ساهم في إقامة 140 صلحة في جبل العرب، وخاض حربين كبيرتين، ونال العديد من أرقى الأوسمة، وبعد وفاته تبرعت عائلته بـ500 كتاب من كتبه للمركز الثقافي العربي في "شهبا".

مدونة وطن "eSyria" التقت عدداً من أصدقاء الأديب الراحل "إبراهيم البيطار" بتاريخ 30 تشرين الأول 2014، لإلقاء الضوء على حياته الحافلة، وكانت البداية مع السيد "سليمان الحرفوش" الذي تحدث عن حادثة فريدة من نوعها تخبر الكثير عنه، ويقول: «كان ذلك منذ زمن طويل حين كان الراحل يشق طريقه في الحياة، حين حصلت حادثة مؤلمة مع والده الذي قضى بحادث جرار زراعي على يد أحد أقاربي، وكالعادة في مثل هذه المناسبات الحزينة يقوم كبار العائلات في المدينة بأخذ الخاطر والطلب من أصحاب المتوفى الصلح لكي يقوم الطرف الثاني بواجبهم في العزاء، وعندما ذهبوا إلى مضافة آل "البيطار" سألهم الراحل عنا ولماذا لم نأت كغيرنا من الناس إلى العزاء؟ ولما أخبروه السبب قال لهم: (لن آخذ عزاء والدي إلا إذا قدموا ليشاركوني العزاء)، وهذا ما حصل تم العزاء وهو في الوسط ونحن نحيط به وسط دهشة الناس جميعاً! وهذا ينم عن شخصية مميزة لا تتكرر بسهولة، حيث قام رحمه الله بحلّ معضلة كبيرة بكلمة واحدة منه».

كان ذلك منذ زمن طويل حين كان الراحل يشق طريقه في الحياة، حين حصلت حادثة مؤلمة مع والده الذي قضى بحادث جرار زراعي على يد أحد أقاربي، وكالعادة في مثل هذه المناسبات الحزينة يقوم كبار العائلات في المدينة بأخذ الخاطر والطلب من أصحاب المتوفى الصلح لكي يقوم الطرف الثاني بواجبهم في العزاء، وعندما ذهبوا إلى مضافة آل "البيطار" سألهم الراحل عنا ولماذا لم نأت كغيرنا من الناس إلى العزاء؟ ولما أخبروه السبب قال لهم: (لن آخذ عزاء والدي إلا إذا قدموا ليشاركوني العزاء)، وهذا ما حصل تم العزاء وهو في الوسط ونحن نحيط به وسط دهشة الناس جميعاً! وهذا ينم عن شخصية مميزة لا تتكرر بسهولة، حيث قام رحمه الله بحلّ معضلة كبيرة بكلمة واحدة منه

أما العقيد المتقاعد "حسيب البعيني" فتحدث عن البيئة التي نشأ فيها العميد "البيطار"، ويقول: «تعد مضافة آل "البيطار" من أعرق مضافات الجبل، كان يؤمها الوطنيون إبان الاحتلال العثماني وبعده الفرنسي، وهو أحد أقارب المناضل "عقلة القطامي" من قادة الثورة السورية الكبرى، وكان القائد العام للثورة السورية الكبرى "سلطان الأطرش" قد زار المضافة أكثر منه في عهد الراحل "إبراهيم البيطار" الذي كان يعمل ترجماناً أيام الاحتلال الفرنسي، حيث يساعد أهالي الجبل بكل أمورهم ومشكلاتهم مع الاحتلال، وكان يعفي المطلوبين بطرائق شتى، وهو من أهم المرجعيات التاريخية في المنطقة ومن الشخصيات المشهود لها بالصدق، وضمن هذه الأجواء عاش الراحل حياة ملأى بالعمل والعلم والحب لأبناء مدينته ووطنه، وقد ساهم بحكم موقعه في الجيش بخدمة أبناء وطنه على اختلاف مشاربهم، ولم يكن يسأل أبداً ما لون وجنس وطائفة الذي يطرق بابه، واكتملت شخصيته المميزة بحبه للأدب والأدباء، وطرقه للشعر حيث خلّف مجموعة من الكتب السياسية وديوان شعر، ومن أهم مآثره أنه كان يبحث دائماً عن الكتب النادرة لاقتنائها وإهدائها إلى أصدقائه وطالبي العلم».

السيدة نهاد البيطار أخت الأديب الراحل

ومن البيت الذي خرج منه "البيطار" إلى معترك الحياة تحدثت شقيقته السيدة الفاضلة "نهاد يوسف البيطار" عن رفيق الصبا وعماد البيت، وتقول: «ولد أخي الراحل في حضن بيت وطني، وتربى كأبناء جيله على حب الوطن والغيرة على الآخرين، يرعى مصالحهم ويداوي جراحهم، وكان البار بوالديه، وخاصة أمه التي بنى لها صرحاً كبيراً لكي يزوره الناس ويتذكروا سيرتها العطرة، وقد أوصى بأن يدفن جوارها، وقد اتسمت مواقفه مع الناس بالنبل منذ نعومة أظفاره، وكانت أولى مزاياه في الصغر عندما حلّ مشكلة كبيرة أثناء قراءته لرسالة ملأى بالقدح والذم مستبدلاً كلماتها بالمدح والإشادة، وانتهى الخلاف بالصلح بين عائلتين، فتوقع من عرف بالحادثة أن يكون لهذا الشاب الصغير شأن عظيم، وقد أخبرنا أحد المشايخ أنه عقد 140 صلحة في الجبل لما له من حب وتقدير في نفوس الناس، وكان يعتبر المساس بمبادئ وقيم وشهامة وعروبة الجبل خطاً أحمر، وهو كريم النفس سخي اليد لكل من يطرق بابه، وقد تبرع لبناء أول جامع في مدينة "شهبا"، وكان المساهم الدائم لأغلب مواقف المدينة قبل الكنائس، لقد كان الأخ والصديق والأب الحنون والمفكر والشاعر والضابط الذي نال احترام وتقدير الرؤساء والمرؤوسين، ونال العديد من الأوسمة أثناء خدمته الطويلة للوطن».

أما الأستاذ "منير أبو زين الدين" رئيس المركز الثقافي العربي في "شهبا" وصديق العائلة، فقد أورد سيرة الراحل منذ نشأته بالقول: «ولد في مدينة "شهبا" عام 1932، ودرس المرحلة الابتدائية فيها، وانتقل إلى "دمشق" فدرس الإعدادية والثانوية في مدرسة "الآسية"، وحصل على الشهادة الثانوية الأدبية عام 1952، فتحول إلى سلك التدريس من عام 1952 إلى عام 1956 قبل أن ينتسب إلى الكلية الحربية عام 1967، وقد تدرج بالرتب العسكرية حتى رقي إلى رتبة عميد في العام 1978، وقد منح العديد من الأوسمة منها وسام "الخدمة الطويلة"، ووسام "الشجاعة" من الدرجة الأولى، ووسام "الاستحقاق السوري" من الدرجة الأولى، ووسام "الإخلاص" من الدرجة الأولى، وهو عضو اتحاد الكتاب العرب، وله العديد من المؤلفات والكثير من القصائد والمقالات في الصحف المحلية والعربية، وقد غادر الدنيا في 15 أيلول 2014، ومسيرة حياته الطويلة حافلة بالعطاء والحب، تاركاً خلفه عائلة تتمتع باحترام الناس وتقديرهم».

جناح الراحل في ثقافي شهبا

يذكر أن للراحل "إبراهيم البيطار" ثلاثة كتب صادرة عن اتحاد الكتاب العرب، وديواناً من الشعر، والكثير من المقالات، وقد تبرعت عائلته بما يزيد على 500 كتاب للمركز الثقافي العربي في "شهبا" لتوضع بجناح خاص يحمل اسمه، مع مقتنياته الشخصية.

الراحل مع أوسمته العديدة