حمل معه الإيمان بالنصر والسلاح المقاوم، وغنى مع الثوار أهازيج الموت والمقاومة لتجسيد إرث بلدته وأهلها الطامحة لتحقيق جلاء المستعمر الفرنسي عن أرض الوطن.

مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 29 نيسان 2020 التقت أحد أحفاد الراحل "خزاعي الحلح"؛ الكاتب "يحيى الحلح" الذي بين قائلاً: «ولد جدنا المجاهد "خزاعي الحلح" في بلدة "ملح" عام 1884، وتربى على حكايا البطولة والأمجاد بين أفراد أسرته وأهالي بلدته الذين شاركوا في التصدي لكثير من الحملات العثمانية، ولهم دور ريادي في المشاركة بالثورة العربية الكبرى، حيث اشتركوا في معركة "تلال المانع" الشهيرة.

كما شارك جدنا في معارك عديدة؛ منها معركة "المزرعة" الشهيرة، وشهد النصر المؤزر على أكبر الحملات الفرنسية في التاريخ المعاصر. وفي السابع عشر من أيلول عام 1925 اقتحم بيرق "ملح" ومشاته وفرسانه تحصينات بلدة "المسيفرة"، وكان في مقدمة الذين دخلوا إلى عمق الموقعة الشهيرة تحت وابل من الرصاص وقذائف الرشاشات، وكان بجانبه عدد من أبناء بلدته وهم يجولون بأرض المعركة، وبعد الحصار المحكم من قبل الطيران الفرنسي واستشهاد اثنين من أخوته وأولاد عمه استطاع الانسحاب إلى خارج "المسيفرة" بمجازفة ورجولة بعد أن شاهد الفرنسيين يحرقون جثث الشهداء

تميز في مطلع شبابه بالكرم والشجاعة والرجولة ومحبة الأرض والارتباط بها، ونظراً للظروف المعيشية الصعبة في ذلك الزمن انتسب إلى ما يسمى "الحرس السيار" أي المعروف سابقاً بـ (الدرك)، وتم تعينه في مدينة "صلخد"، وبفضل عراقة الانتماء أثبت سلوكاً وطنياً مميزاً من خلال خدمته في الدوائر الحكومية، وقد رفّع إلى رتبة رقيب نظراً لنشاطه وحفاظه على قيم أهله ووطنه وكرامته، وبعده عن الأذى والظلم، واتسعت شعبيته بين أهالي المنطقة، وعندما انطلقت الثورة "السورية الكبرى" قام القائد العام "سلطان باشا الأطرش" بالذهاب إلى بلدة "ملح" وتم استقباله بالنخوات والأهازيج، وانتقال مع الثوار إلى بلدة "عرمان"، ومنها إلى "صلخد" فحرقوا دار البعثة الفرنسية، وكان الاجتماع المعروف تاريخياً في "العين" قبيل معركة "الكفر" بيوم واحد.

الكاتب يحيى الحلح

في خضم هذه الأحداث ومقدمات الثورة "السورية الكبرى" تخلى الرقيب عن "الحرس السيار"، والتحق بصفوف الثائرين مع سلاحه وذخيرته مضحياً بمستقبله، ومتحملاً المسؤولية الكبيرة في حال فشل الثورة، وهذه صفات الرجال الأحرار والوطنيين الشرفاء، وكان في مقدمة المقاتلين الذين وصلوا إلى قرية "الكفر" حيث استشهد في هذه المعركة أربعة وخمسون شهيداً، خمسة عشر منهم ينحدرون من قرية "ملح"، وعلى رأسهم حامل بيرق البلدة "شهاب غزالي"».

وتابع بالقول: «كما شارك جدنا في معارك عديدة؛ منها معركة "المزرعة" الشهيرة، وشهد النصر المؤزر على أكبر الحملات الفرنسية في التاريخ المعاصر.

المؤرخ ابراهيم جودية

وفي السابع عشر من أيلول عام 1925 اقتحم بيرق "ملح" ومشاته وفرسانه تحصينات بلدة "المسيفرة"، وكان في مقدمة الذين دخلوا إلى عمق الموقعة الشهيرة تحت وابل من الرصاص وقذائف الرشاشات، وكان بجانبه عدد من أبناء بلدته وهم يجولون بأرض المعركة، وبعد الحصار المحكم من قبل الطيران الفرنسي واستشهاد اثنين من أخوته وأولاد عمه استطاع الانسحاب إلى خارج "المسيفرة" بمجازفة ورجولة بعد أن شاهد الفرنسيين يحرقون جثث الشهداء».

ويذكر الباحث في التاريخ "إبراهيم جودية" بطولته في معركة "قيصما" قائلاً: «شارك المجاهد "خزاعي الحلح" في معركتي "عرى" و"رساس"، وبعد أن استشهد في الميدان الأخوين "محمد" و"محمود الحلح"، أراد أن ينقل جثتيهما الطاهرتين إلى بلدة "ملح"، ولكن ثوار قرية "رساس" رفضوا ذلك، وقرروا أن يدفنا في أرض بلدتهم، أما في معركة "قيصما" بتاريخ 23 آب عام 1926 استطاع أسر الضابط الفرنسي "سيكر" قائد الحملة في أشرس معارك حرب العصابات، وانتزع منه مسدسه ومنظاره، وما زال المسدس عند أحفاده، وفي نهاية الثورة غادر المجاهد "الحلح" مع القائد العام للثورة "سلطان باشا الأطرش" وعدد من الثوار إلى "الأزرق"، وعاد إلى بيته الذي هدمه الفرنسيون، فرمم ما استطاع للعيش به كريماً حتى مات في شهر آب من عام 1955، وشارك "سلطان باشا الأطرش" وكبار المجاهدين في تأبينه، ولهذا يعد واحداً من المجاهدين الأفذاذ الذين رسموا خطاً وطنياً حاضراً في الذاكرة الشعبية بموقفه وأعماله، مبيناً في سيرته البطولية أن السيف لديه أصدق من الكلام مع الأعداء، ومجسداً تعاليم وشعار الثورة السورية الكبرى: (ما أخذ بالسيف، بالسيف يؤخذ)».

المجاهد خزاعي الحلح