كانت عروس الجبل تحيك لعريسها قبعة تزخرفها بمشاعر الحب والأمل بالحياة القادمة، أما اليوم فقد أصبحت تعدّ "جهازها" بالعديد من الأعمال اليدوية لتزين منزلها الجديد وفقاً لذوقها وبصنع يديها.

ترغب أمّ العروس وابنتها بتحضير بعض الأعمال اليدوية ضمن جهاز العروس، كنوع من التعريف بأناقتهن ومهارتهن، هذا هو السبب وراء العودة إلى تلك الحياكة حسبما تجده "نسرين حمشو" من "السويداء" (تتحضر لزفافها الشهر القادم)، وفي لقاء مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 12 آب 2015، تقول: «وجود عدد كبير من الشابات اللواتي تعلمن الحياكة والتطريز واستفدن من خبرات الأمهات والجدات الماهرات، أعاد العلاقة الوثيقة بين "جهاز العروس" والعمل اليدوي، وبالنسبة لي قمت بتطريز جميع أغطية الطاولات ومفارش الأسرة المزركشة والوسائد، وأعددت الكثير من القطع التي تحتاج إلى جهد وفن في آن معاً، لشعوري بأن العروس عندما تعدّ جهازها بيدها تراعي ذوقها وما ينسجم مع ترتيب الأثاث ونوعه ولونه في منزلها الجديد.

وفق تطور العصر باتت العرائس تعد أغطية الطاولات من القماش أو الخيوط بحجم ينسجم مع التصاميم الدارجة، ومنهن من ليس لديها المهارة الكافية تتجه إلى الأسواق ومشاغل كمشغلي لتختار ما تحتاج إليه، وإننا نعد القطع وفق ذوقها لكن بشكل خاص يتعارف عليه الجميع أنه لجهاز العروس لكونه مميزاً بالشكل والجودة والمسحة اليدوية المطلوبة، وتبقى للأم إضافات تطلبها من حيث العدد والأنواع ليكون الجهاز كاملاً ومتنوعاً من حيث القطع والأشكال

من الطبيعي أن لا تكون كل قطع الجهاز مشغولة يدوياً، وبالنسبة لي كان الجزء الأكبر منها صنع يدي، حيث انتقيت قماش "المقصور" الأبيض للوسائد وزينتها وفق الطريقة القديمة، وأنجزت حياكة لمفرش السرير لتكون القطعة اليدوية مزينة للوجه الظاهر، واستفدت من تقنيات التنجيد ليعد بشكل ينسجم مع التصاميم الحديثة».

نسرين حمشو تعرض من جهازها

وتضيف: «كان من الممكن أن أشتري أشياء مشابهة للقطع التي حيكتها لجهازي، مع فرق النوعية والجودة وبأسعار باهظة، ووجدت الكثيرات من صديقاتي تصرفن مثلي، ومنهن من تعاونت مع أخواتها وجاراتها لتزين المنزل بعدد جيد من قطع الحياكة والتطريز التي تمثل الجزء الأكبر من الجهاز، والتي تعرضها العروس لتكون ظاهرة لعيون المهنئين، وليراه أهل العريس وفق العادة القديمة كنوع من التعريف بذوقها ومهارتها كرسالة أولية أنها قادرة على تقديم عمل يدوي جميل ومتقن».

اشتهرت بالعمل اليدوي المتقن وهي اليوم صاحبة مشغل كبير؛ حيث تنتج عدداً كبيراً من القطع التي تطلبها العرائس للجهاز، "صالحة النجم الحلبي" من قرية "المتونة" مقيمة في مدينة "السويداء"، تحدثنا عن "الجهاز" الذي بقي العمل اليدوي مكونه الأساسي، وتقول: «كنت ورفيقاتي نحيك قبعة بيضاء أو ملونة للعريس؛ وكانت قطعة أساسية في الجهاز تضاف إلى قطع كثيرة كانت ترص بشكل أنيق في صندوق العروس المطعم القديم، واليوم اختلفت طرائق تحضير الجهاز ومكوناته، لكن بقي للعمل اليدوي حضور وتميز وفرصة تقدم بها العروس الكثير من الأعمال المميزة التي صنعتها وفق ذوقها.

صالحة نجم الحلبي

إذا كانت العروس في الماضي تحيك الستائر أو ما يسمى بالدارج "البرادي" وتطرز الوسائد في السابق، اليوم تحيك مفارش كبيرة للأسرة تستهلك أشهر طويلة من العمل، لكن الفارق في هذا الزمن أنها تعتمد على ما تقدمه المجلات من تصاميم انتشرت انتشاراً واسعاً، وكثيرات منهن يحضرن لي هذه القطع لأنجدها وأضيف إليها البطانة والأطراف الجانبية الملونة، وأقوم بكيها وتكسيرها بشكل جميل».

وتضيف: «وفق تطور العصر باتت العرائس تعد أغطية الطاولات من القماش أو الخيوط بحجم ينسجم مع التصاميم الدارجة، ومنهن من ليس لديها المهارة الكافية تتجه إلى الأسواق ومشاغل كمشغلي لتختار ما تحتاج إليه، وإننا نعد القطع وفق ذوقها لكن بشكل خاص يتعارف عليه الجميع أنه لجهاز العروس لكونه مميزاً بالشكل والجودة والمسحة اليدوية المطلوبة، وتبقى للأم إضافات تطلبها من حيث العدد والأنواع ليكون الجهاز كاملاً ومتنوعاً من حيث القطع والأشكال».

الوسائد المطرزة قطعة أساسية في الجهاز

من سوق "الحمزات" المتخصص ببيع الخيطان ومتطلبات التطريز والحياكة، حدثنا "بسام حمزة" صاحب أقدم متجر بالسوق عن الطلب الكبير على أنواع محددة من الخيوط والكلف التي تشتريها العرائس للجهاز، ويقول: «لأننا قدماء بالمهنة فقد عايشنا فكرة ما تحتاج إليه العرائس لتحيك قطع الجهاز المعروفة، وقد طرأ تغيرات كثيرة على نوعية الخيطان، لكن المطلوب بوجه كبير هو خيطان الصنارة البيضاء والكلف المذهبة، كما أننا وخلال هذه المرحلة لاحظنا الطلب على الخرز بأنواعه؛ حيث بات يضاف إلى الأعمال اليدوية خاصة القطع التي تصنع لتغطية علب المناديل وأغطية الطاولات والتلفاز، ونجد من السيدات والصبايا الماهرات من استفادت من الأشكال الجديدة للتزين لتنتج قطعاً جميلة ومبتكرة، وقد أخذنا نشتري بعض هذه القطع من سيدات أتقن العمل لنبيعها لطالباتها خاصة للجهاز وهي قطع جميلة ومميزة وفي الأغلب تنتجها بنات القرى ونشتريها بكميات كبيرة لكونها مطلوبة ومميزة وفيها مسحة من الذوق تضفي على المنزل جمالاً».