يمثّل "حمزة درويش" ظاهرة في القرن الماضي بجبل العرب، وما زال المجتمع يردد ميزاته وسمات شخصيته الوطنية والاجتماعية والفروسية، فقد عرف بثلاث خصال ميزته طوال حياته وبعد مماته في منتصف القرن الماضي؛ وهي الكرم والفروسية وقوة الشخصية.

عرف بين القبائل العربية بصفة الكرم، مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 3 أيار 2016، التقت الشاعر "فرحان الخطيب" صاحب مقدمة كتاب "حمزة درويش نبراس الكرم، وفارس القيم، وسيف عربي أصيل"؛ الذي بيّن قائلاً: «اتصف بالكرم الحاتمي وامتهنه مهنة أسياسية في حياته. حتى أضحى مضرب المثل في كل أصقاع الوطن العربي، وقد تغنى الشعراء بكرم "حمزة درويش" في حين أنه في هذا المجال انفرد بميزة نبيلة واشتهر بها؛ وهي أنه مهما تعدد الضيوف الوافدون إلى مضافته كان يقدم لكل منهم سواء كانوا أفراداً أو مجموعات واجباً متماثلاً، ولا يقبل أن يأكل الضيف الذي حل بعد غيره من طعام من سبقه، وهذه ظاهرة قد أكسبته الشهرة وميزته عن غيره من الكرام الكثيرين في هذا الجبل، وانتشرت سمعة كرمه في كل مكان حتى لقب بـ"حاتم طي بني معروف"، فعندما كان يحل بعض أهالي "جبل العرب" عند بعض القبائل العربية كانوا يرددون: "هل نحن أكرم ولا درويشكم"؟ حتى إذا سأل أحدهم بهذه الصيغة، كان الرد البديهي وهذا الرد نابع من تعميق في منظومة العادات والتقاليد ودخولها بالتراث اللا مادي، وربما بمعنى سرعة البديهة الحاضرة؛ إذ كان الجواب: "هو درويشنا وصل كرمه لعندكم، لكن صيت كرمكم ما وصلنا يا شيخ"».

رزق بأربعة أولاد ذكور، هم: "ممدوح، وحسين، وهزاع، ومشاري"، وبنى داراً كبيرة مؤلفة من اثنتي عشرة غرفة تزينها قناطر من الحجر البازلتي المنحوت، و"ليوان وفرندا" تمتد على طول هذه الغرف بعرض ثلاثة أمتار، وكان لديه مضافتان؛ الأولى في الجهة الجنوبية من الدار مخصصة لفصل الشتاء، والثانية في الجهة الشمالية من الدار وهي علوية فيها عدد من النوافذ مخصصة لفصل الصيف، ولقد لخص لنا ولده الشيخ "حسين درويش" الملقب بـ"أبو نجم" شخصيته برثائه باسم خطاب الدار قائلاً فيها: "ما سجل التاريخ من دور النبي... عن شخصٍ فيه انحصر ثلاث نقاب باب الكرم ما صار مثله ولا ربي... ورســم الشــجاعة أقــدم من ذياب وشـــهم عــظيم القد قامي مرتبي... ربي كـسـاه النبل جـلـباب"

تمتع بالفروسية وكان له شأن عظيم في معرفتها، وكان مشاركاً معروفاً في السباقات بحركاته وشجاعته الفريدة، وتابع "الخطيب" بالقول: «الفروسية بالنسبة له حاجة يومية، فهو مقدام بفروسيته وأثبت عزمه وشجاعته في كل المناسبات والأحداث التي تعرض لها هذا المجتمع، حيث كان ذلك الزمن يتطلب وجود الرجال والفرسان الأشداء للدفاع عن كرامته ووجوده وصيانة حياضه، واشتهر في المناسبات التي تستدعي النخوة العربية وخاصة في المناسبات الوطنية، إذ كان لنخوته طريقة خاصة به في إطلاق عنان صوته الجهوري بالنخوة؛ الأمر الذي يدفع من يستمع إلى نخوته أن يصبح من عداد الرجال الأشداء ولو كان وضيعاً، وربما تميز نخوته جاء من خلال هز السيف بيديه؛ إذ كثيراً ما كان (ينتخي) به وهو بيده، فينقطع السيف إلى نصفين بفعل قوة زنده، وهذه ميزة ثانية في شخصية "حمزة درويش" بعد الكرم. أما الميزة الثالثة فكانت تمتعه بقوة جسدية وحيوية منقطعة النظير، وتمكنه أن يثب كالسبع من الأرض على ظهر "الذلول" أو الحصان من دون أن يستعين بالركائب أو أن يضع يده على ظهر الحصان، وعندما انتشر هذا النبأ بين الناس أصبح المعجبون الذين يزورونه -ومنهم مشايخ الدين الذي حضروا من "فلسطين" و"لبنان" وقرى "جبل العرب"- يطلبون منه أن يركب جواده أمامهم كما جرت العادة عنده لتنفيذ الحركات التي اشتهر بها».

المحامي نجم درويش

حول شخصية "حمزة درويش" ونشأته أوضح المحامي "نجم درويش" حفيد الراحل وصاحب كتاب "حمزة درويش نبراس الكرم، وفارس القيم، وسيف عربي أصيل" قائلاً: «ولد "حمزة درويش" في قرية "الحريسة" عام 1881، نشأ في مدرسة اجتماعية، اكتسب منها الرجولة والشجاعة والفروسية والقيم النبيلة، هي "المضافة العربية" المنتشرة في كافة قرى الجبل، في مدرسة والده الشيخ "حسين درويش" الملقب بـ"سبع اللجاة"، تمرس وتعلم فنون القتال على يديه، فأصبح بطلاً عنيداً لا يشق له غبار، امتازت شخصيته بطول القامة والكتفين العريضين، ذو بشرة بيضاء وعينين زرقاوين، كان حاد النظر؛ حتى إن الناس تحدثوا عنه أنه إذا ما حدق بعينيه كانت نظرته مخيفة، يعتمر عمامة بيضاء، وتزينه لحيته السوداء الموشحة بالبياض، يرتدي اللباس العربي ويضع مسدسه على الجانب الأيسر، والسيف مدلى على الجانب الأيسر أيضاً يزينه (شراشيب) تضيف هيبة ووقاراً إلى شخصيته، ويتجند بجنادين من الذخيرة المهيأة على البندقية التي كانت لا تفارقه أبداً، إضافة إلى الرمح الذي كان يستخدمه في الحرب، أما وفاته فكانت عام 1947».

وعن سلالته واستمرارها تابع حفيد الراحل "نجم درويش" بالقول: «رزق بأربعة أولاد ذكور، هم: "ممدوح، وحسين، وهزاع، ومشاري"، وبنى داراً كبيرة مؤلفة من اثنتي عشرة غرفة تزينها قناطر من الحجر البازلتي المنحوت، و"ليوان وفرندا" تمتد على طول هذه الغرف بعرض ثلاثة أمتار، وكان لديه مضافتان؛ الأولى في الجهة الجنوبية من الدار مخصصة لفصل الشتاء، والثانية في الجهة الشمالية من الدار وهي علوية فيها عدد من النوافذ مخصصة لفصل الصيف، ولقد لخص لنا ولده الشيخ "حسين درويش" الملقب بـ"أبو نجم" شخصيته برثائه باسم خطاب الدار قائلاً فيها:

حمزة درويش وسيفه بجانبه

"ما سجل التاريخ من دور النبي... عن شخصٍ فيه انحصر ثلاث نقاب

باب الكرم ما صار مثله ولا ربي... ورســم الشــجاعة أقــدم من ذياب

كتاب حمزة درويش

وشـــهم عــظيم القد قامي مرتبي... ربي كـسـاه النبل جـلـباب"».