"طلال نصر الدين" مخرج وكاتب معروف بنزعته الإنسانية التحررية والديمقراطية وبمواقفه ضد الاستبداد، وهو من القلة التي تندد بالحروب في أعمالها الفنية في منطقة الشرق الأوسط، فهو خريج المعهد العالي للفنون المسرحية سنة 1980. عمل في المسرح القومي في سورية منذ تخرجه ومازال يعمل به حتى الآن. بدأ عمله كممثل ثم شرع بالإخراج والكتابة.

حاز الجائزة الأولى للإبداع الأدبي في القاهرة عن نصه المسرحي "نبوخذ نصر" عام 1991، وحاز على الجائزة الثالثة للسيناريو لمنظمة اليونسكو ووزارة الإعلام في سورية عام 2002، كما نال الجائزة الثالثة للقصة القصيرة للمركز الثقافي الإيراني بدمشق عام 2004.

لم أكن أتوقع هذا النجاح لـ"الديك" ربما وفقت في اختياري للممثلين أمثال "زيناتي قدسية" و"قاسم ملحو" وبفريق العمل كله، وربما أثار الموضوع الجدل بين الجمهور

موقع "eSyria" وبتاريخ 14/9/2009 كان في ضيافة الكاتب والمخرج المسرحي "طلال نصر الدين" وذلك في بيته الذي يعج بكتب الفلسفة والتاريخ والأدب. وحين تبدأ الحديث معه يدهشك بثقافته العالية واطلاعه، وتواضعه مع الآخرين.

في مكتبه

بدأ حديثه فقال: «طفولتي كانت متأرجحة وقلقة فكنت مشاكساً في البيت والمدرسة ولم أكن أحتمل القواعد والضوابط التقليدية في البيئية المحافظة، إلا أنني كنت ذكياً بالفطرة وشغوفاً بالقراءة ومطالعة الكتب والصحف حيث كنت أسردها لوالدي كل يوم وأنا في المرحلة الابتدائية بسهولة ويسر، وفي هذه الأثناء حدث مفصل غير حياتي كاملة، فكانت مشاهدة أول فيلم سينمائي بعنوان "ارنست تشي غيفارا" البوابة التي أدخلت إلى نفسي عالماً من الخيال والحلم، سحرتني تلك الشاشة وشدتني إلى عالمها من دون رجعة، وعلى أثر ذلك أصبحت السينما هاجسي وهوسي ولا حياة من دونها».

لم يتكئ "طلال نصر الدين" على التمثيل والإخراج فقط بل بدأ يبحث عن مفردات اللغة ليخرج لنا نصوص مسرحية عالية المستوى، وعن هذا التوجه يقول: «لأنني انسان نهم إلى القراءة والمطالعة أثارتني فكرة مشروع كتابة النصوص المسرحية، فبدأتُ بتحضير مسودات النص المسرحي "نبوخذ نصر" حيث استندتُ فيه على الواقعة التاريخية وحاولت دمجها بالمعاصرة، ورغم رفضها من مديرية المسارح لإخراجها لم أستسلم وباشرت بكتابة نصوص جديدة مثل "التوباز والذندان" و"حكاية الملوك".

أحد مسرحياته

للأسف قبلت النصوص لكن أسند الإخراج إلى اسم آخر.

رغم كل الاحباطات كتبتُ مسرحيتي "حلم العقل" وهي تتحدث عن المعاناة والمواجهة بين الفنان والسلطة وتم قبولها كنص وإخراج.

طلال نصر الدين

تم ترشيحي لأنال الجائزة الأولى للإبداع الأدبي في"القاهرة" عن نص "نبوخذ نصر" الأمر الذي وفر لي النجاح وإثبات الوجود والتمايز في كل موقع ارتاده».

بعد ذلك كان لا بد أن نسأله عن مسرحية "الديك" التي لاقت رواجاً داخل سورية وخارجها، فقال: «لم أكن أتوقع هذا النجاح لـ"الديك" ربما وفقت في اختياري للممثلين أمثال "زيناتي قدسية" و"قاسم ملحو" وبفريق العمل كله، وربما أثار الموضوع الجدل بين الجمهور».

لابد لنا في النهاية أن نذكر روايته "قلعة الله" التي بدأ الشروع بكتاباتها منذ عقدين وما زالت لم تنجز حتى الآن، وعن هذه الرواية يذهب "نصر الدين" بقوله: «عندما بدأت العمل على هذه الرواية كنت أدرك أنها ستأخذ فترة زمنية طويلة، لأن موضوعها عميق وهي رواية ملحمية تحاول إعادة وجدان الشعب الذي سلب منه، وبالتالي تفتعل وجدان الحاضر والمستقبل، وسوف نرى في هذه الرواية أننا أمام ناس بلا طموح وأمل في الحياة».

ويتابع "نصر الدين" حول حبه للكتابة: «الكتابة هي ورطة جميلة مع الآخرين ومن أجل الآخرين، وشخوصي معظمهم أكلتهم المخيلة عبر الرواية والمسرح، ففي كل عمل أدبي أحاول التقاط الشخوص من العالم والواقع بما يتناسب مع فكرة العمل».

ولدى سؤالنا الكاتب والمخرج "طلال نصر الدين" حول الواقع المسرحي في سورية، أجاب: «قبل افتتاح المعهد العالي للمسرح كانت الحركة المسرحية في الموضع المناسب وتستقطب الجمهور من كل شرائح المجتمع، وأنجزت مسرحيات هائلة على مستوى الإخراج والتمثيل والتأليف، أما بعد إنشاء المعهد تغيرت الحركة المسرحية وبات التلفزيون هو همه الوحيد وتسربت كل الكوادر في العمل لمصلحة التلفزيون، فكيف يكون لدينا ثلاثون دفعة من المتخرجين وليس لدينا فرقة واحدة في المسرح، لذلك أرى أنه لابد من إعادة النظر إلى واقع المسرح من خلال وزارة الثقافة والتخطيط والتربية، والبدء بوضع الخطط الإستراتيجية وليس التكتيكية من أجل العودة بالوجدان الجمعي العام ومن أجل أطفالنا في المستقبل».

جدير بالذكر أن الكاتب والمخرج المسرحي "طلال نصر الدين" مواليد 1957 في "السويداء"، أخرج للمسرح، "مأساة الملك" و"حلم العقل"، أما المسرحيات التي من تأليفه وإخراجه فهي "موت عابر" و"عمر بن عبد العزيز" و"ملك الخواء".

تعتبر مسرحية "الديك" من أشهر مسرحياته شاركت في بضعة مهرجانات مسرحية: "عمان" و"زيمين" في إيران، و"تارتوزا" في إسبانيا وحصل العمل على جائزتي التمثيل الأولى والثانية في الأردن وإيران.