ثوب طويل فضفاض لبسته الجدات والأمهات ولم تتركه البنات، عقود طويلة كان فيها هذا الثوب زي المرأة في "جبل العرب" ومازال لباسها في فرح الولد أو البنت، في العزاء والواجبات لتبقى موضة العربي القديمة الحديثة.

في الأسواق يدهشك الطلب على القماش فهو الأكثر طلباً ومازالت مهنة الخياطة لهذا الثوب دارجة ومطلوبة، فإذا أردت التعرف على الثوب الذي يكتمل مع غطاء الرأس الشفاف الذي يسمى "الفوطة" و"الطربوش" ومزاياه من أصحاب المهنة رافق موقع eSuweda في هذه الرحلة.

تحرص والدة العريس على الظهور بالعربي في الفرح تستقبل الأهل والأقارب وتتغاوى النساء بجمال البدلات، حيث تخترن لهذه المناسبة أنواعاً غالية من القماش وبالنسبة لي على الرغم من أنني امرأة عاملة أحرص في المناسبات على ارتداء هذا الزي، وهذا العام عندما تزوج ولدي حرصت أن تقص العروس بدلة عربية ولبستها في إحدى الليالي، وكثير من الصبايا في هذه الأيام لبست العربي في العرس وليس اجمل من رقصة العروس بهذا الثوب وهي رقصة لها تقليد تحفظه النساء في القرى

السيدة "سمرة ابو حمدان" إحدى الخياطات استقبلتنا لتحدثنا عن الزي العربي الذي لم يفقده الزمن جماله وتميزه وقالت: «المرأة في "السويداء" أنيقة تختار لباسها بعناية وذوق وهذا لا يقاس فقط على هذه الأيام لأن ما انتشر من خلال المراحل الماضية عكس اهتمام المرأة وعنايتها بالمظهر الذي ينسجم مع أصول المجتمع وعاداته والشكل الجميل والمتميز في كل مناسبة، هذا الزي الذي نشأت المرأة على ارتدائه والتحلي به لايزال على صورته القديمة ما عدا تطورات وتحريفات بسيطة لم تغير فكرة الفستان والطريقة التي يصمم عليها.

السيدة سمرة تعرض ما تخيط

فكرة الثوب الأساسية تعتمد على التعامل مع عرض القماش لأن هذا الفستان يحتاج إلى عشرة أمتار تقص لهذه الغاية، هذا الزي الذي يسمى "العربي" يعتمد على طي القماش طيات متساوية وهذا ما جعله يغطي جسم المرأة بطريقة فيها الكثير من الحشمة فلا يظهر معالم جسدها.

ويقسم الثوب إلى قسمين متصلين من الأعلى يسمى المنتان والأسفل العروض نسبة لعرض القماش، الذي يصمم بطريقة تجعل الثوب منساباً متوازناً، كما يغطي الجزء الأمامي منه قطعة تسمى "المملوك" تصمم بنفس طريقة طي القماش وتثبت على الخصر وتتساوى معه بالطول وفي الغالب تصنع من نفس القماش بينما كانت في السابق تُفصل من لون قريب للون الفستان، وأيضاً نخيط القميص الذي تنتقيه المرأة من الألوان الزاهية ليرتدى تحت الفستان ليكمل جماله».

السيد غسان سعيد يونس صاحب للكي طريقة محددة

على اختلاف الأذواق حصل هذا الثوب على رضا النساء تضيف "أم أسامة سمرة أبو حلا" بقولها: «منذ القدم كان العربي الزي المحبب لنساء المنطقة وبعد كل التطورات الحاصلة لايزال موجوداً وترتديه النساء مع أنه بات مكلفاً، لتجد العرائس تقصه على الجهاز ولابد من أن تخيط بدلة مزركشة للفرح، هناك مناسبات لا تحضرها النساء إلا بهذا الزي، وكثر هن الموظفات اللواتي قدمن إلي لتفصيل بدلة لحضور الفرح خاصة عشاء العروس، وهي الحفلة التي يقيمها الأهل للفتاة قبل الزواج، كما يخطن بدلة سوداء وذلك لمناسبات العزاء، كل ذلك جعل الفستان "العربي" موجوداً وتجد عدداً كبيراً من الخياطات في المدينة والقرى، وبالنسبة لي فأنا إحدى أقدم الخياطات وتعلمت المهنة من عمر الخامسة عشرة ودربت صبايا كثر، وفي هذه الأيام لايزال الطلب على الخياطة كبيراً ففي مواسم الصيف قد تقصدني 50 امرأة في الشهر لهذه الغاية، ومازالت لدي مجموعة من سيدات المجتمع والعائلات الكبيرة اللواتي يحرصن على تفصيل الفستان على الطريقة القديمة التقليدية كميزة لهن ولعائلاتهن فيكفي الفستان للتعريف بالمرأة ومن أي عائلة هي، وبين الماضي والحاضر فروق بسيطة حيث كان جهاز العروس في السابق أربع بدلات، اليوم انحصر في بدلة واحدة وفي المدينة لا تشتريه بعض الصبايا لكنها مع تقدم السن تحرص على خياطة بدلة أو اثنتين فهو زيها المميز، وعندما تنتقي النساء القماش الجميل والغالي يتفوق في جماله على أي فستان سهرة خاصة عندما ترتديه النساء كاملاً مع الطربوش الذهبي والحلي العربية القديمة».

مهنة خياطة العربي تترافق مع مهن أخرى إذ لابد من كيّ الثوب بطريقة فنية محددة تظهر جماله، "غسان سعيد يونس" صاحب مصبغة حدثنا عن طريقة الكي وشروطها بقوله: «هناك طلب كبير على كي الثوب العربي لأن النساء يهتممن بأن يكون منتظم الكسرات فقد كانت الأثواب تكوى بشكل يدوي اليوم ومع تطور التقنية اهتمت المصابغ بالحصول على معدات جديدة للكي على البخار حيث نحافظ على أناقة الثوب لأطول فترة ممكنة، وينتقل الثوب من الخياطة للمصبغة ومن ثم يصبح جاهزاً لترتديه المرأة، ويعاد الكي لعدة مرات لأن المرأة ترتدي البدلة لعدة سنوات وتخيط النساء عدداً كبيراً من البدلات بألوان وأقمشة مختلفة لكن التصميم واحد، وفي فترات الأعراس نستلم ما يقارب 5 بدلات في اليوم الواحد، وليس كل أنواع القماش مناسبة للكي لذا تختار النساء في الغالب أقمشة غالية خفيفة الوزن ورقيقة».

أجمل أنواع القماش تستخدم لخياطة العربي

جميل أن ترتدي والدة العريس العربي وفي القرى عادت العرائس تلبسه في إحدى ليالي الفرح حسب قول السيدة "أم ماهر ندى القضماني" من قرية "قنوات" وقالت: «تحرص والدة العريس على الظهور بالعربي في الفرح تستقبل الأهل والأقارب وتتغاوى النساء بجمال البدلات، حيث تخترن لهذه المناسبة أنواعاً غالية من القماش وبالنسبة لي على الرغم من أنني امرأة عاملة أحرص في المناسبات على ارتداء هذا الزي، وهذا العام عندما تزوج ولدي حرصت أن تقص العروس بدلة عربية ولبستها في إحدى الليالي، وكثير من الصبايا في هذه الأيام لبست العربي في العرس وليس اجمل من رقصة العروس بهذا الثوب وهي رقصة لها تقليد تحفظه النساء في القرى».

الفوطة الشفافة التي تنسدل على كتف المراة مع الفستان صورة تعتاد عليها في "السويداء" أما عندما تدخل النساء حلقات الرقص الشعبي لتستقبل ابنها عريساً فإنك ستلاحظ جمال الثوب الذي تتمايل طياته بانتظام، وجمال قد لا تجده في أكبر انتاجات دور الموضة.