عزمت على إطلاق مواهبها والدخول في عالم العمل لخدمة المجتمع من بابه العريض، في ربيعها الثالث والعشرين وضعت "ولاء الحجلي" لبنتها الأولى لتصنيع الشموع وخلق فرصة عمل لفريق درّبته بكل ما تملكه من طاقة وإحساس.

فقد صادقت الشمع كطاقة ومشروع استطاعت من خلاله تحقيق حلمها بعمل خاص تتسع به مساحة الصفاء والجمال، لتقدمه للمجتمع كمنتج لتجربتها كمتطوعة ضمن فرق الهلال الأحمر بتخصصها في الإرشاد النفسي والدعم إلى جانب البرنامج المهني الذي يبدو أنه وضع النقاط على الحروف لتخط طريقها بجهد ذاتي، كما عبرت من خلال حديثها لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 13 حزيران 2018، وقالت: «تطوعت لمصلحة منظمة "الهلال الأحمر" لشعوري بأن لدي طاقة لأقدم شيئاَ في هذه الظروف، وبعد العمل في تخصصي بالإرشاد النفسي -بناء على رغبتي مع رفض والدي للفكرة- لأجد في هذه المرحلة فرصة كبيرة للعطاء والعمل مع فرق الدعم النفسي والاجتماعي لمدة خمس سنوات، والتحقت بعدة دورات تأهيل قدمت لي الخبرة والمعرفة في هذا المجال.

من خلال صفحات التواصل الاجتماعي تعرفت إلى المشغل ولاحظت المتابعة الكبيرة، وقررت الزيارة للتعرف أكثر إلى ما ينتجه، وبالفعل كانت الزيارة مميزة، فما نراه من خلال الصور جميل، لكن الاقتراب من الشموع والاستمتاع بألوانها وعطورها وتصاميمها حالة شجعتني على الحصول على عدة تصاميم وجدتها مميزة، لكونها خرجت عن الحالة التقليدية للشمع وما يتوافر في الأسواق، هنا شعرت بأن يداً فنية تتعامل مع هذه المادة ليكون لكل شمعة شكلها المميزة وتكوينها، وقد حاولنا إدارة حوار مع المصممة، ولمسنا أهمية المشروع وما قدمه من فرص عمل للسيدات، إلى جانب خدمة الشموع التي تظهر تجربة هذا المشغل

لكن المرحلة التي أعدّها الأهم هي مرحلة الانطلاق بالبرنامج المهني لتمكين السيدات للإنتاج والحصول على مهنة تساعدهن على العمل، وقد تم اختياري من بين ثلاثة زملاء للتدريب بعد الالتحاق بدورة tot لندرب على صناعة الصابون والإكسسوار والصوف والشمع، هذه التجربة أعدّها مرحلة عبور جميلة لأنني أحب العمل اليدوي، وأشتغل بصدق لأتقنها وأتمكن من تأهيل أمهات وفتيات وكل من اتبع هذه الدورات التأهيل المناسب الذي حقق لي حالة من الرضا».

ولاء الحجلي في مشغلها

تابعت متدرباتها لامتلاك المهارة، لكن عملية الحصول على عمل دائم لهن هاجسها وحلم حاولت إحياءه بالعمل، كما تابعت بالقول: «عملنا على عدة مواضيع، لكن الشمع كان الأكثر قرباً إلى روحي؛ للشمعة معنى وحضور كبير في حياتي وحياة أسرتي ولها ركنها الخاص، ومع نورها تلمست الكثير من الأفكار لأجد لسيدات أتقنّ المهنة فرصة نعبر بها عن حالة عشق لهذا النور، ونتمكن من إنتاج شمعة تحاكي صفاء ورقة نبحث عنها في الحياة، ونطعمها بالرائحة واللون والتصميم الجميل.

فمع تكرار الدورات كنت أتلمس معاناة المتدربات لأنهن بعد انتهاء الدورات يتوقفن عن العمل، حيث لا تتوافر إمكانية مادية للتأسيس لمشروع يتسع لهذه المهارات، فقررت أن أؤسس مشغلاً صغيراً يكون الفسحة الرحبة لعدد من المتدربات. اخترت من عمر العشر سنوات كهواة إلى ما تجاوز الخمسين من العمر ممن اختبرت مهارتهن وشعرت برغبتهن بالعمل، وكنت حريصة أن يكون مشروعي ذاتياً بالكامل، واخترت الشمع لتفرد الفكرة وكي لا يكون المشروع تقليداً لتجارب سابقة، وحرصت على عدم تلقي أي مساعدات ليرى المشغل النور بجهدي الذاتي ويكون النسخة الأولى لمشروع صناعة شموع يدوي بالكامل أحمله أفكاري مع هذه المادة».

ياسمين وإيلين عامر

من خلال شبكات التواصل صنعنا نافذة على جمهور كبير، كما أضافت بالقول: «انطلق المشغل منذ أكثر من عام، بطريقة أعدّها مختلفة من حيث الاهتمام بالحالة الفنية لتعامل دقيق مع مادة تترتب على صناعتها تكلفة عالية، لكن جمال المنتج قد يكون أكبر مكافأة لصانعة شموع مثلي تنتشي مع ضوء ورائحة عابقة لمادة طبيعية بالكامل أحاول فيها التعبير عن أفكار، ورسائل أتصور أن الشمع بأنواعه قادر على نقلها إذا توافرت له اليد الماهرة لإنتاج قالب لكل قطعة وخلطة خاصة، ولكل لون وتشكيلة طبيعية من العطور والإضافات وإدخالات وخيوط قطنية صافية وسلسلة من الأعمال تنجز بهدوء وصبر، تبدأ من وضعي للتصميم الأولي وتستمر مع كل خطوة لنحصل في النهاية على مجسم شمعي لا يتكرر، لتكون مع كل قالب لمسة إضافية، وقد كان فريق العمل قادراً على مساعدتي وتقديم يد العون لتنفيذ تصاميم معقدة وجديدة في كل مرحلة؛ وهو ما دفعني بالنهاية إلى فتح نافذة عبر شبكة التواصل الاجتماعي والتعريف بما صممنا بأيدينا من شموع، صحيح أننا تمكنا من التسويق ولدينا طلبيات جيدة، لكنني حلمت بالتوسع.

الخطوة كانت مكللة بالنجاح، فمن العروض الأولى لشموعنا أضاءت الصفحة بحضور كبير وتواصل أكبر، ومنها أخذنا نتلقى طلبيات جديدة وأسئلة كبيرة، ويبدو أن الصفحة كانت أقرب إلى جمهور من نوع خاص هم عشاق الشموع، هذه الخطوة أهلت لخطوتي القادمة للتأسيس لصالة عرض حملتها اسم "Soul" وبمعاناة طويلة لتأسيس قاعدة مادية تدعم العمل، وبذات الطريقة بلا مساعدات، ولا أنكر أنني وصلت إلى مراحل صعبة، لكنني لم أتوقف، وكنت أجيب عندما يطرح سؤال بعد كل هذا الجهد ما أسوأ الاحتمالات؟ أؤكد أنه الاستمرار، ولم أقتنع بالرجوع، هنا حلمي وحلم فريقي ولا يمكن أن أخذلهم، وبالفعل افتتحت الصالة وانطلقنا منها بروح جديدة وهدف أكبر».

من إنتاج مشغلها

تدربت على يديها وتشاركها العمل ضمن الفريق بمتعة كما حدثتنا "مرح أبو فخر" طالبة علوم سنة ثالثة، وقالت: «رغبت باتباع دورة لصناعة الشمع وتعرفت إلى "ولاء" كمدربة، وسعيت للاستفادة من خبرتها لتكون الشموع إلى جانب دراستي أهم ما يحقق لي المتعة والفائدة، وعندما كوّنت فريق العمل اختارتني وبدأت معها، وكانت خطوة جميلة بالنسبة لي؛ فمن يتعامل مع الشمع يعرف أن لديه فرصاً كبيرة لإنتاج الأجمل ليس لحالة لونية أو شكلية فقط، فالشمعة كل متكامل ينهل مما نعطيه من أرواحنا، ليكون قابلاً للتشكيل وإنتاج الأجمل ووفق ما يرضي من ارتبط بالشمعة وجعلها ركناً جميلاً في منزله أو على الأقل ركنه الخاص.

اليوم نطبق تصاميم "ولاء" نتابع خياراتها مع أن العمل صعب ودقيق، لكننا عند العرض النهائي للعمل نشعر بقيمة العمل، ففي البداية حصلنا كفريق على فرصة عمل جيدة، وفي كل يوم نطور خبرتنا ونتدرب على طرائق جديدة، قد ننتج شمعة صغيرة الحجم، لكنها تستهلك الكثير من العمل والوقت».

من زوارها من تحدث عن شموعها بطريقته الخاصة، ومنهم "ياسمين عامر" طالبة سنة خامسة هندسة عمارة، وقالت: «من خلال صفحات التواصل الاجتماعي تعرفت إلى المشغل ولاحظت المتابعة الكبيرة، وقررت الزيارة للتعرف أكثر إلى ما ينتجه، وبالفعل كانت الزيارة مميزة، فما نراه من خلال الصور جميل، لكن الاقتراب من الشموع والاستمتاع بألوانها وعطورها وتصاميمها حالة شجعتني على الحصول على عدة تصاميم وجدتها مميزة، لكونها خرجت عن الحالة التقليدية للشمع وما يتوافر في الأسواق، هنا شعرت بأن يداً فنية تتعامل مع هذه المادة ليكون لكل شمعة شكلها المميزة وتكوينها، وقد حاولنا إدارة حوار مع المصممة، ولمسنا أهمية المشروع وما قدمه من فرص عمل للسيدات، إلى جانب خدمة الشموع التي تظهر تجربة هذا المشغل».

ما يجدر ذكره، أن "ولاء الحجلي" من مواليد "السويداء" عام 1995، درست في فرع الإرشاد النفسي بجامعة "دمشق".