تعرضت لكسر في الفقرات منعها من المشي بلا مساعدة، فمشت بيديها لمساعدة أسرتها بالاعتماد على صنارة الحياكة التي كانت وسيلتها للحصول على الدواء واحتياجات الأبناء.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 12 أيار 2015، زارت "إنعام عقل" في منزلها في بلدة "القريا"، للتعريف بتجربة عملية قاومت بها الحاجة، وقدمت عملاً مميزاً يحتاج إلى الكثير من الصبر والإتقان، ليكون ملبياً لاحتياجات المجتمع الذي بات يطلب عملها بكثافة، كما حدثتنا الموظفة "انتصار الشوفي" من مدينة "صلخد"، التي تعرفت إلى منتجها اليدوي الجميل واستفادت منه وسوقت له وفق قولها: «تعرفت هذه السيدة من خلال ابنها -زميلي في العمل- الذي عرض علينا في البداية مجموعة من أعمال والدته، وقبل معرفة وضعها الصحي، رأينا مهارة بالعمل، فهذه السيدة تعاملت مع مجموعة كبيرة من أنواع الأصواف والخيطان الملونة بطريقة جديدة وطعمتها بالخرز والإكسسوارات المختلفة، لتقدمها كقطع فنية تحتاج إليها ربات المنازل للتزيين، ومنها قطع كثيرة تضاف إلى جهاز العرائس مثل مفارش الطاولات الكبيرة والصغيرة، وأغطية الوسائد والقطع، وقد نقلت للزميلات هذه القطع وفي كل مرة يطلبن أنواعاً جديدة، لكن المميز بتجربتها أنها كانت في كل مرحلة تصمم نماذج و"موديلات" جديدة تدعم عملها هذا من خلال التجديد باللون والخيط، ونوع القطعة، وهو ما جعل عملها منسجماً مع تصاميم الفرش الحديثة.

من السيدات اللواتي تحملن مسؤولية الأسرة والعمل للحصول على دخل بالاعتماد على مهارتها التي اشتهرت بها على مستوى البلدة، وقد وجدت عدداً من محال البلدة يعرضون أعمالها لكونها مطلوبة ومتميزة، وعلى الرغم من ظروفها الصحية وصعوبة هذا العمل فقد عملت أكثر من عشرين عاماً وساعات طويلة لإنجاز كل ما هو جديد، ولم تهمل أسرتها لتقوم بواجبات الطبخ والتنظيف لتؤدي رسالتها تجاه أسرتها، وتنتج الخير الذي يحسن ظروفها التي تحسنت بوضوح

هذا العام طلبت منها عدة قطع لـ"جهاز" ابنتي، وقد أنتجت قطعاً مميزة وجميلة، لكونها تحيك بصنارة اليد وهي من تنتقي الخيطان واللون والموديل وفق ذوقها، وخبيرة بما يعرض في الأسواق لكونها تشتري احتياجاتها بنفسها، وتوافق طلب الزبائن في حال طلبوا ذلك، وهي اليوم من الأسماء المعروفة التي تصدر لعدة محال في الأسواق تقدر عملها وذوقها».

انتصار الشوفي

معاناة المرض التي حرضتها للعمل والإنتاج تحدثت عنها "إنعام تركي عقل" وعن تصميم دفعها لإنجاز آلاف القطع التي تزين منازل كل من عرفها وأكتاف النساء بشراشف "المرعز" المميزة، وقالت: «قطع صغيرة قد لا يتوقع الناظر قيمتها بالنسبة لي، فتصنيع هذه القطع كان مورد دخل أساسي لأسرتي، أعتمد عليه لتعليم أولادي، وللحصول على أدويتي التي فرضت علي بفعل حادث سيارة تعرضت له مع زوجي بعمر الخامسة والعشرين؛ أدى إلى كسر عدة فقرات في الظهر، وبات المشي بمساعدة العكازين فقط، وبدلاً من الكسل تابعت عملاً يدوياً تعلمته منذ الصغر، إلى جانب حياكة السجاد العربي الذي تعلمته في سنوات الشباب، لأعود في البداية إلى النول فترة من الزمن إلى جانب الصنارة لأنني كنت بحاجة إلى دخل جديد يغطي نفقات العلاج واحتياجات الأبناء.

وكنت في البداية أحيك "شراشف المرعز" (الشالات) التي ترتديها النساء مع الزي العربي، وهي قطع تحتاج إلى كثير من العمل وانتقاء التصاميم التي في الأغلب لا أكررها، وهي غالية الثمن ومطلوبة، وكانت القطعة التي تصل مساحتها إلى قرابة متر مربع بخيوط رفيعة أنجزها بمدة قد لا تتجاوز الشهر ونصف الشهر، وبعت منها الكثير قبل الاتجاه إلى مفارش الطاولات والقطع الصغيرة بخيوط مختلفة، تختصر الوقت وتنتج قطعة جميلة وفق الدارج والمطلوب ولها أسعار مناسبة».

كارلا شلهوب

عن التصاميم والأنواع التي قدمتها للأسواق وكيفية تسويقها تضيف بالقول: «تساعدت وزوجي سنوات طويلة لكفاية الأسرة وعندما باشرت ابنتي الدراسة الجامعية كثفت العمل، وأخذت أعرض في عدد من المحال أقدم لهم بعض القطع وأنجز ما يطلبون من تصاميم لقطع مطلوبة، كأغطية علب المحارم و"الغازات" الصغيرة وقطع مختلفة للصالونات، هذه القطع عملها أسهل ومبيعها شبه مضمون وكنت في كل مرحلة أقدم تصاميم جديدة، واستفدت من أنواع مميزة من الخيوط متينة وجميلة وأضفت إليها الخرز والإكسسوار وشرائط الحرير وهو ما جعلها مميزة، وباتت تطلب أكثر، ولغاية هذا التاريخ أنجز في الأسبوع عدة قطع ولا أنقطع إلا في حالات المرض، لذا خططت اليوم مع أولادي للانطلاق لتجارة بسيطة بالقطنيات وألبسة الأطفال نبيعها في المنزل لأن صحتي تتراجع وهذا العمل سيكون له دخل مستقر، حيث يقوم ابني بإحضار البضاعة من "دمشق" وأوزعها مع ابتني، وهذا بالنسبة لنا خطوة للمستقبل ولحياة أفضل لي لأولادي».

تنتشر أعمالها في محال البلدة كما حدثتنا "كارلا شلهوب" من بلدة "القريا"؛ التي استفادت من أعمالها المتميزة وقالت: «من السيدات اللواتي تحملن مسؤولية الأسرة والعمل للحصول على دخل بالاعتماد على مهارتها التي اشتهرت بها على مستوى البلدة، وقد وجدت عدداً من محال البلدة يعرضون أعمالها لكونها مطلوبة ومتميزة، وعلى الرغم من ظروفها الصحية وصعوبة هذا العمل فقد عملت أكثر من عشرين عاماً وساعات طويلة لإنجاز كل ما هو جديد، ولم تهمل أسرتها لتقوم بواجبات الطبخ والتنظيف لتؤدي رسالتها تجاه أسرتها، وتنتج الخير الذي يحسن ظروفها التي تحسنت بوضوح».

من "شراشف المرعز" التي تحيكها

الجدير بالذكر، أن "أنعام تركي عقل" من مواليد 1964، مستقرة مع أولادها في بلدة "القريا"، وهي تعد وجهاً بارزاً في القرية وسوقها.