، ويشمل كل عامل في الحقول الزراعية بأي مرحلة من المراحل، ولكن توزيع الغلة أو المردود على الأفراد الذين عملوا في الأرض يأتي ضمن مفهوم "المحاصصة"، حيث يحصل الفلاح الأساسي الذي يعمل في الأرض طوال العام على حصة الربع من غلة الإنتاج لذلك سمي بـ"المرابع"، بينما "الحصّاد" (من يقوم بعملية الحصاد الأساسية)، و"الصيوفي" (من يقوم بنقل المحاصيل من البيدر في فصل الصيف)، و"المغمر" (من يقوم بجمع الحصاد وراء الحصادين وعادة تكون فتاة)، و"المحمل" (من يحمل القش على الجمال)، و"الراجود" (من يسعى بالجمال من السهل إلى البيدر)، و"الداروس" (من يدرس القش على التورج)، و"المشوعب" (من يعمل على البيدر بتحريك القش والزرع حتى يصبح دريساً ثم يقوم بالذراوة وقطاف الحبوب من التبن)، فيحصل كل منهم على نسب مختلفة من المحصول وفقاً لاتفاق مسبق».

يحصل "المرابع" على ربع المحصول من الحبوب مقابل عمله السنوي عند صاحب الأرض طوال السنة، إضافة إلى مؤونة مقدارها 20 "مدّاً" (وحدة قياس وزن) أي 400كغ من "القمح"، وتنكة "دبس" وغيرها من الحاجيات الخاصة للعمل، أما "القطروز" الذي يكون عادة ابن "المرابع" فيقوم بتقديم المساعدة للعمال في الأرض ويناوب عنهم وقت استراحتهم، ويأخذ أجره من صاحب الأرض كجزء من الغلة أيضاً وليس نقوداً

ويضيف: «يحصل "المرابع" على ربع المحصول من الحبوب مقابل عمله السنوي عند صاحب الأرض طوال السنة، إضافة إلى مؤونة مقدارها 20 "مدّاً" (وحدة قياس وزن) أي 400كغ من "القمح"، وتنكة "دبس" وغيرها من الحاجيات الخاصة للعمل، أما "القطروز" الذي يكون عادة ابن "المرابع" فيقوم بتقديم المساعدة للعمال في الأرض ويناوب عنهم وقت استراحتهم، ويأخذ أجره من صاحب الأرض كجزء من الغلة أيضاً وليس نقوداً».

المزارع محمد عماد

ويبيّن "توفيق الصفدي" الباحث التاريخي أنه اليوم يتم توزيع غلة المحاصيل وفق نظم مختلفة عن السابق، ويقول: «ينظر اليوم إلى التعامل مع الإنتاج نظرة مختلفة، وفق تقاليد حديثة تواكب العصر، حيث يجري توزيع الإنتاج بنظام القسمة بين صاحب الأرض والفلاح العامل على ثلث الإنتاج أو ربعه، وهذا النمط لا يحتاج وجود عدد كبير من العمال، ذلك لأن نمط العلاقات الزراعية اختلف بعدما دخلت المكنات الزراعية إلى العمل في الأرض كالجرارات وآلة البذار والحصادة وتجميع الحبوب وفرزها تلقائياً.

اختلف نمط العمل عن السابق وأصبحنا نعيش اليوم تبادل علاقات بسيطة وروابط تبتعد قليلاً عن منظومة العادات، لفرض عادات التقانة والمكننة علينا، فلم يعد يوجد ما يسمى "هبة المساعدة" التي يهب فيها فلاحو القرية لمساعدة الفلاح المتأخر في العمل سواء في الحصيدة أو الفلاحة أو ما تتطلبه الأعمال الزراعية».

الباحث التاريخي توفيق الصفدي

الشاب "ربيع الملحم" يقول: «أغلب أفراد المجتمع اليوم يملكون الأراضي الزراعية، ويقوم أفراد الأسرة الواحدة بالعمل في أرضهم فقط، ثم يتم تسويق الإنتاج إلى جهات ذات الاختصاص بعد تأمين الاكتفاء الذاتي من المؤونة السنوية لأصحاب الأسرة، من العدس والحمص والبرغل، أما باقي الإنتاج فيتم نقله إلى مراكز البيع الرسمية، وبالتالي لا يتم توزيع الحصص أو استخدام عامل من خارج الأسرة، وهذا النظام بات سائداً اليوم وهو قائم على تبادل العلاقة بين المؤسسات والمزارعين، ولعل هذا النمط هو الأقرب والأسهل في الحفاظ على الإنتاج وزيادة في الدخل القومي ورفد الاقتصاد الوطني».

الفلاح القديم