من بين ألفي اسم على مستوى العالم.. ورد ذكر اسمها من سورية كواحدة من شخصيات القرن العشرين..

بلغت من العمر خمسا وستين عاماً ومازالت مفعمة بالنشاط والحيوية.. حياتها حفلت بالكثير من العطاءات والإنجازات.. طرقت جميع أبواب الفنون وتميزت بها جميعها.. فرقصت وغنت ورسمت وأبدعت وإلى اليوم تجد الحنين يسكنها لتلك الأيام التي تحدثت عنها بكثير من الفرح والشغف..

في عام 1997م أرسلت الدكتورة "نجاح العطار" اسمي إلى مركز (ABC) في بريطانيا.. لتفوقي وعلى مستوى الوطن العربي في العمل بمحو الأمية، واعتبرت المرأة العالمية لعام 2001م ضمن ألفي اسم مميزين على مستوى العالم... وقد صدرت الأسماء في كتاب خاص. للدكتورة "نجاح العطار" وللسيدة "غادة الجابي" أثر كبير في حياتي فقد اهتموا بي وشجعوني على كل ما قمت به منذ البداية، فمن الجميل جداً أن نجد من يقدر أعمالنا. هذا ولن أنسى المربية الفاضلة "ندوة النوري" مدرسة لغة عربية والتي درستني في عام 1958م اعتبرها مثلي الأعلى لأنني تعلمت منها الكثير القيم والصدق والبحث والتدقيق

سافرت إلى أكثر من 30 دولة لدراسة تجارب الشعوب التي تعيش فيها.. تفوقت بعملها وبوظيفتها ولكن الأمر الذي لم تتوقعه هو الشهرة على مستوى العالم..

السيدة "سهام أبو عسلي"

الحديث عن السيدة "سهام أبو عسلي" من مواليد 1945م.. والذي تحدثت لموقع eSuweda عن أبرز محطات حياتها التي حفلت بكل ما هو مميز من خلال اللقاء التالي:

كانت البداية بالحديث عن مرحلة الطفولة قائلة: «كان والدي قائداً للشرطة في محافظة "دمشق".. بدأت بمساكن الراهبات في "دمشق" وتميزت بإتقان اللغة الفرنسية، عشنا سبع سنوات في "دمشق" وبعدها عدنا إلى "السويداء".. وجدنا فرقاً كبيراً في العادات والتقاليد وطريقة التعامل بين الناس... ومع ذلك كان لابد من التأقلم.

أثناء اجتماع لجنة المرأة في فرع الهلال الأحمر

دخلت المرحلة الإعدادية وكان يسكنني حلم بتأسيس فرقة لرقص السماح.. وحققت حلمي في عام 1958م بتشكيل الفرقة والتي بلغ عدد أعضائها 12 فتاة وقد اخترتهم بمساعدة مدرسة التربية الموسيقية، واجهت عدة مشاكل مع الأهل حتى استطعت الظهور على المسرح.. إلا أننا نجحنا وأقمنا العديد من الحفلات منها حفل مميز أبدعنا فيه بمناسبة عيد الأم في عام 1959م بحضور وفد من المدرسين المصريين الذي جاء ضيفاً إلى "السويداء"».

درست في الثانوية الفنية واكتشفت مدرسة الرياضة موهبتي مع بعض صديقاتي في عرض الأزياء، وكنا نقوم بعرض الأزياء التي نقوم بخياطتها، وبعدها دخلت دار المعلمات ولم يتوقف نشاطها بل أظهرت في تلك الفترة ما خفي من مواهبها، وعن تلك المرحلة تابعت بقولها: «كنت أرغب بدراسة اللغة العربية ولكن الظروف حالت دون تحقيق ذلك، ولكنها لم تمنعني من دراسة المنهاج وقراءة الشعر الجاهلي والأموي والعباسي.. ومعظم ما كتب في الأدب العربي والعالمي.

من الأرشيف أثناء دورة تأهيل المعلمين لمحو الأمية

ففي عام1960م التحقت بدار المعلمات في محافظة "درعا" كان الطابق الأرضي عبارة عن مرسم كنت أقضي أوقات السهرة فيه وأرسم.. وفي عام1963م أقمت معرضاً مأجوراً بعت فيه لوحات بقيمة 1000 ليرة سورية في ذلك الوقت، وكانت مفاجأة كبيرة لمن حولي حصولي على هذا المبلغ الكبير ولقيت تشجيعاً ودعماً على المتابعة.

في عام1964م تخرجت وتميزنا نحن فتيات "السويداء" في حفل التخرج وقدمنا رقص باليه..وقد اختارتني مدرسة الرياضة "فائزة خطاب" للمشاركة في حلب.

وفي نفس العام شاركت بمهرجان الكرمة الذي أقيم في "السويداء" وتعهدت المهرجان بأكمله، كان غنياً ومنوعاً قدمنا فيه معروضات وسهرة اختيار ملكة جمال العنب، جلبت ثياب الحفل من التلفاز وعرض علي الأستاذ "غسان بهلول" العمل بتدريب الرقص الشعبي والباليه براتب 700 ليرة سورية، إلا أن جدي رفض الفكرة بأكملها.

فالسيدة "نبيلة أبو الشامات" موجهة داخلية بدار المعلمات وزوجة المخرج "محمد ملص".. كانت مؤمنة بموهبتي في الباليه وكانت تدربني بعد الساعة العاشرة ووضعت لي نظاماً غذائياً لا أقدر على تجاوزه.

وتميزت في الموسيقا وشاركت بجميع الحفلات من عام 1960م – 1965م، كنت عازفة أكورديون وتعلمت العزف على ثلاث أصوات من مدرسة الموسيقا.. وتميزت بالعزف، وكنت قد عزفت أغاني "أسمهان" على البيانو بثانوية البنات.

بعد التخرج عملت مدرسة في مدينة "شهبا" وشكلت فرقة رقص شعبي، وبقيت أرسم وأرقص وأعزف حتى تزوجت في عام 1968م وابتعدت عن هواياتي التي أحبها وأعشقها.. وتشكلت وبنفس العام بأول مكتب إداري للاتحاد النسائي وبدأت العمل بمجال دراستي وكنت قد أهملته كثيراً في الخياطة والتطريز والأعمال اليدوية.. وتركت التعليم وعملت موجهة بثانوية البنات.

بعد أن أنجبت طفلتي الأولى "لما" ازدادت مسؤولياتي وكبرت.. وتشكلت بأول مدرسة فنون نسوية في عام 1970م، وفي عام 1973م أضيفت دراسة الفنون النسوية إلى الثانوية، ودرست عاماً كاملاً مادة الرياضة وكان ذلك في عام 1974م».

وعن سبب انتقالها للعمل في "دمشق" أضافت: «في عام 1976م ذهبت إلى المكتب التنفيذي في الاتحاد الرياضي "بدمشق" وعملت حتى عام 1979م معاونة مدير لمدينة تشرين في "كفرسوسة" وأمينة سر مكتب العلاقات الخارجية والإعلام في المكتب التنفيذي في عام 1980م وبقيت فيه حتى عام 1983م، عدت بعدها إلى "السويداء" وبدأت أعمل بتعليم الكبار ومحو الأمية وبعدها عضو مكتب التربية في نقابة المعلمين، وعضو مجلس إدارة في النادي السينمائي وعضو هيئة الثقافة الموسعة في اتحاد شبيبة الثورة وعضو مساهم في الهلال الأحمر وعضو مجلس فرع الاتحاد النسائي وفي جمعية الرعاية الاجتماعية وجميع هذه النشاطات استمرت حتى عام 2000م.

إلا أنني في عام 1991م سافرت إلى مصر للمشاركة بوضع المناهج الجديدة لمحو الأمية في المركز العربي لمحو الأمية، وفي عام 1998م أعلنت أن نسبة محو الأمية بين ذوي الاحتياجات الخاصة 1% وشاركت وفي نفس العام في ندوة دولية أقامتها اليونسكو بعنوان مبدأ التعليم والتنمية المستدامة في المحافظات بحضور السيدة "غادة الجابي" استمرت أربعة أيام.

في عام 1999م أعددت فيلم عن احتفالاتي بمحو الأمية وقد افتتح به أعمال الشبكة العربية لمحو الأمية..بالفترة الممتدة من عام 1983 حتى عام 2000م، بالإضافة إلى كافة الأنشطة التي قمت بها حضرت 17 ورشة عمل سكانية "بدمشق" برعاية وزارة الثقافة.. هذا وشاركت في عام 1967 م في الدفاع المدني في فترة الحرب.. بقيت 15 يوماً خارج المنزل وكنا في فترة استنفار نقوم بجولات إلى المنازل لتهدئة الوضع.. لقد تم تدريبنا على الإسعافات الأولية».

ولدى سؤالنا إذا كانت قد توقفت عن نشاطها بعد العام 2000م؟ أجابت: «أبداً.. في عام 2000م انطلقنا إلى البادية مع مشروع تنمية البادية والمشروع 2418 من منظمة الفاو واستمر حتى عام 2004م، خلال تلك الفترة تلقيت دعوة في عام 2001 من (IBI) مؤسسة متفوقي الولايات المتحدة للانتساب إليها للمشاركة في أنشطتها الإنسانية والاجتماعية، وفي عام 2002 شاركت في وضع نظام داخلي جديد لمحو الأمية وتعليم الكبار، وفي عام 2005م عدت إلى "دمشق" لمتابعة النشاطات مع اتحاد الكتاب وكتبت مجموعتي القصصية الأولى وهي الآن قيد الطبع.. وبدأت بكتابة الثانية.. في عام 2006م جاءني اتصال من مكتب الدكتورة "بثينة شعبان" حيث تم اختياري من المنطقة الجنوبية للمشاركة في فيلم نساء سوريات مميزات، وكان يفترض بنا التحدث باللغة الانكليزية وبما أنني لغتي هي الفرنسية ألغيت مشاركتي».

السيدة "سهام" كرمت من وزير الثقافة ووزير التربية.. ومن الدكتورة "نجاح العطار" لأنها أقامت أول معرض لمحو الأمية على مستوى الوطن العربي شمل جميع النشاطات الثقافية والفنية والأعمال اليدوية وأقيم في المركز الثقافي، ولكنها تعتبر أفضل جائزة حصلت عليها هي وجود اسمها بين ألفين مميز على مستوى العالم وحصولها على شهرة عالمية وعن هذا الأمر تحدثت: «في عام 1997م أرسلت الدكتورة "نجاح العطار" اسمي إلى مركز (ABC) في بريطانيا.. لتفوقي وعلى مستوى الوطن العربي في العمل بمحو الأمية، واعتبرت المرأة العالمية لعام 2001م ضمن ألفي اسم مميزين على مستوى العالم... وقد صدرت الأسماء في كتاب خاص.

للدكتورة "نجاح العطار" وللسيدة "غادة الجابي" أثر كبير في حياتي فقد اهتموا بي وشجعوني على كل ما قمت به منذ البداية، فمن الجميل جداً أن نجد من يقدر أعمالنا.

هذا ولن أنسى المربية الفاضلة "ندوة النوري" مدرسة لغة عربية والتي درستني في عام 1958م اعتبرها مثلي الأعلى لأنني تعلمت منها الكثير القيم والصدق والبحث والتدقيق».

الأستاذ "محمد طربيه" رئيس فرع "السويداء" لجمعية العاديات وعضو اتحاد الكتاب العرب تحدث عن السيدة "سهام أبو عسلي" بقوله: «هناك عدد من الشخصيات النسائية قامت بأدوار مؤثرة على الصعيد الثقافي والاجتماعي ولم تنل حقها من التعريف والتقدير ومنهم السيدة "سهام أبو عسلي" التي كانت من أوائل السيدات اللواتي حصلن على شهادات علمية، درست في "درعا" وتخرجت مدرسة ولم تكتف بمهنة التعليم بل أضافت إليها أنشطة فنية واجتماعية وثقافية، وكانت من أوائل المشاركات بالفنون الشعبية التي ظهرت في المحافظة لإحياء التراث المحلي والوطني وأدخلت العنصر النسائي للمشاركة فيها، وأذكر وأنا طفل في الصف الخامس أني شاهدتها في رقص السماح وكان شيئاً جديداً وجميلاً.

أضف إلى ذلك دورها الفعال في تفعيل مكتب محو الأمية في المحافظة حيث بقيت فترة طويلة مديرة لهذا المكتب وضربت رقماً قياسياً بعدد الجولات على المناطق التي تتطلب محو الأمية ولاسيما في مناطق الريف وتجمعات البدو.. وقد أثمرت جهودها مع زملائها بأن "السويداء" أصبحت أول محافظة خالية من الأمية، وكان لها مساهمات فعالة أيضاً في الاتحاد النسائي..

وهناك جانب كان غير معروف في نشاط السيدة "سهام" وهو عضويتها في النادي السينمائي في "السويداء" وكنا معاً في مجلس إدارة النادي، وكانت وبشكل مستمر تدعو الزملاء والأصدقاء ولاسيما الاتحاد النسائي لحضور الأنشطة واللقاءات مع الممثلين والمخرجين وكان بيتها مفتوحاً لاستقبال الضيوف وتعريفهم بأوجه النشاط المختلفة في المحافظة.

وهي اليوم عضو فعال في جمعية العاديات وفي جمعية أصدقاء الموسيقا.. فلا عجب بعد كل هذا التميز أن يتم اختيارها كواحدة من شخصيات القرن العشرين ضمن ألفي شخصية عالمية».