العنب "السلطي" والرمل الأبيض والإناء الكبير "الدست"، والخبرة في عملية السلق والطبخ هو أهم ما يرافق السيد "مروان مرشد"، أثناء قيامه بعملية صناعة "الدبس" الذي يدين بنكهته للتربة البركانية في بلدة "الكفر".

يقول "مرشد" لمدونة وطن "eSyria" التي التقته في 1 نيسان 2015، عن عمله في هذه الصناعة وسهولة تسويقها: «لدي أربعة دونمات من الأرض، مزروعة بـ120 غرسة من العنب من جميع الأنواع: "السلطي، الحلواني، الأسود، البلدي"، وأحصل منها تقريباً على خمسة أطنان من العنب سنوياً، وأقوم بصناعة الدبس بالطريقة التي كان يقوم بها أهلنا في السابق، حيث أقوم بتأمين مؤونة بيتي وأبيع الباقي، ولا أجد صعوبة في تسويق المنتج بسبب الطلب عليه في أسواق المحافظة، لما يتمتع به الدبس في بلدنا بسمعة طيبة وجودة عالية تساهم في ترويجه بالأسواق مباشرة».

لدي أربعة دونمات من الأرض، مزروعة بـ120 غرسة من العنب من جميع الأنواع: "السلطي، الحلواني، الأسود، البلدي"، وأحصل منها تقريباً على خمسة أطنان من العنب سنوياً، وأقوم بصناعة الدبس بالطريقة التي كان يقوم بها أهلنا في السابق، حيث أقوم بتأمين مؤونة بيتي وأبيع الباقي، ولا أجد صعوبة في تسويق المنتج بسبب الطلب عليه في أسواق المحافظة، لما يتمتع به الدبس في بلدنا بسمعة طيبة وجودة عالية تساهم في ترويجه بالأسواق مباشرة

وعن سر النكهة الموجودة في دبس "الكفر"، يتحدث السيد "بدران بدران" رئيس مجلس البلدة بالقول: «دبس "الكفر" المشهور في أسواق المحافظة، الذي يعد اسمه جواز سفر لتسويقه يعتمد في الأساس على نوعية العنب التي تعد المادة الأساسية في صناعته، فالعنب لدينا له مواصفات خاصة من ناحية ارتفاع نسبة السكريات الطبيعية فيه، إضافة إلى وصوله إلى الحد الأعلى للنضج والجودة، وذلك بسبب التربة البركانية التي تتمتع بها البلدة، والتي تعد مائلة في تركيبها إلى الحموضة، وهذا الوسط يؤدي إلى أفضل امتصاص للعناصر المعدنية الذاتية بالتربة للمنتجات الزراعية، كما أن هذه التربة تتمتع باكتمال العناصر اللازمة للبناء الخلوي النسيجي للنبات، وهذا ما يعطيه طعماً أفضل ولوناً أمثل، لذلك نجد أن طعم الدبس رغم حلاوته مائلاً إلى الحموضة، وهذا ما يجعل الإنسان يأكل كمية أكبر من دون أن ينزعج من الطعم الحلو».

بدران بدران

ومع وجود ثلاث معاصر نصف آلية في البلدة؛ فإن أغلب الأهالي ما زالوا يقومون بهذه الصناعة شخصياً لما لها من عمق في تاريخ البلدة، وعن هذا يتحدث "نور الدين الشعار" -من أهالي القرية- عن كيفية هذه الصناعة وتاريخها وانتشارها: «اشتهرت صناعة الدبس في بلدة "الكفر" منذ سكنت البلدة عام 1810، وعرفت فيها عدة معاصر لصناعة الدبس المبنية من الحجر الأزرق، والمصقولة بالرمل والإسمنت، حيث تحتوي هذه المعاصر على العديد من الأحواض التي يتم فيها عصر العنب واستخلاص السائل منه، وتتم صناعة الدبس أولاً عبر جمع العنب ويفضل أن يكون من النوع "السلطي" الذي يحتوي على كمية أكبر من الماء والسكريات، ثم يوضع العنب مع نصف "تنكة" من الرمل الأبيض أو يضاف إليه مادة كلسية "الحوارة" التي تخلص السائل من الشوائب والمواد الحمضية، وبعد أن يقوم المزارع بدعك العنب، يقوم بجمع السائل في أوانٍ نحاسية كبيرة "خلقينه" وتبدأ عملية سلق العصير، حيث يتم في هذه المرحلة إزالة الرغوة والشوائب التي تتجمع أعلى السائل، ويتم ذلك من خلال استخدام المصفاة التي تتجمع فيها الشوائب والرغوة الملونة، وعند الانتهاء من هذه المرحلة ينقل السائل النقي إلى إناء نحاسي نظيف، وتبدأ عملية طبخ السائل على النار حتى يتم تبخر الماء بالكامل، وهنا تحصل عملية تكاثف السكريات، ويصبح السائل لزجاً، ليوضع جانباً حتى يبرد ومنها يتكون مزيج الدبس ويبقى في الهواء الطلق حتى يبرد تماماً، ويتم وضعه في أوعية ويخزن، وقد كانت هذه الأوعية قديماً من الفخار، ثم تحولت إلى الصفيح ثم إلى الزجاج، والآن أغلب الناس يحفظونه بأوانٍ بلاستيكية، ويستخدم الدبس في عدد من الصناعات كالمعجنات والحلاوة الملبدة كما يضاف إلى "سليقة" القمح، ويستخدمه بعض الناس في تحلية الزهورات والسوائل الساخنة، ومنهم من يتناوله ممزوجاً بالماء الساخن».

يذكر أن بلدة "الكفر" تبعد عن مدينة "السويداء" مسافة 13كم، وأن المساحات المزروعة فيها من الأشجار المثمرة 6000 دونم وفيها 240 ألف غرسة من العنب، تبدأ الإنتاج بعد خمس سنوات، وتنتج الغرسة الواحدة من 20 إلى 50كغ سنوياً.

السيد نور الدين الشعار
دبس الكفر في الأسواق