يعد "تل شيحان" واحداً من أهم ما خلّفته الطبيعة في إنتاج "الطف البركاني" (السكوريا) المنتشر جنوب "سورية"، كخامة اقتصادية تحقق فوائد لا تضاهى، وتدخل في العديد من صناعات مواد البناء.

مدونة وطن "eSyria" التقت الخبير المالي والاقتصادي "تيسير الشحف"؛ القاطن في مدينة "شهبا"، بتاريخ 23 أيار 2015؛ الذي تحدث عن استخدامات "الطف البركاني" أو الرمل الأسود الموجود في "تل شيحان"، ويقول: «يستخدم في صناعة الإسمنت ومواد البناء كمواد خفيفة مضيفة ومنشطة لإنتاج الإسمنت والبيتون الخفيف المقاوم للحرارة، أما في الصناعة فيستخدم في تصنيع المواد الكيماوية والصوف البازلتي العازل*، إضافة إلى استخداماته في تصنيع الألواح الإسمنتية الخفيفة و"البلوك"، وفي فرش الطرقات والأعمال الزراعية العديدة.

إضافة إلى وجوده في "تل شيحان" يوجد أيضاً في تلال "القلعة" و"غرارة" و"الجمل"؛ وهي تلال تحيط بمدينة "شهبا" من الغرب، وهناك كميات من "الطف" المائل إلى اللون الأحمر في قلب "اللجاة" وتحديداً في قرية "مجادل"، ويقل وجوده في المنطقة كلما ابتعدنا عن المخاريط البركانية

وبحسب الدراسات الجيولوجية الموثقة تحتل مكامن "الطف البركاني" في منطقة "شهبا" أهمية كبيرة لكونها مواد ذات مسامية عالية وزجاجية هشة تكونت بفعل النشاط البركاني المتلاحق، الذي أدى عند تبرده السريع إلى تكون رمال بركانية إسفنجية المظهر لونها أسود قاتم».

مصورون محترفون من دمشق أمام تل شيحان

ويتابع وصف أماكن وجود "الطف" في "اللجاة": «إضافة إلى وجوده في "تل شيحان" يوجد أيضاً في تلال "القلعة" و"غرارة" و"الجمل"؛ وهي تلال تحيط بمدينة "شهبا" من الغرب، وهناك كميات من "الطف" المائل إلى اللون الأحمر في قلب "اللجاة" وتحديداً في قرية "مجادل"، ويقل وجوده في المنطقة كلما ابتعدنا عن المخاريط البركانية».

يستعمل "الطف البركاني" في منطقة "شهبا" في كثير من الأعمال، فعلى الرغم من منع الاستجرار من التل إلا بعد موافقة المؤسسة العامة للجيولوجيا إلا أن الأعمال التي تتم من خلاله كثيرة، يقول مقاول البناء وصاحب معمل لإنتاج "البلوك" "هشام درويش" المولود في قرية "الرضيمة الشرقية" عن استخدامات "الطف البركاني": «نستعمل الرمل الأسود في أعمال البناء من خلال إنتاج "البلوك" فخلطه مع الرمل الأبيض يعطي متانة وقوة للأحجار البيتونية، وهو عامل مهم ومساعد في العزل والفرش على الطرق والأرضيات، حيث نقوم بأخذ الموافقات المطلوبة للاستجرار النظامي عن طريق فرع المؤسسة العامة للجيولوجيا، فتقوم آليات مجلس مدينة "شهبا" بالتعبئة وتأخذ عائدات ذلك.

الخبير تيسير الشحف

هناك أشخاص كثر يستخدمون الرمل الأسود بدلاً من الرمل الأبيض في البناء، لكنني لا أعرف مدى صلاحيته لذلك، ويمكن استعماله لإنتاج الصوف البازلتي، وأعلم أن شركات إنتاج الإسمنت كانت تعتمد عليه في إنتاج هذه المادة، فهو رخيص الثمن وسهل الاستخراج والتحميل، وخفيف الوزن، وهو يعد ثروة اقتصادية كبيرة».

بقي "تل شيحان" مقصد الزائرين على مدار العام، وهو مكان سياحي وديني يؤمه الناس من كافة المناطق السورية، ومكان رحب لعشاق التصوير الضوئي، ولهذا فهو مورد اقتصادي مهم من نواحٍ عدة، تقول الصحفية "صونيا العيسمي" عضو فريق eSyria الاستكشافي: «لا يمكن لأي زائر قادم من خارج المحافظة إلا أن يقف عند هذا التل والتأمل في عجائب الطبيعة، وعلى الرغم من قسوة الواقع الذي يعاني منه التل من خلال استجرار رمله الأسود الداخل في الكثير من الصناعات؛ إلا أن استثماره في السياحة لا يقل أهمية عن ذلك، خاصة أنه يجذب على مدار الأيام آلاف الزوار من داخل المحافظة وخارجها، وفي كثير من الأحيان تأتيه وفود عربية من خارج القطر، ففي أعلاه مقام لولي صالح يجذب الزوار إليه، وهو يشرف على مدينة "شهبا" من الأعلى، ويعد أكبر تلال المدينة العريقة، ومنه يمكنك أن تصل بنظرك إلى البعيد؛ وهو ما يجذب عشاق التصوير الضوئي».

مواد البناء من الطف البركاني

وعن الاحتياطي المقدر في "تل شيحان" والتلال المجاورة له ورأيه في هذه الثروة الاقتصادية، تحدث المهندس الجيولوجي والخبير المعروف "نواف الدبيسي" عن ذلك بالقول: «تبلغ كمية "السكوريا" أو "الطف البركاني" في "تل شيحان" ما يقارب 20 مليون طن، وفي موقع "تل القلعة" 25.7 مليون متر مكعب، وموقع "تل غرارة" 18 مليون متر مكعب، وفي الوقت الذي يعتبر الكثيرون أن هذه المكامن تمثكل ثروة مهمة وريعية اقتصادية لرفد الصناعة السورية بمواد طبيعية رخيصة الثمن وقليلة التكاليف؛ نظراً لسهولة استخراجها بسبب تكشفها على السطح واستخراجها بواسطة مقالع سطحية، فإن آخرين يطالبون الجهات الرسمية باستثمار هذه المواقع بطريقة عقلانية بما لا يسيء إلى الوضع البيئي والجمالي للمنطقة، وهو ما يحتاج إلى دراسة علمية وواقعية لكل موقع على حدة؛ حتى نستفيد من حالة التوازن التي أمنتها الطبيعة لنا بعيداً التخريب والاستجرار العشوائي المؤذي للمكان والإنسان».

*الصوف البازلتي العازل: عبارة عن ألياف زجاجية وصخرية تستعمل للعزل بين الجدران والعزل الحراري.