قرض صغير استثمرته "تهاني الزيلع" من قرية "مفعلة" بنوع من المشاريع التي تتجه إلى تجفيف النباتات الطبية، وتؤسس مع زوجها مشروعاً كفل مستقبل أسرتها.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 20 شباط 2015، استطلعت من هذه السيدة عن بدايات العمل، ومتى كانت نقطة الانطلاق لعمل خلاق مادته الأولية نباتات برية، ومحركه العمل والجهد المضني المنتج لقيمة صحية اقتصادية اجتماعية تحدثت عنها بالقول: «لأنني ابنة الريف وعايشت جدي الذي عمل لسنوات طويلة في طب الأعشاب، فقد تلمست على يديه فائدة هذه النباتات وكنت بعيدة عن إهمالها، وقد جمعت الكثير من المعلومات عن صفاتها وتحضير أنواعها وأماكن تواجدها، وكونت رصيداً معرفياً أعدّه ثميناً وجديراً بالتقديم للمجتمع، ولم تكن لي مخططات سابقة للعمل في هذا المجال وكنت ربة منزل لا عمل لدي إلا تربية الأبناء، إلى أن ظهرت حالة مرضية فيروسية سببت مشكلات في التنفس للأطفال في مدرسة أولادي في قرية "مفعلة"، وانتشرت انتشاراً واسعاً وقد عالجت الأولاد بأنواع معينة من الأعشاب البرية في منطقتنا التي أجففها وأحتفظ بها في مواسم الربيع، وفق وصفات قديمة أعرفها جيداً؛ وقد ظهرت على أولادي علائم التحسن وخلال مدة قصيرة زارني أهالي الأطفال للحصول على الوصفة، وكانت النتائج مرضية واشتهرت على مستوى القرية.

من عمل بسيط كانت تقوم به لولعها بالطبيعة وحرصها على سلامة غذاء أسرتها ورعايتهم الرعاية الصحية السليمة، ولم تكن لتقتنع بالأدوية بل اعتمدت في علاج الأبناء على ما لديها من نباتات برية مفيدة أدخلتها ضمن عدة وصفات، ولأنها اشتهرت في قريتنا حققت في المدينة أيضاً الشهرة المطلوبة لتقدم وصفاتها، وقد تخليت عن فكرة السفر لأكون إلى جانبها ونعمل معاً في مشروع أسسته بتصميم وصبر وبات الدخل الوحيد لأسرتنا المؤلفة من أربعة أشخاص، وكل ما أنجز اعتمد على قروض صغيرة حققت لنا خطوات جيدة في تقديم منتج مغلف بطريقة أنيقة وقابل للتوزيع على كافة المحافظات

من خلال هذه التجربة بات يطلب مني وصفات، ويسألونني لعلاج حالات مختلفة، وكنت حريصة على أن أقدم وصفة دقيقة وأترك الخيار للمريض باتباعها وسؤال الطبيب، وازداد الزوار وكان الخيار لتخفيف الضغط عن المنزل افتتاح محل صغير لغاية الاستجابة لأسئلتهم، وبدأت أخذ ثمن النباتات المجففة التي كنت أجمعها وأجففها في المنزل لأنني لسنوات قدمتها بالمجان».

من منتجات تهاني نباتات مجففة ومنتجات طبيعية غذائية

كيف انتقلت إلى عمل منظم تضيف "تهاني" بالقول: «عندما أسست هيئة مكافحة البطالة في مدينة "السويداء" تقدمت لهذه الهيئة للحصول على قرض صغير، وكانت الموافقة على مبلغ خمسين ألف ليرة سورية، ساعدني للانتقال إلى مدينة "السويداء"، وحصلت على محل صغير عرضت من خلاله تشكيلات متنوعة من النباتات البرية المجففة والوصفات التي تحضر بالاعتماد عليها، ولم أبتعد عن قريتي وقمت بالتعاون مع سيدات وشبان وشابات في مواسم الربيع لجمع كميات من النباتات في هذا الموسم بطريقة سليمة وغير جائرة، أشتري منهم محصولهم اليومي لحاجتي إلى كميات كبيرة وفق نسب زيادة الطلب اليومي.

هذا المبلغ ساهم في وضع حد لسفر زوجي إلى لبنان للعمل، واستقر معنا وأخذ يساعدني لأننا تمكنا من تحسين الدخل بوجه لافت بات يكفينا، وبدأنا نخطط لأفكار جديدة منها الحصول على آلة بسيطة لتغليف إنتاجنا، واعتماد طريقة الظرف أو التغليف بكيس مفرد مع الكرتون، ومن بعدها اشتركنا في المعارض والأنشطة المحلية مثل معرض المرأة الريفية وسوق ضيعتنا، لأضيف إلى النباتات منتجاتي من الشامبو المنزلي بالاعتماد على زيوت النباتات ومقطراتها، إضافة إلى تحضير بعض أنواع التوابل مثل الزعتر المنزلي والبهارات، ليكون هذا العمل مشروعي الدائم والمتفاعل والقابل للتطور، اليوم أبيع كل ما أنتج داخل وخارج المحافظة ولدي طلبيات كثيرة، وتقدم لي عروض من قبل بعض الفضائيات لعرض الوصفات ولتعريف الجمهور العريض بها».

عصام حمادي مدير مهرجان أبناء الجولان

حاضرة في مختلف المعارض وأسواق المنتجات الطبيعية تعتمد على منتج طبيعي يحتاجه المجتمع، كما حدثنا "عصام حمادي" نائب رئيس مجلس إدارة "جمعية أبناء الجولان"، ومدير "المهرجان السنوي لأبناء الجولان" وقال: «بدأت "تهاني" بمفردها وقدمت للمجتمع خدمتين؛ الأولى جمع النباتات الطبية وتقديم خلطات ووصفات علاجية مطلوبة، إلى جانب تقديم فرصة عمل لعدد من السيدات في قريتها اللواتي يجمعن النباتات من الأراضي الوعرة مقابل أجر يعود عليهن بالخير، عملها منظم وهي متابعة مهتمة تقدم خدمات متنوعة بالعمل في الاعتماد على كل ما هو طبيعي، وهي مشاركة دائمة في "مهرجان أبناء الجولان" تُضمن عملها رسائل للمجتمع القادر على استثمار عطاء الطبيعة بعمل مفيد منتج ساهم في كفايتها، وحقق الفائدة لكل من تعامل معها على مستوى "الزهورات" ومختلف الوصفات التي طورتها وأضافت إليها، وهي اليوم من الخبرات المطلوبة بفعل الجهد الكبير الذي بذلته وزرع الثقة بما لديها من معارف».

يقر زوجها "زياد البريحي" بتجربتها الغنية التي حصلت عليها بجهد فردي خلق لهما كزوجين فرصة عمل جيدة، وقال: «من عمل بسيط كانت تقوم به لولعها بالطبيعة وحرصها على سلامة غذاء أسرتها ورعايتهم الرعاية الصحية السليمة، ولم تكن لتقتنع بالأدوية بل اعتمدت في علاج الأبناء على ما لديها من نباتات برية مفيدة أدخلتها ضمن عدة وصفات، ولأنها اشتهرت في قريتنا حققت في المدينة أيضاً الشهرة المطلوبة لتقدم وصفاتها، وقد تخليت عن فكرة السفر لأكون إلى جانبها ونعمل معاً في مشروع أسسته بتصميم وصبر وبات الدخل الوحيد لأسرتنا المؤلفة من أربعة أشخاص، وكل ما أنجز اعتمد على قروض صغيرة حققت لنا خطوات جيدة في تقديم منتج مغلف بطريقة أنيقة وقابل للتوزيع على كافة المحافظات».

تهاني الزيلع وزوجها زياد البريحي

الجدير بالذكر، أن "تهاني" من مواليد 1969، وقد حصلت على المركز الأول بالملتقى الاقتصادي عام 2013، وكرمت كامرأة نموذجية.