يملك بطولة الجسد والفكر، كلمته جريئة وحضوره فاعل، عمل على نشر الثقافة التي يمكلها بين أهالي قريته، وأدخل مفهوم الحديقة المنزلية إليها، نال العديد من الأوسمة في "حرب تشرين".

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 25 نيسان 2015، التقت "محمد كريدي" مختار قرية "عرى"، الذي تحدث عن ابن قريته "نسيب الزغبي"، ويقول: «خرج من بيئة اجتماعية وطنية، والده جريح معركة "المزرعة" أثناء الثورة السورية الكبرى، وشقيقه شهيد، وآخر بطل جمهورية في حرب "تشرين التحريرية"، فتابع في نفس الطريق، لكن شخصيته تنطوي بتكوينها الإنساني والاجتماعي على أكثر من تلك الوقفات البطولية المهمة، وأهمها امتلاكه لثقافة نوعية ومتنوعة يحاول تزويد الآخرين بها، صاحب جرأة لا مثيل لها، محب للعمل الجماعي الإنساني، فكان يقدم المساعدات من دون علم ودراية من أحد، حتى ظهرت بعد وفاته، كما كان مزارعاً محباً للزراعة، ومن أوائل الذين أدخلوا مفهوم الحدائق المنزلية إلى المنطقة، شخصية إنسانية، اجتماعية، وطنية بامتياز».

هو أول بطل جمهورية يقلد هذا الوسام في حرب "تشرين التحريرية" في سلاح المدرعات، شارك في حرب 1973 قائداً لكتيبة دبابات وحقق اختراقاً لخطوط العدو الإسرائيلي في القطاع الأوسط، ونال العديد من الأوسمة

وحول شخصية بطل الجمهورية العميد المتقاعد "نسيب الزغبي" ومسيرته أوضح ابنه الدكتور "سامر الزغبي"، ويقول: «ورث والدي الحكمة والوقار من جدي "قاسم الزغبي"، وهو أب لبطلين شاركا في حرب "تشرين التحريرية" وتقلدا وسام بطل الجمهورية، فكان جدي صاحب حضور مهيب وكلمة جريئة، فنهل والدي من هذا المعين صلابة الموقف وحكمة القرار والإصرار على الثبات، وتقديم الأعمال الإنسانية خدمة لمجتمعه وبيئته التي تربى ضمنها.

الدكتور سامر الزغبي

اهتم بالثقافة كثيراً حتى حين كنا نجلس وإياه تراه مشغولاً بالقراءة، فهو يملك مكتبة غنية قوامها يزيد على ألف عنوان قرأها جميعها، ولهذا حينما التحق بدورة "أركان حرب" نال الدرجة الأولى وتسلم فرع الثقافة والتوجيه، قبل أن يحال إلى التقاعد عام 1992».

وتابع: «كان حازماً جداً في المحافظة على الأملاك العامة، صاحب مبدأ إنساني كبير، لم أذكر أنه حاول استغلال مكانته الاجتماعية في تحقيق أي مكسب في جميع نواحي الحياة، متميز في صدق علاقاته مع الآخرين لأنه رافض للكلفة في التعامل، عاشق للزراعة والصيد وركوب الخيل والسباحة، محاور مميز، ويحمل أبعاداً استراتيجية في رؤيته للحياة، إضافة إلى هواياته في الزراعة التي حقق فيها تقدماً ملحوظاً، فهو أول الطارحين في القرية لمبدأ الاكتفاء الذاتي من خلال الزراعة واستغلال المساحات القابلة للزراعة في جوانب كل منزل بالقرية، ولهذا نادراً ما تدخل إلى منزل في قريتنا إلا وتجد فيه حديقة منزلية أو ما يسمى شعبياً "حاكورة"».

بطل الجمهورية نسيب الزغبي

وفي لقاء مع رفيق دربه العميد المتقاعد "نايف العاقل" الحائز على وسام بطل الجمهورية قال: «يملك المرحوم البطل "نسيب" إمكانيات فكرية وثقافية غير عادية، فهو مقاتل من الدرجة الأولى، وصاحب بديهية في اتخاذ القرار، لا يمكن أن يقدم على عمل من دون علم به، إرادته صلبة رغم اشتداد ظلمة الزمن عليه، شامخ بإمكانياته اللا محدوة، بطل في سلاح المدرعات ونال وسام بطل الجمهورية بجدارة، يحمل صفات الكثيرين من القدماء بصلابته، وجرأته جعلته يصارع الحياة بكفاح منقطع النظير.

ذكر أمامي شقيقه البطل اللواء الطيار المتقاعد "مجيد الزغبي"، أنه أثناء مراسم دفنه كان والده المجاهد المرحوم "قاسم الزغبي" ما زال حياً عام 2004، وبموكب مهيب، وقف أمامه وخاطبه قائلاً: (عرفتك يا نسيب أديباً، حشيماً، كريماً، كيف تدخل أمام والدك، هذه أول مرة تدخل أمامي يا بني).

العميد نايف العاقل

سافر إلى بلدان العالم واطلع على أفكار ورؤى مختلفة، وفي كل سفرة في حياته أو اتباعه دورة في مجالات متنوعة كان التفوق حليفه على العرب والأجانب، حتى إن الخبراء الروس اعترفوا له بقدرته العلمية الفائقة».

ويضيف "العاقل": «هو أول بطل جمهورية يقلد هذا الوسام في حرب "تشرين التحريرية" في سلاح المدرعات، شارك في حرب 1973 قائداً لكتيبة دبابات وحقق اختراقاً لخطوط العدو الإسرائيلي في القطاع الأوسط، ونال العديد من الأوسمة».

يذكر أن البطل "نسيب الزغبي" من مواليد 1944، في "عرى"؛ حيث درس الابتدائية فيها، وتابع الإعدادية في مدارس "السويداء"، ونال شهادة الثانوية عام 1963 في مدرسة "شكيب أرسلان" وكان ترتيبه الثاني على المحافظة، انتسب إلى الكلية الحربية وتخرج فيها برتبة ملازم عام 23 أيار 1964 باختصاص مدرعات وبدرجة ممتاز، وتوفي عام 2004.