يحاول "مازن حاطوم" من خلال ورشته المنزلية تقديمَ تصاميم مختلفة بالاعتماد على موهبةٍ أوصلته إلى حرفةٍ فنيّةٍ وجدها الأقرب إلى روحه، فصنع من قشر الخشب تصاميمَ تناغمت مع ذوق الزبائن والمهتمين بالأعمال الخشبية.

عملٌ دقيقٌ يستهلك الكثير من الوقت، استفاد منه في تطوير خصالٍ ذاتيةٍ أولها الصبر والخروج من الملل والروتين اليومي، كما تحدث من خلال مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 2 نيسان 2020 وقال: «عملت في أعمال حرة مختلفة لأنني لم أحصل على وظيفة تناسب تخصصي كخريج ثانوية صناعية، وقد اشتغلت في "لبنان" فترات طويلة تنقلت فيها بين عدة مناطق وراقبت عمل المناجر وطرق حرفية متنوعة.

في هذا العم، ومع اهتمامي بتصميم الخشبيات استطعت الخروج من دائرة العمل المجهد إلى عمل يتطلب صفاءً ذهنياً وهدوءاً كبيراً، ويبدو أن هذا ما جعلني أستمر في التصميم الذي يشغل أجزاء كبيرة من اليوم لأصمم قطعة من نوع وشكل معين، هنا أبدأ تخيل القطعة بالشكل النهائي، وهي أولى الخطوات حيث أضع بعدها التصميم برسم هندسي نظامي أثبته وأعمل وفق خطوطه، وهذا ما استدعى تطوير ورشتي المنزلية التي أصبح وجودها ضرورياً لإنجاز العمل الذي لاقى استحسان أشخاص كثر وأخذ بعضهم يهتم به

ولأنني أعشق البحث في تفاصيل القطع الخشبية من تكوينها وطريقة التشكيل والاستفادة من ألوانها الطبيعية، كنت مهتماً بعمل الخشبيات بما فيها من سحر وأفكار لإنتاج أشكال مختلفة تصلح لعدة استخدامات بصبر وتمعن أخرجني من الملل، وبالتعرف على أنواع الخشب وما يمكن تدويره منها اكتشفت قشر الخشب كمادة قابلة للاستخدام بطرق عدة، فقد حاولت التعامل مع هذه الطبقات الرقيقة وأجمعها بشكل هندسي لأستثمر الزوايا وأحاول ترتيب القطع بما ينسجم مع فكرتي التي كانت أول الأمر بدائية لأنني لم أجد فرصة لأتعلم من أحد، فهي إحدى الحرف قليلة الانتشار، وفي الغالب يتم التركيز على أعمال الموبيليا التي أصبحت في المعظم آلية، بينما تطبيق قشر الخشب مارسته كعمل يدوي بالكامل، لأحصل على الشكل الذي أرسمه في مخيلتي، وفي كل مرة كنت أضيف فكرة جديدة حتى تطورت مهارتي وتمكنت من تشكيل عدة تصاميم منها البراويظ أو الطاولات وقطع خشبية فنية من خلال تجارب بوسائل بسيطة جداً كانت المدخل للتعلم.

من أعماله أوجه طاولات

اهتديت بعدها أن هناك مواد أولية خاصة لهذه الحرفة تقدم للحرفي فرصة لتصميم أشكال أكثر دقة، وحصلت عليها من الأسواق اللبنانية والسورية».

لم يتوقع وهو أب لأربع أولاد أن هذه الموهبة ستكون ميدانه الجديد للعمل بعد أن استقر في قريته "رساس" وقال: «في هذا العم، ومع اهتمامي بتصميم الخشبيات استطعت الخروج من دائرة العمل المجهد إلى عمل يتطلب صفاءً ذهنياً وهدوءاً كبيراً، ويبدو أن هذا ما جعلني أستمر في التصميم الذي يشغل أجزاء كبيرة من اليوم لأصمم قطعة من نوع وشكل معين، هنا أبدأ تخيل القطعة بالشكل النهائي، وهي أولى الخطوات حيث أضع بعدها التصميم برسم هندسي نظامي أثبته وأعمل وفق خطوطه، وهذا ما استدعى تطوير ورشتي المنزلية التي أصبح وجودها ضرورياً لإنجاز العمل الذي لاقى استحسان أشخاص كثر وأخذ بعضهم يهتم به».

تنظيم القطع بطرق فنية يدوية

وعن المعارض التي اشترك بها، وما حققه مع الحرفة الجديدة أضاف: «عامين أو ثلاثة اشتغلت على فكرة الانتشار وتكريس الحرفة، وضعت خطوطاً عريضة للعمل تنسجم مع رغبتي في التعريف بالحرفة وتقديمها من خلال إنتاج قطع تفيد الأشخاص كقطع الأثاث مثل (الطرابيزات)، الطاولات الصغيرة، إطارات اللوحات، أو أي شكل تزيني للمنزل أو المكتب، وكان المبيع جيداً، لكن قلة يعرفون حجم العمل والوقت الذي يحتاجه إنتاج قطعة صغيرة، لأن العملية بشكل كامل ترتبط بذوق الحرفي ورؤيته وقدرته على تنسيق الألوان، لذا حاولت من خلال المشاركة بمعرض "الغصن العتيق" في مدينة "السويداء"، ومعارض جماعية ومختلفة في "دمشق" أن أحاور زواري وأحدثهم عن طريقة العمل والتعريف بالغاية الفنية التي أردت تقديمها.

هذه المعارض أشهرت العمل وحققت نسباً جيدة من المبيعات، لأنني عملت بخامة جميلة مثل قشر الجوز الكندي، والأميركي، والسنديان الكندي، وعدة أنواع، إضافة لبعض الأنواع المحلية، حيث حاولت تقديم تصاميم بالاستفادة من طبيعة المواد والعقدة التي تنفع لتشكيل الزوايا وإضفاء رونق على كل قطعة يختلف عن التي سبقتها، وصنعت رقع الشطرنج، وقطعاً صغيرةً لاقت طلباً جيداً، وهي بشكل أو بآخر أعمال يدوية تسرق جمالها من طبيعة الخشب وسحره».

إحسان حديفة

وأضاف: «مع زيادة ساعات العمل وتنوع المنتجات تظهر أمامي فرص كبيرة للتطوير والتجديد الدائم أنجزه وفق المتوافر من الإمكانيات، مع العلم أنني لغاية هذا التاريخ أستفيد من مكابس القطاع الخاص، وهذا يحملني تكاليف إضافية، ففكرة الحصول على مكبس يحتاج للمال الكثير، لكن من خلال ورشتي حرصت على إنجاز كل ما هو ممكن وعرض أعمالي، وهذا ما ساعد في تحسن العمل، لكن تبقى حاجتي وحاجة زملاء كثر من العاملين في مجال العمل اليدوي لإيجاد معارض دائمة ودعم لهذه الحرف، ويبقى هذا العمل فرصة جميلة أستمتع بها، وأحاول تدريب أولادي عليها وهم طلاب جامعات، ولديهم أفكار مميزة، إلى جانب تدريب من يرغب بتعلم التعامل مع هذه المادة الأنيقة».

تابعه مدرس الرياضيات "إحسان حديفة" وأعجبته فكرة العمل والمنتج، وقال: «تجربة مميزة تابعت فيها الحرفي "مازن" منذ البداية العمل، فلديه أفكار خلاقة جاءت مناسبة للمادة الخام التي عمل بها، خاصة أنه استخدم الرسم الهندسي، ولم ينتج قطعة دون مخطط دقيق.

في مرات كثيرة نتشارك الفكرة في الرسم، ونتحاور حول الشكل، لكنه بالحقيقة فاجأني بعدة أعمال نفذها بنجاح ودقة كبيرة، شخص نشيط ومكافح قدم من خلال عمله أجمل ما لديه، مستفيداً من تنظيم الوقت ومن أفكاره الخاصة والتجربة وتكرار المحاولة بعدة طرق.

ورشته الصغيرة الأهم بالنسبة له بعد عائلته، ولديه قدرة على تطويرها ليتمكن من زيادة الإنتاج في حال تمكن من الحصول على مكبس، وهو الآلة الحرارية التي يحتاجها في الوقت الذي يحرص به على أن تبقى كل معداته يدوية، وهي ميزة جميلة تعطي لمنتجاته بهاءً ورونقاً مختلفاً يظهر الجهد والوقت الذي تبقى به القطعة بين يديه لتنجز بشكل جميل يستحق أن يعرض كعمل يدوي فني وثمين».

ما يجدر ذكره أنّ "مازن حاطوم" من مواليد عام 1965 "اللاذقية" من سكان قرية "رساس" في "السويداء" خريج ثانوية صناعية عام 1984.