قفز بحصانه العربي الأصيل فوق سيارة الجيب ليكمل مسيرة عطاء كان فيها "علي نصر الدين" فارساً وأمهر مدربي فرسان سورية بشهادة معاصريه.

مدونة وطن eSyria بتاريخ 8/4/2013 زارت منزل آل "نصر الدين" في قرية "الكفر" التي تقع جنوب شرق مدينة "السويداء" لتحاور أبناء الفارس وعدداً من المهتمين برياضة الفروسية، ونقل لنا الرحالة العربي "عدنان عزام" الذي جال العالم على حصانه برحلة مشهورة وكان "علي نصر الدين" على رأس مودعيه مع خيالة "السويداء"، من أخبار ومواقف هذا الفارس مشيراً بالقول: «في عام 1982 وقبل أيام من انطلاقي في رحلة حول العالم على ظهر جواد التقيت الفارس "علي نصر الدين" الفارس والمدرب المعروف، ونقلت له رغبتي بخوض هذه التجربة ومن خلال حوار معه لمست قيم الفارس وخبرة رياضية كبيرة، وقدم لي مجموعة من الأسئلة نمّت عن رؤية وعلم، وظهر تعلقه بالخيول عندما فحص الجواد وقدم لي بعض النصائح.

ترجم والدي "علي نصر الدين" ارتباطه بالخيول خلال مسيرة حياته الطويلة ولم تغب الخيول عن اهتماماتنا ربى منها الكثير واعتنى بها، وعندما أسس نادي الفروسية بالتعاون مع محبي هذه الرياضة في ذلك الزمن حاول تقريب الشباب لهذه الرياضة، وكانت فترة ذهبية تألق بها النادي وحقق بطولات على مستوى القطر، وكانت فرصة كبيرة لي ولإخوتي لاختبار هذه الرياضة والتدرب عليها ليعلم الأولاد والبنات هذه الرياضة، وكنا مع رفاقنا من الشباب نشارك برغبة كبيرة في التعلم والاستفادة من خبرة الوالد وقد استمر النادي لسنوات طويلة لكنه وفي عام 1988 توقف بفعل عدم توافر الامكانات المادية

لكن الجميل في هذا اللقاء كان تعبيره الصادق عن تبني رحلتي والاستعداد للدعم والمساعدة، وفي يوم الانطلاق كان في وداعي على رأس خيالة "السويداء" وفرسان نادي الفروسية الذي كان يديره، كانت لحظات مؤثرة اقترنت باحترام كبير لمسيرة هذا الفارس الذي التقيته بعد نجاح الرحلة ووجدته بكامل حيويته يمتطي الخيل على الرغم من تقدمه بالسن، لينتقل معنا لقريتي "الدويرة" الواقعة غرب "السويداء" على ظهر جواده بفروسية ونشاط قد لا نجده عند الشباب.

أسرة المرحوم علي نصر الدين والأستاذ نور الدين الشعار

هذا الفارس حافظ على تألقه واحترامه للخيول العربية وكانت له بصمات دامغة على رياضة الفروسية التي عادت للحياة على يديه من خلال نادي الفروسية وروح الفارس الذي بقي وفياً لخيوله ولرياضة حفرت اسمه في قلوب طلابه».

من أبناء الفارس "علي نصر الدين" السيد "سامر نصر الدين" الذي أعاد للذاكرة صوراً عن حياة غنية بالمواقف، وكيف انتقل هذا الشاب من علاقة تقليدية بالخيول تفرضها الحياة الاجتماعية في جبل العرب إلى رياضي ومدرب للفروسية، موضحاً: «ليس غريباً أن يتجه أبناء جبل العرب لرياضة الفروسية في فترة ثلاثينيات القرن الماضي، هو نوع من الولع عبر عنه والدي "علي نصر الدين" منذ الشباب بالتقدم لدخول سلك الدرك بعمر مبكر بعد أن زور في بطاقته الشخصية ليصل لعمر السادسة عشرة، ويكون له فرصة لدخول هذا المجال، فعندما كان بعمر الرابعة عشرة كان متقناً لركوب الخيل وتابع هذه الموهبة من خلال خدمته العسكرية، شارك بعدد كبير من البطولات ومارس مهمة التدريب في الكلية الحربية في "حمص" لعقود طويلة، درب فيها منتخب سورية وقائمة كبيرة من الفرسان الذين يعترفون بفضله وإتقانه لأصول ركوب الخيل وأصول التدريب وتربية الخيول العربية.

صورة من مهرجانات شارك فيها مع فرسان نادي الفروسية في السويداء

مارس التدريب منذ العام 1940 وشارك في عدد كبير من المهرجانات لكنه وفي مهرجان "حلب" عام 1965 قدم عرضاً حقق له شهرة إضافية وانجازاً رياضياً كبيراً تمثل في القفز فوق سيارة الجيب، وكانت تجربة التحدي التي فرضت نفسها أثناء البطولة، وقد شغلت هذه التجربة التي كررها ثلاث مرات الوسط الرياضي لكونه قام بالتجربة بناء على انتقائه لحصان من الخيول المشاركة ولم تكن لها تدريبات سابقة وكانت بالقياس إحدى عشر متراً.

فقد كانت الفروسية بالنسبة لهذا الفارس قضية فيها الكثير من الاجتهاد والدراسة، هنا يلتقي العمل الرياضي مع الدراسة ليعد إلى جانب تعريب كتاب درس في الكلية وحمل عنوان "كتاب الفروسية" وشكل مرجعاً لكل من اتبع هذه الرياضة في ذلك الزمن، عدداً من المحاضرات تظهر طرق العناية بالخيول وكيفية ترويضها وتفاصيل تشريحية وعلمية كان يقدمها لطلابه الذين تعلقوا برياضة الفروسية.

قفز الحواجز رياضة مارسها على نصر الدين وبرع بها

ومن خلال نادي الفروسية الذي أسسه ليدرب الشباب رغم تقدمه بالسن، وليحافظ على رصيد كبير من الأوسمة والميداليات وبطولات شارك بها في الجزائر والعراق وغيرها من الدول العربية، اليوم نعمل للمحافظة على إرث هذا اللاعب وما جسده عبر مسيرته الطويلة، ونحتفظ بمختلف الوثائق وما وثق من مواقف كان فيها مشجعاً لإحياء رياضة الفروسية والاقتداء بقصص البطولات العربية وبطولات جبل العرب، واشتهر بأقوال معبرة صنف فيها الخيول مثل قوله: الخيل أشرفها الحجازية وأجملها عيناً النجدية، وأصبرها اليمنية وأمتنها العراقية وأبهاها لوناً السورية».

نقل لأسرته ولجيل كبير من الشباب محبته للخيول وتعلقه بها، هذا ما حدثنا عنه ابنه السيد "هشام علي نصر الدين" فارس تدرب على يد والده وحقق نتائج متميزة قائلاً: «ترجم والدي "علي نصر الدين" ارتباطه بالخيول خلال مسيرة حياته الطويلة ولم تغب الخيول عن اهتماماتنا ربى منها الكثير واعتنى بها، وعندما أسس نادي الفروسية بالتعاون مع محبي هذه الرياضة في ذلك الزمن حاول تقريب الشباب لهذه الرياضة، وكانت فترة ذهبية تألق بها النادي وحقق بطولات على مستوى القطر، وكانت فرصة كبيرة لي ولإخوتي لاختبار هذه الرياضة والتدرب عليها ليعلم الأولاد والبنات هذه الرياضة، وكنا مع رفاقنا من الشباب نشارك برغبة كبيرة في التعلم والاستفادة من خبرة الوالد وقد استمر النادي لسنوات طويلة لكنه وفي عام 1988 توقف بفعل عدم توافر الامكانات المادية».

وعمّا قدمه هذا الفارس من خلال نادي الفروسية وتدريب وتخريج فرسان في الكلية الحربية في "حمص"، أشار المهتم بالتوثيق وابن قريته الأستاذ "نور الدين الشعار" الذي وثق ذكريات هذا الفارس، بالوثائق والصور، قائلاً: «أرشيف غني يحكي قصة "علي نصر الدين" الفارس الذي نال وسام استحقاق الجيش العربي السوري عام 1962 وعرّب كتاباً تعليمياً درّس في الكلية الحربية، وجمع ووثق لأرسان الخيل في المحافظة ليحفظ سلالات الخيول التي وجدت في سورية وفي محافظة "السويداء".

حيث يشهد معاصروه أنه وبعد رحلة طويلة وتدريب فرسان سورية من خلال الكلية الحربية في "حمص" قدم الكثير لرياضة الفروسية وخرج عدداً من الفرسان ولم يكن ليهتم بالرياضة دون البحث في قضايا علمية أهمها التشريحية والحالة الصحية وطرق التدريب السليم وأنواع الخيول وطرق رعايتها، وحرص على تربية الخيول ومارس رياضته التي تفوق بها إلى عمر متقدم، ويتذكر المتابعون أنه بعمر السبعين مارس قفز الحواجر في دورة فخرية أثناء بطولة دولية ليتخطى حاجز 160 سم في الوقت الذي قفز الفرسان المشاركون على ارتفاع 135 سم وحقق النجاح وكان كعادته متميزاً.

ولن ننسى بصماته المضيئة وكيف سعى لتأسيس نادي الفروسية في "السويداء"، حيث استقطب عدداً كبيراً من الهواة والرياضيين واستمر لسنوات عديدة حقق من خلالها نتائج في بطولات محلية وعربية، كل هذه المشاركات وثقتها بمساعدة أبناء المرحوم "علي نصر الدين" بهدف تقديم هذه التجربة للأجيال القادمة والتعريف برياضي جسد قيم الفروسية في البطولات الرياضية والحياة».

من الجدير بالذكر أن الفارس "علي نصر الدين" من مواليد قرية "الكفر"عام 1916 توفي عام 1994 درب في الكلية الحربية لما يتجاوز العقود الخمسة، وأسس نادي الفروسية "بالسويداء" اعتبر ظاهرة رياضية، وحصد العديد من الأوسمة والميداليات إلى جانب زرع بذور البحث والأسس العلمية لرياضة الفروسية التي أتقنها لاعباً ومدرباً وحكماً دولياً.