خلال دقائق وبالمحبة والتكافل الاجتماعي تم إنقاذ "جمانة عبيد"، تلك الطفلة التي لم يتجاوز عمرها 13 ربيعاً، حيث وصلها طائر "الفينيق" السوري حاملاً معه الأمل بقدرتها على السير ككل فتاة تحب الحياة.

مدونة وطن "eSyria" تابعت تفاصيل قصة السوريين في الخارج لإنقاذ الشابة الصغيرة، وعبر شبكة التواصل الاجتماعي أكد المغترب "ثائر الريشاني" أحد أصحاب المبادرة يوم الثلاثاء الواقع في 19 آب 2014، الذي قال: «نشر الصديق المغترب "أسامة كرباج" الذي تقطن "جمانة" بجواره في مدينة "السويداء"، رسالة يذكر فيها حاجة الفتاة إلى عمل جراحي كبير في العمود الفقري، وأنها بحاجة لمساعدة عاجلة، علماً أنه نشر رسالته مع صورة عن التقرير الطبي الذي يوضح حالة المريضة، مركزاً على أنها تهدف إلى تكوين حالة من التكافل الاجتماعي بين السوريين، وأنها مبادرة شخصية ولا تعلم عائلة المريضة بها، بعد ذلك نشرنا التقرير في موقع "السويداء تاريخ وحضارة" وطلبنا فتح باب التبرع عبر الموقع، وبعد ساعتين فقط اكتمل المبلغ المراد تقديمه، وطلبنا من الجميع بعد الشكر التوقف ولكنهم أبوا ذلك، والمفاجأة كانت في الداخل السوري الذي رفض أبناؤه الوقوف متفرجين، وبعثوا رسائل تؤكد وقوفهم مع المريضة كسائر السوريين في الخارج، وخلال أربعة أيام كان المبلغ بيد السيدة "يسرى علامة"، وعندما علمنا بنجاح العملية كان فرحنا كبيراً».

كنت على وشك الموت، ولم يعد ظهري يحملني وفي الأشهر الأخيرة ازدادت حالتي سوءاً، غير أن الأمل والتفاؤل لم يفارقاني للحظة، وكنت على يقين أن كل ذلك سوف ينتهي لأنني سورية، وبعد خمس ساعات ونصف الساعة تحت العملية أدركت أن من جلب السعادة لقلبي هم ملائكة من بلدي، وأحب أن أوضح لهم أن طولي ازداد 6سم بعد العملية، وأن شفائي قريب، وأخطط منذ اللحظة لأرد جميلهم وجميل بلدي

السيدة "يسرى علامة" الأم الموظفة في مديرية صحة "السويداء" تحدثت عن تفاصيل مرض ابنتها، والخطوات التي قامت بها لإنقاذها: «تعاني ابنتي من مرض ظهر لها منذ ثلاث سنوات في العمود الفقري ويدعى (جنف العمود الفقري)، وهو بحسب قول الأطباء من الحالات النادرة، حيث يظهر من الخارج على شكل كتلة، ويميل الكتف نحو اليمين، ويجعل الشخص المصاب لا يستطيع حمل أي ثقل بين يديه، ويجعله شبه عاجز. وعندما بدأت ابنتي تعاني لم نستطع اكتشاف المرض على الرغم من كل المحاولات التي قمنا بها، ولكن الدكتور "سميح فلحوط" المختص بالعظام اكتشف المرض ونصحني بالتوجه إلى العاصمة "دمشق" لكي يعاينها الطبيب المختص بجراحة العمود الفقري الدكتور "حسام الدين سليمان" الذي قرر أنها بحاجة إلى عملية جراحية كبيرة، وهي مكلفة للغاية لكونها تحتاج إلى قطع معدنية مستوردة من الخارج، غير مكان العملية وأجور المستشفى والأطباء، حيث وقف معي زملائي في مديرية الصحة، ومجموعة من الأشخاص والأطباء، وأقارب ابنتي، غير أن ذلك كله لم يكن كافياً».

التقرير الطبي الذي وصل إلى المغتربين.

وتابعت: «اتصل جارنا ليخبرني أن مغتربي دولة الإمارات السوريين جمعوا مبلغاً يتجاوز 700 ألف ليرة سورية قد تم تحويله إلى مدينة "السويداء" باسمي لإجراء العملية، كانت المفاجأة لا توصف، والكابوس الذي يخيم على المنزل تحول إلى حلم جميل بفضل إخوتي وأهلي المغتربين، وكل من ساهم في وطني "سورية" لإنقاذ ابنتي التي تجاوزت محنتها ونجحت في مدرستها إلى الصف التاسع، وقد باشرت من يومها التجهيز للعملية الجراحية وكانت معنوياتها عالية عندما علمت أن هناك أشخاصاً كثر يقفون إلى جانبها، وهي الآن تتعافى من العملية لتعود بشكل تدريجي إلى حياتها الطبيعية».

الطبيب "سميح فلحوط" الاختصاصي في الجراحة العظمية، الذي تابع وضع المريضة عن كثب، قال: «المريضة بحاجة إلى جراحة دقيقة في العمود الفقري بعد إصابتها بمرض (جنف العمود الفقري) وهو مرض نادر نسبياً، والاختصاص في "سورية" قليل، وتكاليف العمل الجراحي عالية بسبب أدوات التثبيت المستوردة، حيث يقوم الجراح بفتح العمود الفقري وإصلاحه ضمن كتلة كبيرة من الأعصاب، وهو ما يشكل عملاً دقيقاً جداً، ومجهوداً كبيراً للفريق الطبي، ويحتاج إلى مستشفى متكامل للقيام به، والشيء الذي يبعث على الأمل وجود أطباء أكفاء وإنسانيين يتمتعون بالمهارة والحس الإنساني العالي؛ حيث يقدرون وضع المريض مادياً ومعنوياً».

الطبيب سميح فلحوط.

ووحدها "جمانة عبيد" تلك الفتاة السمراء، التي تحلم بأن تكون معلمة صف في قادم الأيام، تعلم مدى الألم والأمل، وتتابع: «كنت على وشك الموت، ولم يعد ظهري يحملني وفي الأشهر الأخيرة ازدادت حالتي سوءاً، غير أن الأمل والتفاؤل لم يفارقاني للحظة، وكنت على يقين أن كل ذلك سوف ينتهي لأنني سورية، وبعد خمس ساعات ونصف الساعة تحت العملية أدركت أن من جلب السعادة لقلبي هم ملائكة من بلدي، وأحب أن أوضح لهم أن طولي ازداد 6سم بعد العملية، وأن شفائي قريب، وأخطط منذ اللحظة لأرد جميلهم وجميل بلدي».

الجدير بالذكر أن السيدة "يسرى علامة" لا تعلم حتى اللحظة أسماء من تبرعوا لابنتها بالمال، وهو ما يدل على قيمة العمل الإنساني الذي يتم بين السوريين.

جمانة تحلم بالتدريس مستقبلاً.