سبعة أشهر كانت كافية لـ"رشا حمزة" لتثبت لنفسها القدرة على التفوق واستثمار مواهبها في التحكم بعجينة السيراميك وخلق أشكال جميلة ومبتكرة، وتسويقها بسرعة كبيرة؛ لتساهم في التغلب على متطلبات الحياة.

مدونة وطن "eSyria" التقت الشابة "رشا حمزة" في منزلها بمدينة "شهبا" يوم الإثنين الواقع في 13 نيسان 2015؛ فتحدثت عن واقع الحال الذي عاشته قبل العمل بالقول: «ولدت في قرية "دوما" عام 1991 وسط عائلة صغيرة تحب العلم، ولاحظت أنني أميل إلى التاريخ وأتابع الصحافة، وهي ناتجة عن حب والدي لهذه الأمور، غير أنني لم أستطع دخول أحد هذين الفرعين، وتخرجت في المعهد المصرفي بمدينة "السويداء" من دون أي هدف واضح على الرغم من بحثي عن وظيفة باختصاصي».

ولدت في قرية "دوما" عام 1991 وسط عائلة صغيرة تحب العلم، ولاحظت أنني أميل إلى التاريخ وأتابع الصحافة، وهي ناتجة عن حب والدي لهذه الأمور، غير أنني لم أستطع دخول أحد هذين الفرعين، وتخرجت في المعهد المصرفي بمدينة "السويداء" من دون أي هدف واضح على الرغم من بحثي عن وظيفة باختصاصي

كانت زيارة واحدة إلى معرض للمنتجات والحرف اليدوية كفيلة بتغيير حياتها رأساً على عقب؛ حيث حدثتنا عن هذه التجربة بالقول: «اكتشفت وجود مركز لتعليم الحرف في مدينة "شهبا"، وكانت خطواتي تقودني بصورة تلقائية نحو تلك الأعمال المدهشة، وتلقيت الدعم من والدي الذي شجعني على تعلم ما أراه قريباً من نفسي، فقررت تعلم صناعة الهدايا بواسطة عجينة السيراميك، ومنذ الأيام الأولى ظهرت مواهبي بصورة غريبة، واستطعت اللعب على وتر المادة لأشكّلها كما أرغب، وكأن الزمن الذي مضى يرسم لي أبعاد مهنتي الجديدة بواسطة عجينة مؤلفة من الغراء والنشاء».

جزء من أعمال رشا في عجينة السيراميك

وعن آلية العمل والصعوبات التي تواجهها أضافت: «عندما ننتهي من العجينة نضع الصبغة المناسبة معها ونعجنها حتى تأخذ اللون الذي نريد، وقبل أن تجف نكون قد شكلنا القطعة التي نريد بواسطة اليدين، وهنا الموهبة والهواية هي التي تحكم على الشكل الذي نضيف إليه اللكر وقطعة صغيرة من المغناطيس إذا كانت العجينة مصنوعة أساساً من أجل خلق شكل فاكهة صغيرة الحجم لتوضع كزينة، ومع الوقت رحت أكتشف مدى السهولة في التعامل مع العجينة، فصنعت هدايا مخصصة لعيد الأم والعشاق، وكذلك رحت أجرب مدى رقة هذه المادة وكيفية التعامل معها في الأشياء الدقيقة، وفي مدة سريعة بات لدي 100 قطعة جاهزة للبيع، كل ذلك وما زلت في بداية التعلّم، ولكن والدي دعم عملي الذي يحتاج إلى رأسمال كبير، وهكذا كانت المئة قطعة تباع للأقارب والجيران فشعرت بأهمية جلب المال، ومعنى أن تنتج، ولكن الصعوبة كانت في الحصول على المواد الأولية؛ لأن بعضها مستورد، وفي إيجاد سوق كبير يستوعب عملي».

تبدو فكرة عجينة السيراميك قديمة للكثيرين من الناس، وهو ما جعل "رشا" تلعب على وتر التشكيل الجديد لها، فمن الشموع إلى أطباق الفاكهة الكبيرة، إلى العبارات الدقيقة التي صنعتها بحرفية عالية جعل بضاعتها مرغوبة للتجار والزبائن، وتؤكد: «عندما خرجت من مدينة "شهبا" باتجاه "السويداء" كنت واثقة من عملي، ولكن السوق واسع جداً، والطلب قليل، وعندما عرضت بضاعتي على أول تاجر في "ساحة السير" بالمدينة طلب مني صنع ألفي قطعة دفعة واحدة، وهكذا بات لي اسم في هذا المجال، وأعمالي تطلب بصورة غير متوقعة قياساً بالوقت الذي تعلمت فيه، وبات هذا المورد الجديد على الرغم من ضآلة المكاسب المادية عاملاً مساعداً لنا على تجاوز الغلاء، وطموحي أن يكون لدي مكان خاص لبيع منتجاتي وعرضها على الناس في مدينة "شهبا"، وتعليم الأطفال سّر هذه العجينة».

إضافات إلى قطع مخصصة للاستعمال المنزلي

في "سوق الصاغة العتيق" حيث تعلمت "رشا" أصول مهنتها الجديدة، تحدثت المدربة "قفطانية الصحناوي" عما وجدته في شخصية "رشا حمزة" بالقول: «منذ اليوم الأول أثبتت أن لديها موهبة كبيرة غير واضحة المعالم، وخلال أيام قليلة راحت تصنع بالمعجونة أشكالاً متنوعة؛ ومتدربات غيرها يستغرقن أسابيع طويلة لصنعها، وهي بدأت تنتج قبل أن تنهي تعليمها، وتبتكر أشكالاً جديدة تلائم ذوق الناس، حيث اختارت انطلاقتها بأعياد آذار للمرأة والأم والمعلم لتعريف الناس بما تصنع، ونجحت في ذلك، وهي بحق شابة مكافحة تحاول أن تكون منتجة لمساعدة أهلها على مصاعب الحياة».

المدربة قفطانية الصحناوي