يعدّ بيت المختار الجامع للقاءات والتشاورات بين أهالي القرية، وهو المحور الأول في المشورات وحل النزاعات والخلافات بين فئات المجتمع، وفي تحديد نظم الحياة الزراعية والاجتماعية، وتكوين رؤية التطلع في بناء العلاقة المستمرة مع الأجيال والمشاريع التنموية.

حول بيت المختار وطبيعته الاجتماعية وانعكاسها على أفراد المجتمع؛ مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 21 نيسان 2015، التقت "نور الدين الشعار" من أهالي قرية "الكفر" وبيّن قائلاً: «يعد بيت المختار المكان الذي يحمل بعدين أولهما تاريخي وثانيهما حضاري، أما من الناحية التاريخية فقد كان مقام المختار ومنزله يتمحور في كونه أحد أهم وجهاء القرية، وربما المميز في الحكمة والوقار والهدوء والسكينة، وفي الطوارئ والأحداث الصعبة التي تحتاج إلى قرار جماعي، اجتماعي، وعند كل ضرورة وموقف وحدث يكون بيت المختار الجامع للناس، يتم التشاور وأغلب الظن يعتمد رأي المختار إذ يتميز بالصواب والهدف المنشود، فهو نابع عن معرفته الوثيقة بمشكلات وهموم المجتمع، وشخصيته لها مواصفات وبعد حضاري المتمثلة في تجسيد واقع المجتمع الذي يعيش فيه، لكل قرية مختار يتوافق عليه أهاليها، وأمامه مهام ومنزله مفتوح دائماً للمشاورات، ومن أهم وظائفه حلّ النزاعات بين الناس، وتمثيل البلدة أمام الجهات العليا في الدولة، وبناء علاقات متينة وصلات قوية مع المجتمع من داخل القرية وخارجها؛ ليتمكن من خدمة بلده وأهلها، تلك الأمور والمهام والأعمال تتطلب رجلاً يتمتع بالوقار والحكمة والاتزان الاجتماعي، بغية تحقيق الشروط والواجبات الاجتماعية من جهة، والقدرة على أن يكون صلة الوصل بين سكان القرية والجهات الرسمية، والعين الساهرة على مصالح أهلها من جهة أخرى، ناهيك عن اعتبار وظيفة المختار نوعاً من الوجاهة والمكانة الاجتماعية، حيث يعدّ من الناحية العشائرية من أبرز وجهاء القرية، فهو وجه اجتماعي معروف ببيته "بيت المختار، وزوجته زوجة المختار، وابنه ابن المختار، وابنته بنت المختار، ونسيبه نسيب المختار، وجاره جار المختار"».

منذ القديم وكافة الجهات الرسمية تأتي إلى بيت المختار لتحديد الاحتياجات اللازمة للقرية، ووضع التصور الواضع لتأسيس فرص عمل مستقبلية، أو إحصاء عدد المباني والسكان، وبالتالي فإن بيت المختار دلالة جغرافية مكانية، لا يقتصر فقط على الجانب الاجتماعي، بوصفه منصب له خصوصية في الحياة اليومية، بل إن بيته علامة مهمة في مخططات القرية العمرانية كأن يتم وضع مخطط معماري لبناء أو طريق أو منشأة فيتم تحديد موقعها باتجاهاتها الأربعة أنها تبعد عن بيت المختار مقدار كذا، جنوباً أو شرقاً، أو ما شابه، لأن دلالة بيت المختار محور وركيزة في إعطاء الجانب الحضاري لمجتمع القرية وهو المشارك في وضع آراء وأفكار وتطلعات مستقبلية للتركيب البنيوي الاجتماعي لمعرفته الكاملة بأفراد القرية فرداً فرداً، ومواليدهم، من هنا تأتي أهمية بيت المختار في احتضان معاملات أفراد القرية مهما بلغ عددهم، وختم المختار يختلف في دلالته عن بيته أيضاً

وعن أول ظهور تاريخي لكلمة المختار بيّن "محمد كريدي" مختار قرية "عرى" قائلاً: «إن أول ظهور لكلمة مختار أو "العمدة"، كانت في زمن الاحتلال العثماني، ويعود تاريخ المخترة إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر، عندما أصدرت الدولة العثمانية قانون الولايات عام 1864 وبموجبه جرى تقسيم الدولة العثمانية إلى ولايات، والولايات قُسِّمت إلى ألوية "جمع لواء". والولاية تدار على يد متصرف يعين من قبل الباب العالي في اسطنبول، وكل اللواء يقسّم إلى أقضية، أما الأقضية فقسمت إلى نواحٍ جمع ناحية، وتدار على يد مدير الناحية، وتضم الناحية عدة قرى، ينوب في كل منها، عن مدير الناحية أحد سكانها يعرف باسم "المختار" وهو الذي يدير شؤونها، ويتم اختياره من قبل سكان القرية، بإشراف مسؤول حكومي كمدير الناحية أو القائم مقام، حيث يطلب من سكان القرية ترشيح أشخاص مكتملي الشرط القانوني والاجتماعي، ويقوم باختيار الأفضل منهم، وفق معايير محددة، من أهمها أن يكون المختار من أصحاب الأملاك، ومن عائلة أو عشيرة كبيرة، وأن يتصف بالحكمة والذكاء والدهاء والفطنة، وأن يكون كريم النفس وصبوراً ذا مهابة، له شخصية كبيرة، ويُحسب له حساب، ويجيد تدبير الأمور، ويلقى قبولاً حسناً لدى سكان القرية، من هنا جاءت تسمية المختار بهذا الاسم، وصفاته الشخصية والاجتماعية هي مرآة لنمط التفكير في القرية وثقافتها».

نور الدين الشعار

أما دلالة البيت المختار فقد أشار "فيصل الخطيب" من المهتمين بالشأن التاريخي والاجتماعي بالقول: «منذ القديم وكافة الجهات الرسمية تأتي إلى بيت المختار لتحديد الاحتياجات اللازمة للقرية، ووضع التصور الواضع لتأسيس فرص عمل مستقبلية، أو إحصاء عدد المباني والسكان، وبالتالي فإن بيت المختار دلالة جغرافية مكانية، لا يقتصر فقط على الجانب الاجتماعي، بوصفه منصب له خصوصية في الحياة اليومية، بل إن بيته علامة مهمة في مخططات القرية العمرانية كأن يتم وضع مخطط معماري لبناء أو طريق أو منشأة فيتم تحديد موقعها باتجاهاتها الأربعة أنها تبعد عن بيت المختار مقدار كذا، جنوباً أو شرقاً، أو ما شابه، لأن دلالة بيت المختار محور وركيزة في إعطاء الجانب الحضاري لمجتمع القرية وهو المشارك في وضع آراء وأفكار وتطلعات مستقبلية للتركيب البنيوي الاجتماعي لمعرفته الكاملة بأفراد القرية فرداً فرداً، ومواليدهم، من هنا تأتي أهمية بيت المختار في احتضان معاملات أفراد القرية مهما بلغ عددهم، وختم المختار يختلف في دلالته عن بيته أيضاً».

المختار محمد كريدي
فيصل الخطيب