رغم خسارته معمله ومحلاته خلال الحرب، والظروف القاسية التي تعاني منها صناعة الألبسة، إلا أنّ "فايز مهنا" نهض مجدداً لقناعته أنّ الصناعة هي التي تساهم في جعل الاقتصاد قوياً، وتحقق فرص عمل كبيرة، وإحدى مصادر الإبداع السوري.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 2 كانون الثاني 2019 الصناعي "فايز مهنا" الذي تحدث عن سبب إنشاء المعمل، والصناعة التي تميزه، فقال: «هذا المعمل بالأصل هو معمل خيري، وكل الأهالي يعرفون هذه الحقيقة، فالهدف الأساسي لإنشائه في القرية هو تأمين فرص عمل لائقة لمن يستحق، فبعد أن سرق وأحرق المعمل الأساسي والمحلات التي افتتحت لتصريف البضاعة في "حمص"، كان القرار بإنشائه هنا خدمة للمجتمع، حيث يعيش من خلاله 43 عاملاً.

حاولت خلال السنوات الماضية زرع ثقافة جديدة في المحافظة، فأهالي "السويداء" ما زالوا في بدايات معرفتهم بالصناعة التي هي عماد الاقتصاد، ومشروع صناعي واحد بإمكانه تشغيل الكثير من الأيدي العاملة العادية والماهرة وفتح بيوت كثيرة، وتحقيق ريوع كبيرة وجلب العملة الصعبة، وبالتالي تحقيق اقتصاد كبير

تخصصت منذ بداية عملي بصناعة الألبسة الداخلية (اللانجيري)، ووصل إنتاجنا إلى "أوروبا" وبعض الدول العربية، فبعد 22 سنة في هذه الصناعة التي تعتمد على الإبداع، بتّ خبيراً في كل مخرجاتها، وأعرف وجهة بضاعتي وزبائنها، لكن الحرب أكلت كل تعبي، ولهذا بدأت من الصفر ومستمر رغم كل ما تواجهه من حرب اقتصادية وحصار وعدم اهتمام».

فتاة عاملة على القص

افتتح معمله في قريته، ليكون فاتحة لأكثر من معمل مع أشقائه، وقال: «حاولت خلال السنوات الماضية زرع ثقافة جديدة في المحافظة، فأهالي "السويداء" ما زالوا في بدايات معرفتهم بالصناعة التي هي عماد الاقتصاد، ومشروع صناعي واحد بإمكانه تشغيل الكثير من الأيدي العاملة العادية والماهرة وفتح بيوت كثيرة، وتحقيق ريوع كبيرة وجلب العملة الصعبة، وبالتالي تحقيق اقتصاد كبير».

وعن الأصناف وأشكالها وتصميماتها، أضاف: «نعتمد في عملنا على نظام عالمي منذ وقت طويل، خاصة أننا معروفون في "أوروبا"، وبضاعتنا شكلت على مدى سنوات طويلة ماركة لها سمعتها وزبائنها الكثر، وقمنا بشراكة مع أشهر المصممين، وهذا يعود للخبرة أولاً، وللخيط السوري الذي لا يضاهيه خيط.

عاملة مؤمن عليها منذ بداية عملها

والآن ورغم كل الظروف القاسية التي يمر فيها كل صناعي، وتخبط سعر الصرف، وعدم القدرة على التصدير، وعدم القدرة على إيجاد قطع غيار في حال تعطلت أي من الآلات الكبيرة المستوردة إلا أننا مستمرون بالعمل، وقد افتتحنا عدة محلات في المحافظة، وفي المحافظات الأخرى، وكل ما ننتجه بخبرة العمال ودقتهم وابتكاراتهم، فهم باتوا محل ثقة، ولديهم الكثير ليعطوه بعد أن زرعنا فيهم ثقافة الصناعة، وأسرارها».

المربي والمدرس المعروف "مروان كرباج" قال: «زرع الصناعي "فايز مهنا" عادات وتقاليد جديدة في المجتمع المحلي، أهمها الإيثار والتطوع، فمن خلال عمله في الصناعة؛ استطاع تأمين فرص عمل لعشرات المواطنين الباحثين عن فرصة لإثبات الذات، والأهم أنه وضع هؤلاء في التأمينات الاجتماعية كي يضمنوا حقوقهم، وأسس لعدد من المعامل في المنطقة مع إخوته، وهذا يحسب له في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الناس بعد الأحداث الدامية في "سورية".

توظيب البضاعة

وأكثر ما يلفت النظر في عمل "مهنا" هو قدرته على امتصاص الصدمات المتوالية التي تعرض لها طوال مسيرته المهنية، مثل نهب وحرق معمله الكبير في "حمص"، وكذلك محلاته، عدا عن الصدمات الأخرى التي تعرض لها في غربته، لكنه عاد أقوى بفضل عزيمته وإصراره على الصمود».

"يامن الطويل" من سكان مدينة "شهبا"، وأحد الزبائن لمنتجات "مهنا"، قال: «منذ أن افتتح فرعاً لمنتجاته في مدينة "شهبا"، وأنا أتابعه عن قرب، عمله متقن، وخيوطه القطنية تدل على براعته وعماله في صناعة ألبسة راقية تضاهي المنتجات العالمية وأكثر، منتجات اللانجوري متميزة للغاية، وفيها لمسة جمالية أخاذة وغير تقليدية بالمطلق، وقد اكتشفت بعد السؤال عنه أن بضاعته تباع تصدر إلى "أوروبا" وبعض الدول العربية، ويكفي أن أسعاره لم تتغير على الرغم من وضع السوق».

يذكر أنّ الصناعي "فايز مهنا" من مواليد قرية "أم الزيتون" في "السويداء" عام 1958.