عاد إلى حيه محمولاً على الأكف ليفي بوعدٍ قطعه لأمه، هو "وليم بسام رضا" الذي أدى الخدمة العسكرية ليزين صفحاتها الخمس عشرة الأخيرة بدمه الطاهر، الذي أرخصه عندما واجه ورفاقه مجموعة مسلحة ليفتح له باب الشهادة ويكون الابن البار لوطنه كما كان لأسرته وذويه.

ففي التاسع من أيار زفت "السويداء" شهيدها من حي "دبيسي" وسط "السويداء" ليجول جثمانه في أرجاء المدينة وحناجر الرجال والشباب تعلو بالحداء، للوطن وقائد الوطن، هو عرس عاشته المدينة التي زغردت فيها النساء للشهادة على أرض نهلت من دماء الشباب لتبقى حرة كريمة.

عرفت به الشاب المحب للوطن المندفع للتضحية من أجل رفعته وسموه، ومنذ بداية الأزمة كان "وليم" متحمساً للقيام بواجبه ولم يكن ليتأخر عن أي مهمة، وقال في عدة مرات إن الوطن الذي احتضننا يستحق منا النضال والتضحية، ولم أستغرب انضمامه لقافلة الشهداء لينال هذا الشرف، حيث سقط بعد أن اخترقت جسده تسع رصاصات غادرة خلال اشتباك مع الجماعات المسلحة

موقع eSuweda أضاء على أسرة الشهيد الشاب وتحدث للمعزين ومنهم الدكتور "عدنان دويعر" الذي قال: «لم تكن "السويداء" وباقي محافظات القطر لترخص الشباب إلا فداءً للوطن ورفعته، هنا ترخص الدماء وتهفو القلوب للشهادة فأرضنا تعود أهلها التضحية والصبر ومقاومة الاعتداء، وإذا كان "وليم" الشهيد الثالث من هذه المدينة فإن حلم الشهادة لا يغادر آلاف الشباب في جبل العرب لتقديم أرواحهم لحماية العرض والأرض ومقاومة الفتنة، وهو اختبار لا ننكر أنه من الاختبارات القاسية لكننا نتسلح بالإيمان والثقة بأننا سنتجاوز هذه المرحلة بعزيمة وثبات، ويكفي أن نستمع لوالد "وليم" الذي رفض التعزية وأصرّ أنه والد الشهيد الذي سيتقبل التهاني على شهادة ابنه كرمى لوطن عزيز».

والدالشهيد وليم مع أقاربه

وبصوته المجروح عبر السيد "بسام إسماعيل رضا" عن مزايا "وليم" الابن البار الذي كان سنده وقال: «تميز "وليم" بالأخلاق الحميدة، وقد كان حريصاً على أسرته ومحباً لأخوته ووالدته، لم يكن شاباً مستهتراً تحمل المسؤولية وعمل مذ كان طفلاً ليساعدني على تكاليف الحياة، وبعد الشهادة الثانوية أراد دراسة الحقوق لكن معدله لم يساعده، فاختار تأدية خدمة العلم ليعود لعمله ويتابع الاهتمام بأسرته، وقد أمضى خدمته العسكرية في مدينة "حمص" ليشاء القدر أن يستشهد في إحدى قراها مقاتلاً ضد من حاول زرع الفتنة وسرقة أمان سورية واستقرارها، وإذا كان الأهل والأصدقاء يشاركوننا اليوم عرس الشهيد فإن سقوط أول شهيد من الجيش والقوات المسلحة وباقي الشهداء لا يختلف أبداً عن استشهاد ولدي، كلهم فداء للوطن الذي يستحق التضحية، وليسر كل أبنائي على طريق "وليم" ولن أحزن فمن نال شرف الشهادة نال الكرامة والعزة».

وحدثتنا السيدة "سوسن بدوي" والدة الشهيد التي كانت تنتظر ولدها لينهي خدمة العلم فعاد متوجاً بعلم الوطن وقالت: «خمسة عشر يوماً كانت تفصل "وليم" عن إنهاء الخدمة العسكرية، وقد انتظرته طويلاً ليعود كما هي عادته يحمل الشوق والمحبة لي ولإخوته ووالده ولم أكن أعرف ان حباً أكبر وأصدق سيبعده عني، هو الذي وعدني بأنه يكون عزيزاً كريماً وأنه سيكون مصدر اعتزازي ووالده وقد أوفى الوعد، فقد أخبرني أنه لن يتخاذل وأنه سيقاتل في أرجاء وطنه ليبقى هذا الوطن كما كان دائماً آمناً مستقراً، وكان على ثقة بأنّ ما تتعرض له سورية اليوم ما هو إلا مرحلة عابرة ستمضي بسلام بفضل محبة أبناء الوطن ووعيهم لما يحاك من مؤامرات».

سوسن بدوي والدة الشهيد

ومن الجيران من عبر بدموع الفرح عن الاعتزاز بهذا الشهيد ومنهم السيد "غسان جريرة" الذي عمل معه "وليم" لسنوات طويلة وقال:

«كان الشهيد قريباً مني ومن إخوتي لأنه عمل معنا لسنوات طويلة في ورشة الحدادة التي نمتلكها وكان شاباً متميزاً صادقاً يعمل بجد واجتهاد ليقدم العون لأسرته، وكان يتابع العمل في كل إجازة ليتمكن من تأمين احتياجاته وأسرته، ولم نعرف منه إلا السلوك الحسن والأخلاق الحميدة، ومع أننا نحزن لخسارة هذا الشاب لكننا وبوصفنا أهله نفرح لنيله شرف الشهادة».

من محفل العزاء

أما الأستاذ "عادل رضا" مدرس "وليم" خلال المرحلة الثانوية فقد بين لموقعنا أن شهادته لم تكن مفاجأة له وقال: «عرفت به الشاب المحب للوطن المندفع للتضحية من أجل رفعته وسموه، ومنذ بداية الأزمة كان "وليم" متحمساً للقيام بواجبه ولم يكن ليتأخر عن أي مهمة، وقال في عدة مرات إن الوطن الذي احتضننا يستحق منا النضال والتضحية، ولم أستغرب انضمامه لقافلة الشهداء لينال هذا الشرف، حيث سقط بعد أن اخترقت جسده تسع رصاصات غادرة خلال اشتباك مع الجماعات المسلحة».

الجدير بالذكر أن الشهيد "وليم بسام رضا" من مواليد عام 1989عازب من سكان حي "الدبيسي" وهو الابن الأكبر والمعيل لأسرته، استشهد في منطقة "بابا عمر" في مدينة "حمص".