"لعب السلاح الابيض دوره الفعال في القتال بعد الالتحام بين الفريقين ولم يتمكن "شهاب غزالة" حامل البيرق من استعمال بندقيته، وراح يضرب ببيرقه كل من صادفه من الفرنسيين".

هكذا تحدّث لموقع eSuweda الأستاذ "ضامن مراد" واصفاً "شهاب غزالة" في معركة الكفر بين الفرنسيين والثوار عام 1925، وأضاف: وكان كل من رآه يقاتل ببيرقه يعتقد أن أسداً شرساً ينقض على فريسته بكل عزم ودون خوف، حتى قنصته رصاصة غادرة استشهد على اثرها.

وبعد استشهاده في المعركة دفن في "الكفر"، في الوعر بدار السيد "محمد عكوان" شرق المشهد جنوب الثانوية حالياً.

ضامن مراد

المعركة

مشهد شهاب غزالة في ظاهر ملح

في 21 تموز عام 1925 تجمعت قوة فرنسية قوامها 173 عنصراً بين ضابط وجندي، مسلحين بأحدث أنواع الأسلحة من رشاشات ومدافع بقيادة قائد الحملة الكابتن "نورمان" المشهور بشدة اعتداده بنفسه وغطرسته التي استمدها من أسلافه، وكان مكان التجمع قرية "الكفر" في مكان وعر اختاره الكابتن لكي يسهل عليه صيد الثوار وشل حركتهم حيث لا تستطيع الخيل الجري بحرية.

قبل ذلك كان الثوار قد احرقوا مكاتب البعثة الفرنسية في "صلخد" واسقطوا طائرة حربية كانت تحلق فوق عرمان وأسر طياريها في قرية امتان، وكان الهدف من حملة "نورمان" تحرير الاسرى والقضاء نهائيا على الثورة.

نظارة غزالة

تجمع ما يقارب من خمسمئة مقاتل من المجاهدين في قرية "العيّن" التي تبعد مسافة سبعة كيلومترات عن الكفر مسلحين بالبنادق والخناجر والفؤوس والبلطات والسيوف، ومنهم من كان سلاحه العصا، وجلّهم من المقرن الجنوبي ومن "ملح" تحديداً بقيادة حامل البيرق الشاب "شهاب غزالة"، وعندما وصلوا الى التجمع الآخر الذي يقوده (سلطان باشا الاطرش) قامت النخوات وأنشدت الحناجر جوفيات الحماسة مطالبة بالتوجه الفوري نحو "الكفر".

وتوقع (سلطان الأطرش) يومها ألا ينتظر مقاتلو "ملح" بعد ان أثاروا موجة عارمة من الحماسة للحرب وملاقاة العدو في الكفر دون ابطاء، وبعد ان كان رد قائد الحملة الفرنسية نورمان سلبيا على طلب سلطان باشا بالانسحاب.

لم يستغرق انتقال المحاربين من العيّن الى الكفر اكثر من ساعتين. حيث سار المشاة في طريق وعر ومختصر وانطلق الخيالة في طريق اكثر سهولة ولم تسمح الحماسة بدراسة اية خطة للهجوم بل انطلق الثائرون جميعا بخيلهم ومشاتهم وفي وضح النهار باتجاه موقع الحملة وشكلوا فكي كماشة وانطلقوا في لحظة واحدة على الجنود المحاصرين الذين استماتوا في الدفاع عن مواقعهم فكانت نيران بنادقهم ورشاشاتهم تحصد الثوار المهاجمين حصدا، وقنابلهم اليدوية وبنادقهم القاذفة تتساقط على التجمعات بكثافة عظيمة ودون انقطاع بحيث لم تصل طلائع الفرسان وحملة البيارق الى ميدان المعمعة وتلتحم مع رماة (الهوشكيس) (كما اطلق عليها سلطان باشا الاطرش في مذكراته التي اعتمدناها مرجعاً لهذه المعلومات) في الخطوط الامامية إلا بعد ان اخترقت اجسادهم عشرات الشظايا والرصاصات القاتلة.

استمرت المعركة 40 دقيقة في أسرع المعارك المعروفة في العالم، وقد كان عدد شهداء الثوار اربعة وخمسين شهيدا، بينما لم يبق من حملة نورمان إلا تسعة جنود فروا باتجاه قلعة السويداء.

وبعد استشهاد شهاب غزالة استلم البيرق سلامي البديوي الذي استشهد ايضا.

النصب التذكاري

السيد "دويرج غزالة" حفيد شهاب (ابن ابنته "نظارة") أخبرنا بقصة المشهد الذي نصب لشهاب غزالة في ظاهر بلدته "ملح" فقال: عندما عملت بلدية "الكفر" على شق طريق يمر فوق مدفن شهاب أعلمتنا بالموضوع حيث قاموا بحفر المدفن وأخذ رفاته، وقد شاهدوا بعظم كتفه مضرب الرصاص من الامام.

وقد ساهم السيد "علي نايف غزالة" بالتنسيق مع السيدين امين الفرع ومحافظ السويداء بتشييد مشهد يليق بضم رفات الشهيد في اول بلدة "ملح"، واقيم احتفال كبير بتدشين المشهد في 17 نيسان عام 1998.

يذكر ان الشهيد "شهاب حمد غزالة" من مواليد عام 1880 متزوج وله ابنتان الاولى "نظارة" وهي متزوجة من السيد "حسين غزالة" والثانية "بدر النعام" زوجة "حسين بشنق".