استطاعت "صالحة النجم الحلبي" من خلال إتقانها العمل اليدوي التأسيس لمشغل عائلي لإنتاج منتجات تقليدية لبعض الألبسة بالتطريز والحياكة، والانطلاق إلى سوق العمل، والتخطيط للتوسع والتطوير يوماً بعد يوم.

مدونة وطن "eSyria" رصدت بتاريخ 6 كانون الأول 2015، مشروع "صالحة النجم الحلبي" الذي انطلق من التطريز على القماش الشفاف، وأسست من خلاله مشغلاً يصدّر اليوم إلى الأسواق أنواعاً مختلفة من المنتجات اليدوية الجميلة، التي تطلب منها بالتحديد؛ كما حدثنا "باسم الحسنية" صاحب متجر متخصص بعرض "الفوط" والألبسة المطرزة التي تعدّها "صالحة أم وليد" في مشغلها، ويقول: «في مراحل سابقة كنا نحصل على بضاعتنا من "دمشق" نطلب بالعدد قطعاً من "الفوط" ونختار التطريزات المطلوبة على الماكينات، لكن من خلال مشغل "أم وليد" التي أطلعتنا على قطع مميزة ومطلوبة بالأسواق بكثرة بتنا نتعامل معها بطريقة أكثر مرونة؛ حيث نرسل إليها عدداً من القطع القماشية، ونحدد نوع التطريز وفق طلب الزبائن، فتكون قادرة على إنجاز المطلوب يدوياً، ومرات بالاعتماد على الماكينات التي طورت المهنة وحققت غاية تزيين غطاء الرأس وقطع مختلفة من "المخمل والمقصور".

عملت في مهن مختلفة لكوني لم أتابع الدراسة وعندما استقدمت والدتي ماكينات جديدة رغبت بتعلم المهنة، وبالفعل تعلمت طريقة العمل، ولمست عن قرب متعة إتقان هذه المهنة التي تطلب منتجاتها بكثرة، والأهم من ذلك أن جمال القطعة المنتجة يضيف حالة من البهجة لكون العمل فنياً وفيه كثير من اللمسات التي يمكن للعامل إضافتها، وعندما تعرض في الأغلب من خلال المشغل تطلب من الزبائن، وهنا إمكانية دائمة لتحديث العمل والتنويع بالقطع المنتجة، وقد شاركت والدتي بتركيب إطارات لنوع خاص من المفارش طرزتها بيديها وقمنا بإضافة تصاميم إطارات وكانت متميزة وطُلبت من قبل العرائس ولتزيين المنازل الحديثة؛ وهذه تجربة من تجارب مختلفة تظهر أثر الحرفي بالمجتمع وتناغم هذه المهنة مع احتياجاته

كما تحيك "صالحة" في مشغلها قبعات مخصصة لرجال الدين بالخيوط البيضاء الناعمة، وقطعاً باتت تطلب لعدد من المناسبات، ولأنها ملتزمة بالعمل فهي حريصة على تطوير الرسومات واستخدام الرسم على الورق، وتتقن فنون الخياطة للأزياء القديمة التي تنتجها في مشغلها بروح التراث والزي الشعبي المطلوب، مع المحافظة على ميزة العمل اليدوي الجميل».

باسم الحسنية

في قرية بعيدة لم تتابع الدراسة لكنها منذ الصغر اعتمدت على ما تنتجه يداها من قطع يدوية متنوعة، مكنتها الخبرة من تأسيس مشغل هيأت من خلاله لعائلتها العمل والإنتاج، وفي حديث لمدونة وطن تقول "صالحة النجم الحلبي": «نشأت في قرية "المتونة" شمال شرق مدينة "السويداء" وهي قرية بعيدة لم يكن فيها للفتيات فرص كثيرة للتعليم، وكانت تسليتي الوحيدة الحياكة والتطريز و"نقب" الإبرة الذي تعلمته من كبيرات السن في قريتي، وبعمر الرابعة عشرة كنت قادرة على الإنتاج، أخيط ما تيسر من ملابس وأحيك بالصنارة إلى جانب تطريز "الفوطة" والعمل على "الطارة" رسومات جميلة لتزيين القماش الشفاف.

وبعد زواجي افتتحت محلاً صغيراً أعرض فيه إنتاجي من الأعمال اليدوية، ثم اشتريت ماكينة تطريز بالتقسيط لمواكبة العصر تدربت عليها، فساعدتني في مضاعفة الإنتاج، وشعرت بأن التعامل مع المحال بات يتطلب من يساعدني ودربت بناتي وأولادي على العمل على الماكينة، وانطلقت إلى خطوة أكبر لأستأجر مشغلاً جديداً أضفت إليه ماكينات جديدة اشتريتها على مراحل؛ لأن العمل توسع كثيراً، ولمست لدى أولادي الرغبة في المساعدة».

أم وليد صالحة النجم الحلبي

عن تحديث العمل بمنتجات يدوية جديدة تضيف: «لسنوات كان العمل يدوياً بالكامل لقطع محددة، لكن مع تطور العصر بات لدينا فرصة للجمع ما بين اليدوي وإنتاج الماكينات، لتكون القطعة الواحدة تشكيلاً جميلاً بين عمل يدوي على الإطار أنتجه لغاية هذا التاريخ وتقوم الماكينات بالباقي، مع العلم أن العمل على الماكينات دقيق ويحتاج إلى الخبرة؛ وهنا يساعدني ولداي "عهد" و"وليد" بذلك، حيث أثبت التصميم لتخيطه الماكينة وننتج الطلبية.

وخلال العامين الفائتين طُلبت منا نماذج جديدة من قطع المخمل المطرز؛ وهي أغطية تطرز بخيوط مذهبة للجنائز، مكلفة وتحتاج إلى وقت طويل، فساعدني زوجي بكتابة الآيات بخط عربي جميل وتطبيق الورق على القماش، كما أصبح لدينا خط آخر لإنتاج مفارش الطاولات التي تنسجم مع التصاميم الحديثة وأغطية متنوعة القياسات والعدد، إلى جانب تطبيق الصنارة على قطع القماش وأنواع مختلفة نصدرها إلى الأسواق أو نبيعها مباشرة، وهي مورد رزقنا الوحيد كعائلة انتمت إلى العمل اليدوي، فحققت حلمي من خلال هذا المشغل بتزويج أولادي وضمان الاستقرار المادي على الرغم من مشقة العمل».

عهد حمشو في مشغل والدته

حقق طموحه مع والدته بتعلم مهنة متميزة يعدها بوابة المستقبل كما تحدث "عهد حمشو"، ويقول: «عملت في مهن مختلفة لكوني لم أتابع الدراسة وعندما استقدمت والدتي ماكينات جديدة رغبت بتعلم المهنة، وبالفعل تعلمت طريقة العمل، ولمست عن قرب متعة إتقان هذه المهنة التي تطلب منتجاتها بكثرة، والأهم من ذلك أن جمال القطعة المنتجة يضيف حالة من البهجة لكون العمل فنياً وفيه كثير من اللمسات التي يمكن للعامل إضافتها، وعندما تعرض في الأغلب من خلال المشغل تطلب من الزبائن، وهنا إمكانية دائمة لتحديث العمل والتنويع بالقطع المنتجة، وقد شاركت والدتي بتركيب إطارات لنوع خاص من المفارش طرزتها بيديها وقمنا بإضافة تصاميم إطارات وكانت متميزة وطُلبت من قبل العرائس ولتزيين المنازل الحديثة؛ وهذه تجربة من تجارب مختلفة تظهر أثر الحرفي بالمجتمع وتناغم هذه المهنة مع احتياجاته».

الجدير بالذكر، أن "صالحة النجم الحلبي" "أم وليد" من مواليد 1963.