يعدُّ المجاهدٌ "كنج صلاح" واحداً من الثوار الذين دخلوا الذاكرةَ الوطنيةَ باسمه الذي أرعبَ أعداءَه بوقائعَ وحوادثَ واقعيةٍ، وخلال دفاعه عن أرضه وعرضه قدّمَ يمناه دفاعاً عن انتمائه.

حول سيرته مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 2 أيلول 2019 التقت الباحثَ في التاريخ "ابراهيم جودية" الذي أوضح قائلاً: «بلا شك يحمل التاريخ بين أروقته التوثيقية التدوينية مواقفَ وأحداثاً لشخصيات تركت أثراً إنسانياً ووطنياً، ومن هؤلاء الأفذاذ المجاهد البطل "كنج صلاح" الموسوم بوشاح البطولة والرجولة ليكون ظاهرة وطنية بمواقفه وحرصه على انتمائه، فهو المولود عام 1890 في بلدة "شقا" التي تعدُّ إحدى القرى الأثرية والغنية بالأوابد والمآثر، والغنية بالأبطال المجاهدين ضد الاحتلال العثماني والفرنسي، فعاش في ظلمة الاحتلال العثماني واستبداده، وذاق مرارة الاضطهاد، وتربى في مجتمع يتسابق صغاره وكباره على تجسيد معالم البطولة والدفاع عن الأرض، فما أن شبَّ وتفتحت عيناه على الحياة حتى تعلّم فنون القتال، والتحق بالجيش العربي في "العقبة" إبان الثورة العربية الكبرى ودخل مع الثوار إلى مدينة "دمشق" حاملين راية الثورة العربية يومها، حيث وقف إلى جانب الشجعان، وهم يرفعون العلم، وأنشد المجاهد "معذى المغوش" مخاطباً العلم:

لقد استطاع "كنج صلاح" أن يقتل من الأعداء العديد من الجنود الفرنسيين، وفي إحدى المعارك ألقى قنبلة يدوية على مجموعة منهم، وألحقها بأخرى، إلا أنّه لم يحسن استعمال الثانية بشكل احترافي؛ الأمر الذي أدى لانفجار القنبلة قربه؛ فأصيب بشظاياها في يده اليمنى، حتى أنه اضطر بنفسه لقطعها من المعصم بواسطة سكين حاد بعد أن عقم السكين بالنار، ونفذ تلك العملية بنفسه، لشدة قوته وبأسه، وبعد عودته مع الثوار عام 1936 من "الأردن"، علم أنّ المجاهد "فوزي القاوقجي" اتجه إلى "فلسطين" على رأس جيش عام 1948، وكان أحد عناصر الجيش للجهاد في "فلسطين"، قاتل قتال الأبطال مع مجموعة من الشجعان أمثال "شكيب وهاب"، و"محمود أبو يحيى"، وعاد مرفوع الرأس إلى قريته "شقا" ليمضي ما تبقى من حياته في ممارسة الحياة الاجتماعية، مناشداً الزمن: (بترت يدي، كرمى للوطن، وقضيت حياتي بين الجبال والأودية، كي لا أرى مستعمراً يتحكم بمصير أهلي وأبناء وطني، لأنّنا لا نستطيع العيش دون الحرية)

(عرش المظالم انهدم وعز طب بلادنا

إبراهيم جودية

راحت عليكم يا عجم ذبح الاعادي دابنا

حنا حماتك يا علم بأرواحنا وأكبادنا)

أنيس ناصر

ولأنّ "كنج صلاح" يعشق الجهاد من أجل الأرض والعرض، كان أحد الرجال البارزين في الثورة "السورية الكبرى"، وكلفه القائد العام "سلطان باشا الأطرش" بالتنسيق مع زعماء "لبنان"، ومن المهام التي كلف بها التنسيق مع الشيخ "أبو علي ملحم قاسم" أحد زعماء منطقة "بعلبك"، وذلك لمقارعة الاستعمار الفرنسي، بعد أن كان في الصفوف الأولى في معارك "المزرعة"، "المسيفرة"، "الكفر"، "وادي الرشيدي"، "سميع"، "قراصة"، "قيصما" وغيرها، وحين اجتاح "اندريه" محافظة "السويداء" كان من الطلائع الثوار على رأس مجموعة منهم يخوض أشرس المعارك».

وعن مشاركته وفقده يمناه تابع الباحث "جودية" القول: «لقد استطاع "كنج صلاح" أن يقتل من الأعداء العديد من الجنود الفرنسيين، وفي إحدى المعارك ألقى قنبلة يدوية على مجموعة منهم، وألحقها بأخرى، إلا أنّه لم يحسن استعمال الثانية بشكل احترافي؛ الأمر الذي أدى لانفجار القنبلة قربه؛ فأصيب بشظاياها في يده اليمنى، حتى أنه اضطر بنفسه لقطعها من المعصم بواسطة سكين حاد بعد أن عقم السكين بالنار، ونفذ تلك العملية بنفسه، لشدة قوته وبأسه، وبعد عودته مع الثوار عام 1936 من "الأردن"، علم أنّ المجاهد "فوزي القاوقجي" اتجه إلى "فلسطين" على رأس جيش عام 1948، وكان أحد عناصر الجيش للجهاد في "فلسطين"، قاتل قتال الأبطال مع مجموعة من الشجعان أمثال "شكيب وهاب"، و"محمود أبو يحيى"، وعاد مرفوع الرأس إلى قريته "شقا" ليمضي ما تبقى من حياته في ممارسة الحياة الاجتماعية، مناشداً الزمن: (بترت يدي، كرمى للوطن، وقضيت حياتي بين الجبال والأودية، كي لا أرى مستعمراً يتحكم بمصير أهلي وأبناء وطني، لأنّنا لا نستطيع العيش دون الحرية)».

من الأسلحة التي استولى عليها

وعن اسمه الذي أرهب الأعداء، أشار الشاعر الشعبي "أنيس ناصر" من أهالي بلدة "شقا" قائلاً: «لقد عرف المجاهد "كنج صلاح" بشدة بأسه وقوته، واستطاع صدّ هجوم مع شقيقه البطل "صلاح صلاح" في "دير علي"، وقد جرت حادثة تاريخية بين قريتي "الصورة الكبيرة"، و"براق" في بيت أحد عشائر البدو، إذ تمّ السطو من قبل قطاع الطرق على منزل أحد البداوة، وسرقة ما فيه من ماله العائد لامرأة، والتي بدورها طلبت من السارقين وفق العادات والتقاليد العربية "العقلة"، فرمى لها برأس من الغنم وجدي ضعيف، فنادت مستنجدة، وبالفعل قام بفكّ المسروقات وأعاد المال والحلال لأصحابه.

وقد حكم عليه بالإعدام مع الثوار الذين رحلوا إلى "وادي السرحان"، وكلفه القائد العام بالذهاب للجبل لاستجرار المونة وبعض الذخيرة وأثناء المسير أوقفه حرس الحدود، فبادر بحثِّهم على المرور وذلك بهدف إطعام الجياع والأطفال لكنهم رفضوا، فترجل عن ناقته التي كان يعتليها، وقام بضرب قائد "الحواس" المحسوب على الملك السعودي، وانتزاع بارودته منه مع ما سميت مجموعة "الحواس" والبالغة أكثر من عشرين خيالاً، وهددهم برمي سلاحهم، واستطاع المرور ووصل إلى الجبل واستجر الطعام والمؤن والذخيرة للثوار، وحين عاد طُلِب إلى الأمير "محمد السعود" وامتثل أمامه، وحين علم بالقصة قام بسجن قائد الحرس، وقدّم بارودته إلى المجاهد "كنج صلاح" هدية، وشكره على شجاعته وقال له: (هذه البارودة لا يستعملها إلا الذي يحميها).

وظلّ يقاوم الحياة بيد مبتورة، ويمارس طقوسه الاجتماعية، ولكنّ المفارقة أنّ رحيله كان في يوم الاستقلال أي في 17 نيسان من عام 1979».