بعمر الثانية والعشرين قدم "أيهم البني" عرضه الأول للأزياء، برؤية عصرية مختلفة جسدت أفكاره الفنية على القماش بجرأة وطموح كبيرين، وترك بصمةً جماليةً في مجال تصميم الأزياء.

الشاب الذي درس تخصصاً مهنياً بعيداً عن الأزياء والفنون يحكي تجربته منذ الطفولة، لمدوّنةِ وطن "eSyria" بتاريخ 3 كانون الأول 2019، ويقول: «خلال المرحلة الابتدائية وضعت مدرّسة الرسم ملاحظة على رسوماتي، التي كانت من وجهة نظرها غريبة، لأني كنت أرسم الأفراح وخاصة العروس وفستانها، وكل ما يخطر لي من فساتين ملونة زاهية، واستغربت أنّ صبياً يرسم هذه التفاصيل، وعبرت عن رأيها بطريقة مزعجة، لكن والداي لم يكترثا لهذه الملاحظة، فهما يعرفان ولعي بالرسم والأزياء بشكل خاص.

اليوم تحتضن ورشتي ثمانية أشخاص، حيث أضع التصاميم، ويساعدني أفراد الورشة على الخياطة، والتخليص النهائي للقطعة بالشكل العصري والمتطور مع المحافظة على حدود متوازنة للسعر، بما يحقق رغبة الزبونة دون أن نتعرض للخسارة، فالخياطة عمل مجهد والتصميم عمل دقيق أطور نفسي به بكل ما استطعت ليسير جنباً إلى جنب مع دراستي، لأنني حريص على التخرج والتطور أكاديمياً في مجال الفنون بما يدعم عملي الفني والمهني بذات الوقت

كان الرسم طريقتي للتعبير، لكن بحكم التنقل بين "فنزويلا" و"سورية" لم أتمكن من متابعة الدراسة بشكل منظم لأكمل المرحلة الابتدائية على يدّ مدرس، وبعدها تابعت المرحلة الإعدادية وسجلت في التعليم المهني اختصاص كهرباء، ونلت الشهادة الثانوية المهنية، لكن علاقتي مع الرسم والأزياء لم تتغير، وفي تلك الفترة حاولت الاقتراب من موهبتي، لأكون في المكان الذي حلمت به منذ الطفولة.

المصمم أيهم البني أثناء العمل

بعد الالتحاق بكلية الفنون الجميلة، تابعت دورة في تصميم الأزياء، وكانت عبارة عن مبادئ أولية، وقطعت مراحل قبلها في مجال التصميم، وقد احتفظت بـ (اسكتشات) لما صممته، وأخذت أخطط لإقامة ورشتي الخاصة بعد أن أتقنت فنون التعامل مع ماكينات الخياطة، لكن بقي اهتمامي الأكبر ينحصر بالتصاميم والبحث عن أكثرها جمالاً وما يناسب روح المرأة وشفافيتها، طبعاً إلى جانب متابعة الدراسة، فالفن بالنسبة لي حياة أخرى أجسدها بالتصميم لدرجة أني أصمم زينة ورشتي لتكون مكملة لجمال القطع التي أقدمها للسيدات بأجمل التصاميم».

تأسيس الورشة والتعريف بها كانت خطوة تكللت بعرض الأزياء، وقال عن ذلك: «حاولت تقديم نفسي بطريقة غير اعتيادية ليكون عيد ميلادي الثاني والعشرين فرصة لتقديم أول عرض من نوعه في المدينة، حيث كانت القطع بعدد السنوات، وكانت بالمجمل قطع (هوت كوتور) قدمتها لزبائني ولمن أحبوا تصاميم النساء، ومن شرائح مختلفة تقصدت دعوتهن لأرى نتاج عملي خلال المراحل السابقة التي اعتبرتها تجربة أولية، وشعرت أن العرض هو البداية الحقيقية للعمل على ساحة المجتمع، ومنه تلمست آراء السيدات بما تمكنت من إنجازه لهذه الغاية، العرض جاء متنوعاً استعنت به مع مجموعة عارضات ضمن قالب خارج عن المألوف من حيث الأقمشة واللون وطريقة التصميم.

ليث حاطوم

هذه الخطوة قدمت لي الكثير في مجال التعرف على الأذواق والتعامل مع آراء مختلفة، ففي السابق ومع بداية عملي في مجال التصميم كنت أضع أفكاراً مختلفة أعرضها على الزبائن وننفذ وفق رؤيتهن، وفي هذا العرض حاولت تقديم ما رأيته مبهراً وجميلاً، ولم أستغرب أن يتناغم الحضور مع ما قدمت، ولكن هذا لم يمنع الاستماع لرؤية النساء حول نوع القماش، وتفاصيل الموديل وما يجدنه أقرب لذوقهن، مع العلم أنني قدمت موديلات لعدة أعمار وهذا ما وسع دائرة التعامل، لتزورني نساء كبيرات بالسن، ونسبة معقولة من الشابات بناء على العرض وعلى ما قدمته بالسابق لشابات استفدن من خبرتي في فساتين العرائس وأزياء الحفلات.

وكانت تجربتي الأولى مع الفنانات من خلال الفنانة السورية "سارة فرح" التي أبدت إعجابها بالتصميم، وحالياً لدي تواصل جديد مع فنانات في مجالات أخرى».

من تصاميم أيهم

ويضيف: «اليوم تحتضن ورشتي ثمانية أشخاص، حيث أضع التصاميم، ويساعدني أفراد الورشة على الخياطة، والتخليص النهائي للقطعة بالشكل العصري والمتطور مع المحافظة على حدود متوازنة للسعر، بما يحقق رغبة الزبونة دون أن نتعرض للخسارة، فالخياطة عمل مجهد والتصميم عمل دقيق أطور نفسي به بكل ما استطعت ليسير جنباً إلى جنب مع دراستي، لأنني حريص على التخرج والتطور أكاديمياً في مجال الفنون بما يدعم عملي الفني والمهني بذات الوقت».

"ليث حاطوم" مصمم إكسسوار، تابع "أيهم" وتعاون معه في إنجاز تصاميم متممة لفساتين مميزة، قال عنه: «أفكار "أيهم" حيوية تنسجم معه كشاب يرى الجمال بشكل عصري، محاولاً وضع لمسات مختلفة، وقد لاحظت إعجاب الفتيات بما قدمه خلال فترة قصيرة، فتصميم الأزياء أحد الفنون التي نلمس نجاحها بشكل مباشر، ومن يتابعه يلمس حجم الشهرة التي حققها ببساطة التصميم والتفاصيل التي كرسها ليكون له خطه الخاص لتجد الفساتين المشرقة بألوان وقصات حيوية لا يكررها كثيراً، وفي كل قطعة تجد تفصيلاً جديداً، وقد شاركته بتنفيذ متممات الأكاليل من الشك والتزيين، وكانت في غاية التميز والنجاح.

يسوق "أيهم" من خلال ورشته قطعاً مميزة من إنتاجه حملت اسمه الذي بات معروفاً للكثير من المهتمين في الداخل، وأخذت تصاميمه تأخذ طريقها للخارج».

"همسة عزام" خبيرة تجميل؛ ارتدت من أزياء "أيهم"، حيث قالت: «بدأ مبكراً بالعمل، وامتلك طبيعة وروح مرحة ومعرفة تجعله يقدم التصاميم بطريقة سلسلة، وفي الغالب هو يعرف ما يرضي النساء من موديلات، ولأنه شاب ولديه طموح بتقديم كل ما هو جديد، تمكن من تقديم أعمال جريئة جسدها بالتصاميم، ناسبت الشابات ومجموعة كبيرة من النساء.

ارتديت من تصميمه فساتين أعجبتني بشكل كبير، ووجدتها مميزة من حيث الأقمشة والتصميم عن الألبسة التي كنت أظهر بها بالأفراح في العادة، وهذا أهم ميزة لتصاميمه الحيوية والعصرية.

تجربة "أيهم" القصيرة تؤهله لانتشار واسع، مع العلم أن ورشته ومعمله الصغير أخذ شهرة كبيرة بزمن قياسي، وهذا بحد ذاته تأكيد على تميزه».

ما يجدر ذكره أنّ "أيهم البني" من مواليد "سهوة بلاطة" عام 1998، أسس مشروعه الخاص وهو اليوم طالب سنة ثانية في كلية الفنون الجميلة الثانية في "السويداء".