المجاهد "محمد باشا عز الدين" من أهالي بلدة "لاهثة" ولد فيها عام 1889 وتوفي في "السويداء" عام 1958، تخرج في الكلية الحربية في "الأستانة" عام 1905 بدرجة امتياز، رفع إلى رتبة مقدم أركان حرب وعهد إليه بقيادة كتائب من الجيش, مثل سورية الكبرى في مجلس "المبعوثان" في "استنبول" عام 1915, شغل عدة مناصب إدارية, وشارك في معركة "ميسلون", قاد معارك كثيرة إبان الاحتلال الفرنسي وأبلى فيها بلاء حسناً, نزح إلى السعودية وبقي فيها 12عاماً، قاد العديد من الحركات الوطنية الثورية، وانضم في مطلع شبابه إلى حزب الاستقلال العربي الذي كان من أعضائه البارزين "شكري القوتلي" و"الأمير عادل أرسلان".

عن سيرة حياة المجاهد الكبير يحدثنا المخرج السينمائي "حسن يحيى عز الدين" فيقول: بدأ حياته العملية مرافقاً فخرياً برتبة رئيس للسلطان "محمد الخامس"، نقل بعدها إلى دائرة أركان الحرب، ثم رقي إلى رتبة وعهدت إليه قيادة كتيبة "دوما" الاحتياطية عام 1911. ولما رأى ما قام به الأتراك من أعمال عدوانية ضد العرب ومظالمهم في كل أنحاء سورية وشنقهم بعض الوجهاء وهم: "ذوقان الأطرش، يحيى عامر، مزيد عامر، محمد القلعاني، حمد المغوش، أبو هلال هزاع عز الدين" (عمّه) في شهر آذار عام 1911م في ساحة المرجة بدمشق، نشأ بينه وبين وزير الدفاع التركي خلاف كبير استقال بعده من وظيفته العسكرية عام 1912 رافضاً بشدة هذه المواقف العدائية، انتسب إلى السلك الإداري في أواخر عام 1912، عُين مدير ناحية وتقلب في عدة أقضية وعين في عام 1917 قاضي تحقيق عسكرياً وكان مثال القاضي الصالح والحاكم العادل، ثم رفع إلى القائمقامية عام 1918 في العهد الفيصلي وتولى أقضية "العمرانية وراشيا وحاصبيا والزبداني وازرع" ثم عهد إليه بمتصرفية "درعا" في 20 تشرين الثاني عام 1920 وحتى شباط 1921، كما اسند إليه في العهد الفيصلي إضافة إلى وظائفه قيادة المنطقة الحربية في "الزبداني" واشترك في معركة ميسلون الشهيرة بقيادة وزير الدفاع السوري آنذاك البطل "يوسف العظمة"، ألقى في بغداد بتاريخ 14/5/1939 في حفل تأبين الملك "غازي" كلمة الجبل وكان حينها نائباً عن الجبل.

في عام 1923 عين نائباً عاماً ومديراً عاماً للعدلية في الجبل، بدأ يقوم باتصالات سرية مع رجالات سورية المخلصين حتى بدء قيام الثورة لسورية الكبرى عام 1925 حيث عهد إليه قائد الثورة المرحوم "سلطان باشا الأطرش" بقيادة المنطقة الشمالية والوسطى والغوطة فقاد معاركها ومنها: معركة "اللجاة" التي جرح فيها بطلقة مدفع جرحاً بليغاً في كتفه، معركة قرية "لاهثة" في الأرض المقابلة لضريحه الحالي، حيث استطاع برفقة مجاهدي هذه القرية وغيرهم ممن كان لهم شرف المشاركة بها إيقاف العدو مدة /45/ يوماً لم يستطع خلالها دخول القرية إلى أن نفذت ذخيرة المجاهدين بالكامل، ومعارك: "مجادل– صميد– تل الخالدية– المسمية في حوران وخلخلة في الجبل– ذكير- المسفيرة عام 1925" والتي فقد فرسه أثناءها، موقعة "الزور الثانية" 17 تشرين الثاني1925 قرب قرية "المليحة" في "غوطة دمشق"، قاد معركة "حمورية" في غوطة دمشق 17 كانون الأول عام 1925، معركة "جوبر والمليحة" عام 1925، معركة "يلدا أو قبر الست"، معركة "الزاوية الحمرا" قرب "داريا"، معركة "مئذنة الشحم"، معركة "الميدان والبواب"، معارك: "عربين وحرستا وجسر تورا وشبعا وجوبر" مطلع عام 1926، معارك النصف الثاني من عام 1926 وأهمها: "بزرة، دوما، بالا، عقربا، يلدا، داريا"، نزح مع القائد العام للثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش وعدد من المجاهدين إلى الأزرق في الأردن ومنها إلى النبك في وادي السرحان في المملكة العربية السعودية، وقد حكم عليه غيابياً بالإعدام، أمضى في الصحراء /12/ عاماً مبعداً مع رفاقه المجاهدين وزار خلال هذه المدة: مصر، والحجاز، والعراق. عاد إلى الحجاز عام 1932 بطلب الملك "عبد العزيز آل سعود" وراح يتصل بعدد من الزعماء السوريين ليطلعهم على أحوال المجاهدين وبقي مع المجاهدين حتى عام 1937 حيث صدر العفو عنهم من قبل الفرنسيين المستعمرين وعادوا إلى الوطن.

ازاحة الستار وتدشين نصب المجاهد "محمد عز الدين"

انتخب نائباً عن قضاء "شهبا" عام 1939، أحيل على التقاعد عام 1944 بناء على طلبه. وفي عام 1945 أسهم بدور كبير في إلغاء الاستقلالين المالي والإداري بالجبل لإلحاقه بسورية الأم.

ترأس حركات تحررية وشعبية خلدها له التاريخ وظل يدافع عن الكرامة الوطنية ويعمل من أجلها حتى وفاته في آذار من عام 1958.

وترك ولدين هما: العقيد الدكتور "توفيق عز الدين" الذي تلقى علومه الطبية في الجامعة الأميركية في "بيروت"، و"القدس" وأكمل تخصصه في "لندن"، التحق بثورة "رشيد الكيلاني" بالعراق متطوعاً مجاهداً وطبيباً وأصيب بجرح عميق جعله يعود إلى وطنه الأم سورية ليساهم في العمل على استقلال سورية، وفي منزله بالسويداء عقد اجتماع مع نخبة من الضباط والمجاهدين وقرروا مهاجمة قلعة "السويداء" واستطاعوا أسر عدد من ضباط حامية القلعة ورفع أول علم سوري على هذه القلعة حتى إن الجنرال "ديغول" قال: (لقد سقطت فرنسا في جبل العرب)، تسلم رئاسة الصحة العسكرية في سورية.

والسيدة نجاح عز الدين: متزوجة ولها خمسة أولاد ثلاثة ذكور وابنتان.

والده: المرحوم "خليل بن علي عز الدين" كان رجلاً فصيحاً ومندوباً عن الجبل في دمشق مع "يحيى الأطرش, وخليل عامر".

إخوة المجاهد هم المرحومون: "عبد الكريم خليل عز الدين": مجاهد معروف قاوم الاستعمارين العثماني والفرنسي وجرح مرات عديدة، توفي في 6/3/1963م. "عبد الغفار خليل عز الدين": شارك في معارك الثورة بالجبل وراشيا والغوطة وجرح في هذه المعركة وكانت له مواقف مشرفة. "فواز خليل عز الدين": وهو الأخ الأصغر بين إخوته كان شاباً وطنياً سياسياً وعسكرياً يتقن اللغات التركية والألمانية والفرنسية إلى جانب اللغة العربية، لم يعمر طويلاً (1900- 1932).

وفي عام 2006 وبرعاية السيد وزير الدفاع جرى الاحتفال بنقل رفاته إلى بلدته وإزاحة الستار عن النصب التذكاري للمجاهد "محمد باشا عز الدين" في بلدة "لاهثة" في السويداء. وإلى جانب النصب أقيم معرض ضم أكثر من مئة وثيقة وصورة تؤرخ لمرحلة الثورة السورية الكبرى. وهي من جمع وتوثيق المخرج "حسن عز الدين".