عاد إلى الزراعة بعد أن قضى 25 عاماً مشاركاً في طرد المحتل من بلاده، عرف بثقة الناس له مذ كان صغيراً، وحوّل "مضافة" بيته إلى مكان للتقاضي وحل الخلافات.

مدونة وطن "eSyria" التقت مختار قرية "طربا" "مشهور سلام" بتاريخ 3 أيار 2015؛ فتحدث عن حياة والده بالقول: «ولد المجاهد "هايل هاني سلاّم" عام 1900، وقد كانت طفولته عادية غير أنه تميز بمحبة الناس له وثقتهم به، وكان وليفه الدائم أخوه ورفيق دربه الشاعر المجاهد "جاد الله سلام" المعروف بمواقفه أثناء الثورة وبعدها، فقد حرص الوالد طوال شبابه على أرضه التي كانت كل عالمه يفلح ويزرع ويحصد، ويحاول فرض العدل وتحقيقه في زمن كان الظلم والاحتلال يهيمنان على حياة الناس، وبقي وفياً لمبادئه على الرغم من كل المغريات التي كان بإمكانه استغلالها، وقد تابع حياته كأي رجل عادي بعد رحيل الفرنسيين عن أرض "سورية" وعاد للزراعة، ولم يمارس العمل السياسي نهائياً على الرغم من شعبيته الكبيرة بين الناس، وعلاقته الوطيدة والمميزة مع قائد الثورة "سلطان الأطرش" ورجالات الحكم الوطني في ذلك الوقت».

بحسب كبار السن ممن عايشوه عن قرب، فإن هذا الرجل نذر حياته للثورة، وعندما نجحت عاد إلى أرضه يزرعها ويحصدها كأي فلاح عادي، ويعد قامة اجتماعية كبيرة اكتسبت على مدى الأيام احترام الناس وثقتهم المطلقة، وتحولت "مضافة آل سلام" إلى مكان يؤمه الناس للزيارة أو للتقاضي عندما تقع واقعة ما وتحتاج إلى الحل، مازالت حتى اليوم مكاناً مفتوحاً للأهل والأقارب والضيوف من أي مكان. "هايل" مع أخيه "جاد الله" كانا قوة للحق والعدالة والتواضع، كما تجمع المصادر التاريخية على حنكته وتمسكه بخروج المحتل، وعلاقته المباشرة مع قائد الثورة الذي بكاه بحرقة شديدة عندما توفي عام 1971

وأضاف "سلاّم": «لقد وثق المؤرخون لحياته عندما قامت الثورة السورية الكبرى، وكتبوا عنه الكثير، فوالدي اشترك بكل المعارك التي خاضها الثوار، فكان له مآثر كثيرة اتسمت بالشجاعة والإقدام والتضحية بالنفس بعيداً عن الأنانية وحب الذات والظهور، وذلك حسب المؤرخين "أحمد أبو حسون" و"ضامن مراد"، وقد تابع جهاده متسلحاً بإرادة الحياة وكان يقاتل مع مجاهدي الثورة في "الغوطة" منهم: "فوزي القاوقجي"، و"حسن الخراط"، و"عز الدين الجزائري"، والتقاهم في أكثر من معركة، وعندما اشتد الحصار على الثوار التجأ إلى وعر "اللجاة" وحارب هناك فلول الفرنسيين حتى بات النفي طريقهم الوحيد إلى "وادي السرحان"؛ حيث قضى فيه عشر سنوات كاملة في الجوع والعطش والمقاومة.

مضافة آل سلام اليوم

حكم عليه بالإعدام شنقاً من قبل سلطات الاحتلال الفرنسي إثر إسقاط طائرة حربية فرنسية وأسر وإعدام طياريها، حيث حاولت سلطات الاحتلال تنفيذ الحكم 12 مرة، فقامت طائرات العدو بتدمير قرية ثلاث مرات انتقاماً لطياريها».

فجع "هايل سلام" بمقتل ولده البكر "هاني" عام 1942 إثر حادثة أليمة تأثر بها كل من سكن الجبل، وكان وقعها قاسياً على الجميع، حيث يقول المؤرخ "أحمد أبو حسون" عنها: «بعد انتهاء النفي عاد "هايل سلام" ليتابع دوره الوطني مع رفاقه في الثورة حتى جلاء المحتل عن أرض الوطن، فعمل بالزراعة فلاحاً نشيطاً، ومربياً صالحاً حتى كان العام 1942 عندما قتل بكره "هاني" بصورة غريبة اهتز لها أركان الجبل، وكانت قصيدة عمه الشاعر الكبير "جاد الله سلام" التي ما زالت حتى يومنا هذا تغنى في الأعراس والمناسبات الحماسية، حيث صور الشاعر الحادثة معبراً فيها عن وقوفه المطلق مع أخيه في مصابه الجلل، معرجاً على قضايا تهم الناس، ومنها قوله:

المختار مشهور سلام

"هيه ويلي راكيبين على السيلايل... فوق ضمر يمي طربا نحيرينا

سلموا عاربوعينا وقولوا لهايل... بالسويدا ثارنا حنا خاذينا"».

الأستاذ كيان صعب

وفي لقاء مع "كيان صعب" رئيس المجلس البلدي في قرية "طربا"، تحدث عن مناقب الراحل وسيرته بين أهله، ويقول: «بحسب كبار السن ممن عايشوه عن قرب، فإن هذا الرجل نذر حياته للثورة، وعندما نجحت عاد إلى أرضه يزرعها ويحصدها كأي فلاح عادي، ويعد قامة اجتماعية كبيرة اكتسبت على مدى الأيام احترام الناس وثقتهم المطلقة، وتحولت "مضافة آل سلام" إلى مكان يؤمه الناس للزيارة أو للتقاضي عندما تقع واقعة ما وتحتاج إلى الحل، مازالت حتى اليوم مكاناً مفتوحاً للأهل والأقارب والضيوف من أي مكان.

"هايل" مع أخيه "جاد الله" كانا قوة للحق والعدالة والتواضع، كما تجمع المصادر التاريخية على حنكته وتمسكه بخروج المحتل، وعلاقته المباشرة مع قائد الثورة الذي بكاه بحرقة شديدة عندما توفي عام 1971».