في حالة البحث عن العمل وندرة الفرص قد يكون قرض لا يتجاوز خمسين ألف ليرة سورية بلا فائدة، خطوة لشاب أو شابة للحصول على عمل بسيط؛ وفق ما حدث في قرية "الثعلة" بهدف تحقيق حالة من التنمية.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 20 حزيران 2015، رصدت هذه التجربة للتعريف بها بوصفها حالة من التكافل الاجتماعي بين أهالي القرية التي أفرزت كتلة مالية قابلة للاستثمار تقسم على عدد كبير من المحتاجين لدعم مشاريعهم الصغيرة أو تأسيس مشروع؛ كما حدثنا "فيصل والي" من قرية "الثعلة" الذي حصل على قرض أسس من خلاله مشروع "فقاسة" أنتجت دخلاً جديداً أعانه على إعالة أسرته، وقال: «من خلال التلاقي مع أهالي قريتنا علمت بإمكانية الحصول على مبلغ بسيط أحتاج إليه للبدء بمشروع صغير، وقد اتجهت إلى شراء جهاز يطبق محلياً خصص لإنتاج الصيصان من بيض الدجاج ومختلف الدواجن وتقديمها للسوق، وبالفعل منحت القرض البالغ خمسين ألف ليرة سورية، وحاولت الاستفادة منه قدر المستطاع لتأسيس عمل مناسب وتحسين الدخل لكوني أعمل حارساً لأحد الآبار وليس لدي دخل ثابت.

منعتني إعاقة في يدي من الحصول على عمل ثابت، لكنني تعلقت بالعمل اليدوي وأتقنته، وبعد تعلم طرائق إنجاز الحقائب وشكها بالخرز تقدمت للحصول على قرض من خلال قريتي، وقد مكنني القرض من شراء ماكينة خياطة جهزت بما ينسجم مع حالتي الصحية، واليوم أنتج عدداً من الحقائب وفق ما يطلب مني وأبيعها بسعر جيد عاد علي بمبالغ جيدة أحتاج إليها، واليوم أتمكن من تسديد القسط على أمل الحصول على فرص للتسويق وهنا أكون قد حصلت على فرصة ساهمت بتحسين ظروفي

في البداية لشراء "الفقاسة" التي حصلت عليها بالتقسيط، وما تبقى لدي من المبلغ اشتريت به بذار للبامياء وشتول البندورة والباذنجان وخضراوات منزلية زرعتها في حديقة المنزل المتطرف الذي أقوم بحراسته، وقمت بتحضير الأرض وتسميدها بالسماد العضوي الناتج عن الطيور والدواجن المنزلية، وبذلك يكون لدي فرصة الاستفادة من "الفقاسة" التي تنتج فوجاً يزيد على 150 صوصاً في الشهر تباع بأسعار مناسبة، حسنت دخلي وبها تمكنت من تسديد القسط الشهري، والآن أستعد لموسم إنتاج البندورة والبامياء؛ حيث يستمر هذا الموسم أكثر من شهرين وقد تنتج لنهاية فصل الخريف؛ حيث تساعدنا على تأمين احتياجاتنا كعائلة وتحسين الدخل».

فيصل والي

لمواجهة واقع فرضته الأزمة ومظاهر أخذت تتطور في قرية لا يزيد عدد سكانها على سبعة آلاف نسمة، حدثنا المهندس "عبد الله ذيب" من أهالي قرية "الثعلة" وأحد المنفذين والمشرفين على فكرة القروض بلا فائدة؛ التي انطلقت منذ عدة أشهر لغاية تأمين فرص عمل داخل المنزل بالاعتماد على مشاريع صغيرة منتجة لدعم دخل الأسر، وقال: «مجموعة من أهالي القرية تلاقت على فكرة العمل لخلق فرص عمل جديدة بناء على مظاهر بينت حاجة حقيقية لدى عدد من الشباب والشابات لفرصة عمل، وبعد دراسة الإمكانيات اتجهت الآراء إلى جمع تبرعات نقوم كمجموعة شباب على إدارتها، وحاولنا طرح أفكار بسيطة تنسجم مع الحالة القروية أي فرص التوجه إلى العمل الزراعي والأعمال اليدوية والمشاريع الصغيرة جداً ذات التكلفة البسيطة التي لا تحتاج إلى خبرات علمية وتقنية معقدة، بقصد الاستفادة من هذه المبالغ ضمن إمكانية كل شخص، والحصول على دخل مناسب يساهم في تحسين الوضع المعيشي للمستفيدين».

توافر التبرعات هيأ فرصة الفائدة لأكثر من 90 شاباً وشابة نفذوا مشاريع على أرض الواقع وبدأت الإنتاج، كما أضاف بالقول: «في البداية انطلقنا بمبلغ محدد من خلال تبرعات محدودة وبعد منح بعض القروض وفق مناقشة الأولويات وظروف المتقدم للحصول على قرض، وزيارات للأهالي قمنا بها كمجموعة للتعريف بالقروض والغاية المرجوة منها؛ تضاعفت مبالغ التبرعات التي قدمت لنا من أهالي القرية والمغتربين وقدمت بسخاء؛ حيث وصل حجم التبرعات إلى أربعة ملايين ليرة سورية، وعليه فإننا خلال الفترة الماضية قمنا بمنح 95 قرضاً وقد اكتسبت اليوم صفة المشاريع المنتجة التي تعمل على أرض الواقع، ومستحقوها ملتزمون بالتسديد الشهري للقسط الذي لا يتجاوز 1500 ليرة سورية.

المهندس عبد الله ذيب

إن دعم المشاريع لم يكن الخطوة الوحيدة التي أنجزت، بل حرصنا على تقديم مساعدات لعدد من الطلبة كقرض بقيمة عشرين ألف ليرة سورية لمرة واحدة لكن النجاح في تجاوز الخطوة الأولى جعلنا نضع خطوط عريضة للمراحل القادمة للمحافظة على الفكرة وتقيم استشارات لشباب للتوجه إلى مشاريع ضمن إمكاناتهم العلمية والمكانية، والغاية هنا خلق فرص عمل تدعم العمل الزراعي المنزلي والثروة الحيوانية كمشاريع بسيطة تعود بدخول متوسطة، لكنها تعني الكثير لشبان وشابات لا يملكون الحدود الدنيا من الدخل بحلول أهلية مجتمعية قائمة على حالة التكافل المجتمعي؛ التي نتوقع لها تطورات مستقبلية مهمة بناء على الارتفاع المتسارع بحجم التبرعات، مع العلم بزيادة طلبات الحصول على القرض التي وصلت لغاية هذا الشهر إلى 250 طلباً قيد الدراسة، خاصة أن المشاريع تابع أصحابها عملية التسديد لتكون لدينا فرص جديدة لمنح مقترضين جدد».

لم تتمكن من الحصول على وظيفة أو عمل ثابت، لكنها أتقنت العمل اليدوي واستطاعت بفعل القرض الحصول على ماكينة خياطة لتنتج نوعاً من الحقائب الصغيرة وقطع منزلية قماشية يمكن بيعها والحصول على دخل معين؛ وفق ما حدثتنا "عطاف ذيب" إحدى المستفيدات من القرض وقالت: «منعتني إعاقة في يدي من الحصول على عمل ثابت، لكنني تعلقت بالعمل اليدوي وأتقنته، وبعد تعلم طرائق إنجاز الحقائب وشكها بالخرز تقدمت للحصول على قرض من خلال قريتي، وقد مكنني القرض من شراء ماكينة خياطة جهزت بما ينسجم مع حالتي الصحية، واليوم أنتج عدداً من الحقائب وفق ما يطلب مني وأبيعها بسعر جيد عاد علي بمبالغ جيدة أحتاج إليها، واليوم أتمكن من تسديد القسط على أمل الحصول على فرص للتسويق وهنا أكون قد حصلت على فرصة ساهمت بتحسين ظروفي».

يشار إلى أن العاملين في الإشراف على مشروع الخبرات الفنية والعلمية العالية عددهم ثمانية كلفوا بناء على ثقة أهل القرية؛ يقدمون خبراتهم لمصلحة هذا المشروع تحت إشراف وإدارة صندوق التنمية الاجتماعية في بلدة "الثعلة" الذي أسس منذ ثلاثة أشهر.