في روحها تتطلعُ لعملٍ فنيّ يتركُ أثره في نفوس من يحيط بها، وفي يديها مهارةٌ أتقنت لفَّ الخيوط على المسامير، تنسجُ عملاً يتحدث عن "رهف الشعراني" عاشقة الأعمال اليدوية.

في طموحٍ للخروج من قيد الوقت وضغوط العمل، حاولت هذه الشابة العودة إلى هوايتها الأولى التي طوّرتها بالدراسة، وانقطعت عنها فترة لظروفٍ خاصة، وعادت لتقدم تجربة جديدة من ورشة بسيطة كما تحدثت "رهف" لمدوّنةِ وطن "eSyria" بتاريخ 30 أيلول 2019 وقالت: «منذ الطفولة كانت لي تجارب في مجال الأعمال اليدوية، تدربت على كل عمل يحتاج لمهارة وفن، هوايتي كانت الرسم أنتقي الألوان وأرسم ما يجول في ذهني، وبقيت أحتفظ بهذه الأعمال كذاكرة ملموسة لتجربتي التي لم تتطور كثيراً مع اللون، لكنها سارت باتجاه الأعمال اليدوية التي حاولت التبحر بها وإدراك تفاصيلها وما تحتاج من مهارات، أصنع بفضلها أعمالاً متكاملة وجميلة للتزيين أو للاستخدام، ولم تكن هذه الأعمال فقط، لأنني أضفت إليها الأعمال اليدوية غير المنتشرة أي الغريبة والنادرة تلك التي يقتصر عملها على عدد معين من ذوي الخبرة والفن، مثل العمل بالحبال والمرايا وخامات مختلفة، كانت مجموعة تجارب قدمت لي معرفة كبيرة في مجال إنتاج أعمال معقدة ميزتها الجمال والدقة.

لم أتوقع هذا الانتشار خاصة أن هناك كثر باتوا يطلبون تعلّم هذا الفن، وأنا وبعد هذه الفترة أشعر أنني تمكنت من نشر فكرتي في محيط جيد، وأتمنى توسعة ورشتي لأقدم فرصة التدريب لشابات يرغبن بإتقان هذه المهارة لإنتاج عمل يمكن أن يكون سبباً لنشر الفرح والبهجة في المناسبات الخاصة، فأنا أنقش الاسم لأعياد الميلاد وحفلات التخرج بأعمال مميزة إلى جانب أعمال للتزيين لمشاريع معينة، ومواضيع وفق فكرة المشروع ونوعه إلى جانب أفكار التزيين للمنازل مع المرايا التي لاقت استحساناً كبيراً، ونفذت منها تصاميم مختلفة باتت من مقتنيات أشخاص في مناطق مختلفة

كل هذه التفاصيل سارت بي إلى معهد الفنون التطبيقية والتشكيلية، وقد أنجزت دراستي وانتقلت للحياة العائلية والأسرة والمسؤوليات وانقطعت عن العمل لهذا السبب، وأسباب أخرى ترتبط بمستقبل العمل الفني، وما لمسته من الفرص الضيقة للانتشار، لكن يبدو أنّ موهبتي كانت أقوى وعادت بي للعمل بشكل هادئ، لأجد نفسي ضمن ورشتي أنجز أعمالاً خاصة».

رهف الشعراني

تضيف "رهف": «سرعان ما حثّني الشوق للعودة لعشقي، ولكن بطريقة مختلفة عن الرسم المعتاد، كانت نتاج بحث وتجربة وفكرة اختلفت بشكل كبير عن المعتاد، جسدتها بالتعامل مع المسامير والخيوط بطريقة ومهارة معقدة نوعاً ما، لكنها غريبة وممتعة حظيت من خلالها بفرصة انتشار وتميز، لأمارس نوعاً من العمل الفني المتفرد غير المنتشر وشبه النادر في بلادنا.

ففن المسامير والخيطان فن فيلوغرافي قديم، كان يشغل بطريقة مبسطة ومعينة، وقد حاولت العمل على هذا الفن الغريب غير المعروف لجيلنا ولبعض الأجيال الأخرى بطريقة معاصرة ومختلفة نوعاً ما لتواكب عصرنا، متناولة مواضيع مختلفة تستهدف جيل الشباب وأقوم بتجسيد أعمال مختلفة بارزة وفيها غنى باللون والدقة، من خلال ورشتي الخاصة في المنزل إضافة للعمل لكن بقيت هذه الفسحة لي أبذل فيها قصارى جهدي لأقدم أعمالاً فنية مميزة أخذت تطلب بشكل واسع لأصحاب الاهتمامات الفنية وأصحاب الذوق الرفيع».

من أعمالها

طورت تجربتها بتنويع المواضيع والأساليب وقالت: «الفكرة هي محور العمل ومن بعدها أختار نوع الخامات، لأضيف للخيوط أنواعاً من المواد الأولية التي تتآلف مع العمل من حيث اللون ونوع المادة مثل الساعات والمرايا لإنتاج تصميم جميل.

وفي البداية عرضت أعمالي عبر شبكات التواصل، وأسست صفحة خاصة للورشة أسميتها "قصاقيص عتيقة" أخذت الأعمال تنتشر من خلالها بسرعة لتنال إعجاب الكثير من الأشخاص، وأعمالي لا تقتصر على لوحات المسامير والخيطان فقط بل الخشبيات بشكل عام من حفر وحرق على الخشب، وبعض الصناديق الخشبية والهدايا الصغيرة وكل ما حاولت إنجازه كان بفضل من وقف بجانبي منذ البداية وهم والدتي وزوجي وأختي.

مهند الطويل

وانهالت علي دعوات منظمي المعارض، وقمت بمشاركات عدة آخرها معرض "دمشق الدولي" كل ذلك من خلال ورشتي الصغيرة في منزلي، التي قدمت من خلالها هذه الأعمال بمواضيعها المختلفة دائماً، والتي لا تقتصر على فكرة محددة وكنت متفاعلة مع الراغبين بطلب تصاميم خاصة تناسب مناسباتهم».

عملها الفني سيطر على كامل وقتها، تضيف: «لم أتوقع هذا الانتشار خاصة أن هناك كثر باتوا يطلبون تعلّم هذا الفن، وأنا وبعد هذه الفترة أشعر أنني تمكنت من نشر فكرتي في محيط جيد، وأتمنى توسعة ورشتي لأقدم فرصة التدريب لشابات يرغبن بإتقان هذه المهارة لإنتاج عمل يمكن أن يكون سبباً لنشر الفرح والبهجة في المناسبات الخاصة، فأنا أنقش الاسم لأعياد الميلاد وحفلات التخرج بأعمال مميزة إلى جانب أعمال للتزيين لمشاريع معينة، ومواضيع وفق فكرة المشروع ونوعه إلى جانب أفكار التزيين للمنازل مع المرايا التي لاقت استحساناً كبيراً، ونفذت منها تصاميم مختلفة باتت من مقتنيات أشخاص في مناطق مختلفة».

المتخصص بفن الفسيفساء "مهند الطويل" تابع أعمال "رهف" من خلال عدة معارض وقال عنها: «في تجربتها تفاصيل لا يمكن تجاهلها حيث إنّ "رهف" تقدم عملاً متقناً ودقيقاً وفيه تناغم لوني جميل، حيث يخيل للناظر أنّ اللوحة مرسومة في الوقت الذي هي أعمال منفذة وفق مهارة عالية الدقة، وبطريقة راقية، هنا للمسافات بين المسامير حساب ولتموضعها قاعدة تفرض كثافة الخيطان، وسحبها بشكل مبهر وجميل.

هذا العمل يحتاج للمهارة والصبر والإتقان وروح الفنان التي عبرت عنها بقدرتها على تجديد المواضيع، وتنويعها وتميز العمل بالفكرة فليست العملية مجرد سرد لوني عبر الخيوط، فالفكرة واضحة وقريبة لعين الناظر، أعمالها بالمجمل فيها كثير من التميز وأجدها في كل معرض تقدم أعمالاً جديدة مع أفكار أكثر حداثة تصل للشباب ولمختلف الأعمار.

هذا المشروع أحد المشاريع المؤهلة للتطور ويحتاج للدعم كون الأعمال مطلوبة ومنتشرة على نطاق واسع، ولرغبتها الذاتية بتقديم الفن ونشره بصدق لتقديم الجمال».

ما يجدر ذكره أنّ "رهف سمير الشعراني" من مواليد "السويداء" عام 1994 خريجة معهد فنون تطبيقية وتشكيلية، ومدرسة ومديرة تنفيذية في شركة إعلان.