من أوراق دوالي "العنب" خلقت الريفيّات في "جبل العرب" فرصة لتحسين الدخل بطرائق جديدة للتجفيف والحفظ، إلى جانب بيعها خضراء في موسمها؛ لتتوافر في كل المنازل بسعر مقبول يعدّ قيمة مضافة لدخل الأسرة الريفيّة.

من القرى الجبلية الباردة يطلب ورق العنب لمؤونة فصل الشتاء، حيث استثمرت النساء زيادة عدد العرائش وكثافة أوراقها لتباع منسقة مرتبة بطرائق مختلفة وسعر جيد.

لقد لاحظنا الإقبال الكبير على هذه الطريقة؛ لأنّها تخفّف الجهد على ربة المنزل، وبالنسبة لنا فهي طريقة مناسبة نستثمر بها كل ما لدينا من عبوات بشيء مفيد، وهي خفيفة الحمل ومناسبة للحفظ في أي مكان بالمنزل من دون الحاجة إلى التبريد، مع أننا أيضاً بعنا الورق بطرائق أخرى، مثل التجفيف، حيث تجفف الأوراق في الظل بشكل منسق، ويمكن للسيدة استخدامها بعد نقعها بالماء الساخن؛ وهذه أيضاً إحدى الطرائق التي سمحت لنساء كثر بالتجفيف داخل المنزل بكميات كبيرة، وإن لم يتمكنّ من بيعها في الموسم، فهناك فرصة كبيرة لتسويقها خلال العام، وبالنسبة لي فقد بعت كميات كبيرة عادت بمبلغ مئة ألف ليرة سورية خلال شهر واحد، وهذه فرصة جيدة نحتاج إليها لتحسين الدخل، ولدي كميات جاهزة للبيع وتطلب باستمرار

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 21 آب 2016، تابعت في زيارة لقرية "الكفر" تجارب كانت منتجة بوجه جيد هذا العام، حيث انتشرت على مستوى المحافظة؛ وفق حديث "نجاة أبو مغضب" موظفة من "السويداء"، التي حصلت على كمية كبيرة منها حفظتها النساء بعبوات مختلفة الحجم، وقالت: «تتوافر "الكرمة" أو "ديارات العنب" في عدد كبير من القرى والمدينة، لكننا وكما كل عام اعتدنا الحصول على أفضل الأنواع من القرى الباردة، مثل: "الكفر"، و"الرحى"، و"قنوات"؛ حيث نشتري الأوراق منسقة مرتبة خضراء طرية.

العبوات معدة للبيع

وفي هذا العام أخبرتني إحدى السيدات أنها ستبيع الأوراق منسقة في عبوات بلاستيكية لتحفظ من دون تبريد تبعاً لظروف انقطاع التيار الكهربائي، وهذه طريقة وجدتها مناسبة؛ لأن الطريقة عملية وتخفّف علينا جهد تنسيق الأوراق وحفظها بالثلاجة، وبالفعل حصلت على عدد كبير من العبوات لي ولصديقاتي اللواتي يحرصن على شرائها بكميات كبيرة.

ولم تكن هذه الطريقة الوحيدة، حيث وجدنا نساء كثيرات عملن على حفظ كميات كبيرة منها في المنازل بهذه الطريقة وبعبوات مختلفة الحجم والنوع؛ ليقدّمنها للأسواق خلال موسم الشتاء مع اختلاف بسيط في السعر، وبهذا فقد قدّمن طريقة جديدة للترويج لمنتج زراعي مميز لا يخلو منه منزل».

نجاة أبو مغضب

في الوقت الذي ينشغل فيه الرجال بأعمال الحقل تتابع السيدات عملية قطاف الأوراق الخضراء الطرية، ثم يقمن بتحضيرها في المنزل للبيع، كما تحدثت ربة المنزل "زهر خير الدين" التي تجاوزت عقدها السادس من قرية "الكفر" بالقول: «عندما تكتمل أوراق العنب ويصبح حجمها مناسباً نبدأ عملية القطاف التي تتم على مراحل ووفق الحاجة، ففي مراحل سابقة كنا نقطف كميات حسب الطلب ونرسلها إلى "السويداء" و"دمشق" مع تجار من أبناء القرية يقومون بتسويق نتاج ما تجمعه النساء كل يوم، وذلك خلال شهري أيار وحزيران وبداية تموز، لكون منطقتنا باردة وتبقى فيها "الديارات" خضراء يانعة لمدة طويلة، وأغلب الأحيان كنّا نسوّق ورق العنب "الحلواني" و"البلدي"؛ لأنّها الأطيب من حيث المذاق، وشكلها مميز ومناسب لصنع "اليبرق" بأنواعه.

والمعروف أن النساء يحتجن إلى ورق العنب في كافة المواسم، لذا تعلمنا طرائق الحفظ التقليدية بالماء والملح لتبقى مناسبة للطبخ في فصل الشتاء، وبعدها انتقلنا إلى التخزين بالثلاجات بأكياس مخصصة لذلك، لكن مع انقطاع التيار الكهربائي والحاجة الماسة إلى طرائق جديدة؛ قمنا بحفظها في عبوات مختلفة نعتمد فيها طريقة إفراغها من الهواء وتضغط ملفوفة بإحكام، ولدينا عدة خيارات قد تكون عبوات العصير على اختلاف أحجامها إلى جانب العبوات الزجاجية للمربيات، وغيرها، لنتمكن من بيع الأوراق خضراء في الموسم حسب الطلب أو في عبوات تكون صالحة للحفظ لما يقارب العام، وسعرها جيد يفي بجزء من تعب تحضيرها».

المصور أجود الزغير ونور الدين الشعار وجميل خضير بقرية الكفر

طريقة الحفظ كثفت الطلب وفق ما أضافت ربة المنزل "فريال ريدان"، التي أعدّت كمية كبيرة من العبوات وباعتها خلال الموسم، وقالت: «لقد لاحظنا الإقبال الكبير على هذه الطريقة؛ لأنّها تخفّف الجهد على ربة المنزل، وبالنسبة لنا فهي طريقة مناسبة نستثمر بها كل ما لدينا من عبوات بشيء مفيد، وهي خفيفة الحمل ومناسبة للحفظ في أي مكان بالمنزل من دون الحاجة إلى التبريد، مع أننا أيضاً بعنا الورق بطرائق أخرى، مثل التجفيف، حيث تجفف الأوراق في الظل بشكل منسق، ويمكن للسيدة استخدامها بعد نقعها بالماء الساخن؛ وهذه أيضاً إحدى الطرائق التي سمحت لنساء كثر بالتجفيف داخل المنزل بكميات كبيرة، وإن لم يتمكنّ من بيعها في الموسم، فهناك فرصة كبيرة لتسويقها خلال العام، وبالنسبة لي فقد بعت كميات كبيرة عادت بمبلغ مئة ألف ليرة سورية خلال شهر واحد، وهذه فرصة جيدة نحتاج إليها لتحسين الدخل، ولدي كميات جاهزة للبيع وتطلب باستمرار».

الموثّق والمصوّر الفوتوغرافي "أجود الزغير" وبعد جولات تصوير متخصصة في المنطقة، أعدّ دراسة تتضمن التخطيط لمشروع تجاري زراعي كبير يعتمد هذا المنتج وعرضه على متخصصين، مقدماً أرقاماً لها دلالات، يقول: «من خلال دراسة عينات عشوائية خلال شهر تموز تبين أنه في إحدى عشرة قرية من قرى الجبل وجدنا بيتاً من أصل تسعة بيوت مستهدفة كان ورق العريش وجبتها على الغداء، وفي القرى التي يقل فيها انتشار شجرة العنب وجدنا أن بيتاً من أصل سبعة عشر بيتاً كانت هذه الوجبة غذاء رئيساً على مائدة الغداء، هذا الرقم استفدنا منه بالاعتماد على عدد سكان المحافظة الذي قارب 500 ألف نسمة بإحصائيات غير دقيقة، وقمنا بحسابات تقريبية لمعدل استهلاك المحافظة من المادة؛ لنجد أن المعدل اليومي سيقارب 6 طن بالحدود النظرية، والسنوي سيتجاوز 270 طناً، وهذه الإحصائيات تتقاطع مع حجم إنتاج الريفيات في عدد من القرى، منها قرية "الكفر" على سبيل المثال، ومعدل الإنتاج الذي صرّحن به، لنجد أن مشروع ورق العنب منتجاً وقابلاً للتنظيم، ولعل الجهات المحلية تدعمه لكونه يعود بمردود متميز، وهو بالوقت ذاته مادة غذائية لا يخلو منها بيت.

وهذا العام كانت الكميات مضاعفة نسبة لوسائل الحفظ المبكرة، ولعل ذلك يقترن بدراسات للتوسع بزراعة العنب؛ لكونها شجرة قديمة الانتشار وأحد رموز المنطقة، ومنسجمة مع تربتها وظروفها المناخية».

الجدير بالذكر، أن الكيلوغرام الواحد من ورق العنب بيع بالعبوة ما بين 600-800 ليرة سورية، وأقل بمئة ليرة سورية من دون تنسيق في العبوة، وفي كلا الحالتين كانت مادة منتجة طورتها النساء لضمان الفائدة المادية والغذائية.