عندما تزغرد أمهات الشهداء أمام نعوش أبنائهن نعرف أن هناك مولودا أعظم وأكبر قد ولد لهن من جديد.

المولود هو حرية هذا الوطن الكبير بأهله وبدم أبنائه، وهذا ما يفسر انتصار الدم على السيف والبندقية، فبدمائهم كتبوا صفحات لا يمكن أن ترضى حروفها بأقل من اللون الأحمر دليلاً لكل الأجيال السائرة على هذا الطريق الذي يعرف الأبناء فيه كيف يعيدون ملاحم آبائهم إذا عاد الغزاة من جديد، فبلد مازال يقف بإجلال واحترام أمام عيد استقلاله، لاشك أن أبناءه يعرفون حق المعرفة قيمة الدم الذي دفع ثمنا لهذا العيد.

نقف بإنحناءة الإكبار والإجلال لصانعي هذا اليوم الذين لم ولن يغيبوا عن الذاكرة فهم الباقون ما بقيت "ميسلون والكفر والمزرعة".

eSuweda زار بيت أحد المجاهدين (30/5/2008) والتقى ابن المجاهد "جاد الكريم الحلبي" السيد "جمال" الذي حدثنا عن مشاركة والده بالثورة السورية الكبرى بالحديث التالي:

ولد المجاهد "جاد الكريم الحلبي" الذي هو والدي عام 1888 في قرية "عتيل" وشارك في الثورة السورية الكبرى إلى جانب رفاقه الثوار في معركة الكفر التي قادها المغفور له "سلطان باشا الأطرش" وشارك أيضا في معركة المزرعة التي هزم فيها الفرنسيون شر هزيمة، وعن معركة "الكفر" قال: حدثني والدي أن الحملة الفرنسية كانت قد خيمت في موقع "عين موسى" التابعة لبلدة الكفر وعندما علم الثوار بها وكانوا متواجدين في موقع "سد العين" والواقع إلى الشمال من مدينة صلخد بعث القائد العام للثورة رسولا من بلدة الكفر وهو "أسعد مرشد" ليخبر الفرنسيين وينذرهم بأن يغادروا الموقع، فجاء الرد بالرفض عندها أعد الثوار خطة حربية خاطفة وتوزعوا حول وجود الحملة فحاصروها من جميع الجهات ثم انقضوا عليها كالعقبان فأبادوهاعن بكرة أبيها ومن نجا منهم لاذ بالفرار.

وعن إصابة أبيه في معركة المزرعة قال السيد "جمال": لقد أصيب والدي في معركة المزرعة بطلقات نارية في كتفه وساقه ولكنه تابع القتال وتمكن من الوصول إلى دبابة للعدو وتمكن من قتل قائدها، واستولى على بارودته وحقيبة مملوءة بالنقود الفرنسية وحصل ذلك والدماء تنزف من كتفه وساقه، وقد كان لوالدي أيضا شرف تكليفه مع المجاهد "حمد البربور" والمجاهد "سلمان الحلبي" بمرافقة الثائر "ابراهيم هنانو" من بيت المرحوم "نجم عز الدين" في قرية الثعلة إلى الأردن حيث الملك فيصل وذلك على أثر اتصالات تمت بين قائد الثورة والمجاهد "محمد عزالدين"، كما شارك والدي أيضا في معركة "اللجاة"، وقد ختم السيد "جمال" كلامه بالقول: أنا سعيد بقدري أن أكون ابنا لأحد مجاهدي الثورة السورية الكبرى، حيث كنت استمتع بحديثه عن ملاحم هذا الجبل الأشم، وخاصة تلك الحقبة اللامعة الملأى بالبطولات التي قدمها أبناء هذا الوطن على امتداد ساحته ومساحته، لتبقى راية الإباء والشموخ والحرية مرفوعة عاليا ونحمد الله أن هناك من يتابع هذه المسيرة اليوم وهوالسيد الرئيس"بشار الأسد".