لم يستطع حسّه البطولي أن يكون حيادياً أمام عزيمة الثوار راهني أرواحهم للموت من أجل الوطن، فدفع دمه ثمناً لنداء أطلقه بعد أن قبض على جندين فرنسيين بمقبضيه ليقتحم الثوار أرض المعركة بفضل استشهاده.

حول سيرة المجاهد الشهيد "شاهين أبو حمدان" البطولية، مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 4 نيسان 2020 التقت مع أحد أحفاده "بشار أبو حمدان" صاحب كتاب "بيارق وسيوف" الذي بيّن قائلاً: «ولد المجاهد الشهيد "شاهين أبو حمدان" في مدينة "السويداء" في نهايات النصف الثاني من القرن التاسع عشر، إذ لم يحدد أحد من معاصريه زمن ولادته بدقة لأن طبيعة الزمن الذي ولد فيه غير موثقة بالشكل الأمثل.

دخل الراحل المجاهد "شاهين أبو حمدان" الذاكرة الوطنية منذ تاريخ السابع عشر من أيلول عام 1925 بعد أن اخترقت جسمه ما يقارب خمس عشرة رصاصة منقذاً بذلك حياة أبناء أخيه "محمود"، "محسن"، و"فارس"، وأبناء عمومته "سعيد"، و"يوسف" ليكون من جملة الأبطال الشهداء الذين جمعهم المستعمر الفرنسي في أرض "المسيفرة"، والذين بلغوا أكثر من مئتين وخمسين شهيداً لتبقى هذه الأرض شاهدة على وحشية أفعال المستعمر الفرنسي. إذ لم يفارق الحياة إلا بعد أن قبض بمقبضيه على جنديين فرنسيين من عنقهما وماتا بين أنامله، عدا الجنود الذي استطاع أن يستهدفهم بسلاحه، أما ولادته التي ظلت غامضة فقد وردني معلومة من أحد أقاربي المعاصرين له أنه من مواليد 1890

عاش في بيئة اجتماعية تتميز برجال أشداء يعملون على التصدي والدفاع عن حياض الأرض، فاكتسب منهم القوة والبأس والشجاعة، وحين طلبه الواجب الوطني للوقوف إلى جانب الثوار كان أحد المشاركين في معارك "الكفر"، "المزرعة"، و"المسيفرة"، ومعارك أخرى حدثت في مدينة "السويداء"، كان شاباً متحمساً يتمتع ببنية جسدية قوية، وصلابة في التعامل وقوة البأس والإيمان، شقيقه المجاهد "محمود" وأبناء عمومته المجاهدين "يوسف" و"سعيد"، وقبيل موقعة "المسيفرة" اجتمع رجال "السويداء" مع بيرقهم الخفاق الذي كان يحمله المجاهد الشهيد "سالم علم الدين"، وكان حاضراً ذلك اللقاء بصحبة أبطال أطلق عليهم ألقاباً منها "شرابة دم الحمر"، وفي أثناء المسير إلى المعركة وضع المجاهد "شاهين" يده على لجام الفرس التي تسير بجانبه، ولم يأخذ قسطاً من الراحة أبداً وهو يثير الحماسة والنخوة في نفوس المجاهدين الذين قارب عددهم على أربعمئة وخمسين مجاهداً، ومردداً بصوت عال عبارة: (الله من جهد البلى والضيم ما نصبر عليه)».

بشار أبو حمدان

وتابع " بشار أبو حمدان" بالقول: «نقل عن طريق التواتر الاجتماعي وأحاديث معاصريه من بعض أبناء "السويداء" أنه حينما انطلق المجاهد "شاهين" كان كالشهب دون رجعة، فقد تميز بحماسة وثقة كبيرين، وعندما بدأت المعركة وكشفت القنابل المضيئة ساحة الوغى، تقدم البطل "سالم علم الدين" حاملاً البيرق بسرعة وبجانبه الأشاوس من أبناء الجبل، ومعه تقدم المجاهدان "محسن محمود"، و"سعيد أبو حمدان" وأخذا بقص الأسلاك الشائكة، وعندما انتهى "محسن" من قص السلك الثالث؛ وقف "سعيد" منتصب القامة غير آبه بنيران رصاص الفرنسيين وهو يرمي ببندقيته ليغطي على المجاهدين؛ ومنهم "محسن" الذي وصل إلى أحد المتاريس الفرنسية ورمى بنفسه على الجنود الفرنسيين، وفي هذه اللحظة رآه عمه "شاهين" حيث ظن أنه استشهد فصاح بصوت مدوي: (عينيك يا محسن)، فما كان منه إلا أن قفز فوق الأسلاك ودخل معسكر الفرنسيين، وبشهادة أبناء أخيه وضع كلتا يديه على رقبتي جنديين فرنسيين ولم يتركهما حتى فارقا الحياة، وعندما وقف وهو ينتخي ويقول: (ياما عند محسن)، ولم ينتبه أن "محسن" كان على قيد الحياة، وفي هذه اللحظة تلقى جسده الطاهر رصاص الفرنسيين الغادر من كل جانب؛ وهو ينتخي بكوفيته، فوقع على الأرض شهيداً مضرجاً بدمائه وثاره بين يديه».

وبين "حمد قطيش" المهتم بالتوثيق التاريخي قائلاً: «دخل الراحل المجاهد "شاهين أبو حمدان" الذاكرة الوطنية منذ تاريخ السابع عشر من أيلول عام 1925 بعد أن اخترقت جسمه ما يقارب خمس عشرة رصاصة منقذاً بذلك حياة أبناء أخيه "محمود"، "محسن"، و"فارس"، وأبناء عمومته "سعيد"، و"يوسف" ليكون من جملة الأبطال الشهداء الذين جمعهم المستعمر الفرنسي في أرض "المسيفرة"، والذين بلغوا أكثر من مئتين وخمسين شهيداً لتبقى هذه الأرض شاهدة على وحشية أفعال المستعمر الفرنسي. إذ لم يفارق الحياة إلا بعد أن قبض بمقبضيه على جنديين فرنسيين من عنقهما وماتا بين أنامله، عدا الجنود الذي استطاع أن يستهدفهم بسلاحه، أما ولادته التي ظلت غامضة فقد وردني معلومة من أحد أقاربي المعاصرين له أنه من مواليد 1890».

حمد قطيش