في ظل تعدد وتنوع الوسائل الإلكترونية يقضي أطفالنا حياتهم بعيداً عن ممارسة مواهبهم الطبيعية، وهم يبحثون عن ألعاب تلبي تطلعاتهم ورغباتهم ضمن حياة يومية أصبحت فيها هذه الوسائل بديلة عن النوادي والألعاب الحية، زارعة فيهم الفوضى والتشتت وسرعة الصورة والحركة.

حول نشاط ولعب الأطفال مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 23 شباط 2015، التقت الباحثة الاجتماعية الأستاذة "عهد العماطوري"، وبينت قائلة: «أطفالنا اليوم يعيشون حالة من الضياع وفوضى الموهبة، فقد كان قديماً الطفل يتميز بمواهب مثل الرسم والخط والموسيقا والحفظ والإدراك والتركيز والتفوق، لكننا اليوم وفي ظل تعدد وسائل الاتصال من مختلف الأصناف والأنواع والبرامج، أصبح أطفالنا مشتتين في تحديد ما يريدون، فهم يمارسون ألعاباً إلكترونية لا تحمل الأبعاد الاجتماعية التي من شأنها تنمية المواهب وتطويرها وتحقيق التفوق، ثم استطاعت تلك الوسائل سرقة نشاطهم وحيويتهم منا، وباتوا يمارسون هواياتهم الجماعية بالتواصل عبر الشابكة، ولعل هذا الأمر دفعهم إلى خلق نوادٍ ذاتية مع بعضهم بعضاً، بعد أن فقدوا أنظمة النوادي لتفريغ طاقاتهم وحركتهم ونشاطهم فيها، لذا يمكن القول إن أطفالنا باتوا مدمنين لتلك الألعاب بعيدين عن تشكيل روح الجماعة والمحبة الجماعية بين الأطفال، حيث بات كلامهم في العنف أمراً طبيعياً من التأثير المباشر في حياتهم وسلوكهم ويستخدمون ألفاظ الضرب والقتل والدمار والسلاح في ممارسة ألعابهم؛ وهو ما يولد لديهم التصرف والسلوك المقرون بالعنف».

مما لا شك أن النوادي الرياضية أصبحت حاجة ضرورية، وتفعيل دور الأنشطة المدرسية وخلق علاقات بين الأطفال واسترجاع الرهبة والهيبة لشخصية المدرس، وتفعيل دور الأطفال بالتقرب منهم من خلال اللعب معهم، ومناقشتهم والاطلاع على همومهم، ومعرفة احتياجاتهم، والمبادرة معهم لخلق نوادٍ صغيرة لهم تضم ألعاباً مثل الشطرنج، أو كرة القدم والسلة، ولكن بتنظيم أوقات معينة ومتابعة الأمور الدراسية والتشجيع على مجلس أولياء، والأهم الحوار الدائم بين أفراد الأسرة في أهم المشكلات والاحتياجات اللازمة لهم

المدرس "هيسم أبو سعيد" وهو كاتب وقاص وعضو في اتحاد الكتاب العرب أشار إلى حاجة الأطفال إلى النوادي والأنشطة وفق قوانين ناظمة قائلاً: «إن علاقة الأطفال اليوم يتخللها الفوضى والغش في تقدير السلوك والحركات، وهذا الأمر يدفعنا إلى تحدٍ من نوع آخر، وهو مواجهة الألعاب الإلكترونية من خلال "الكافي نت" والمقاهي وصالات "النت" بخلق ألعاب حية مادية ولو كانت هذه الأيام صعبة المنال، وبالعودة إلى الألعاب والتسالي الطبيعية كالتراب والحجارة والكرة وغيرها من الأنشطة التي تغذي الحركة وتقيم العلاقات المتوازنة بين الأطفال، لأن التقنيات الحديثة خطفت من أطفالنا القدرة على التفكير والتركيز والإبداع، وجعلتنا نرتهن لها في كل شيء حتى بالسلوك، وهنا شاهد جرى في مدارسنا حينما استمعنا إلى أحد الأطفال يقول: "عند انقطاع التيار الكهربائي، والجلوس مع أسرتي شعرت كم هم طيبون"، لعل ذلك يدفعنا إلى أسئلة عديدة أهمها: أين خطة التربية في الحد من انتشار تلك الألعاب؟ وأين اهتمام الأهل في التقرب من أطفالهم؟ إذ لا بد من التكامل بين البيت والمدرسة في إيجاد طرائق وقواسم مشتركة بينهما».

الباحثة الاجتماعية عهد العماطوري

وعن البديل للنوادي والأسلوب الناجع لتنظيم نشاطات الأطفال ومبادراتهم أوضح المربي الأستاذ "إسماعيل ركاب" قائلاً: «مما لا شك أن النوادي الرياضية أصبحت حاجة ضرورية، وتفعيل دور الأنشطة المدرسية وخلق علاقات بين الأطفال واسترجاع الرهبة والهيبة لشخصية المدرس، وتفعيل دور الأطفال بالتقرب منهم من خلال اللعب معهم، ومناقشتهم والاطلاع على همومهم، ومعرفة احتياجاتهم، والمبادرة معهم لخلق نوادٍ صغيرة لهم تضم ألعاباً مثل الشطرنج، أو كرة القدم والسلة، ولكن بتنظيم أوقات معينة ومتابعة الأمور الدراسية والتشجيع على مجلس أولياء، والأهم الحوار الدائم بين أفراد الأسرة في أهم المشكلات والاحتياجات اللازمة لهم».

الأستاذ هيسم أبو سعيد
الأستاذ إسماعيل ركاب