امتلكت مهارة الإبرة والخيط وأضافت إليها من روحها المولعة بالعمل تفاصيل دورت القماش بطرائق ووسائل متعددة تقدمها "جنان كمال الدين" كمنتج قابل للتداول ويحقق الربح.

"جنان" استفادت من الوقت الضائع لكونها أنجزت دراستها في معهد الفنون النسوية ولمّا تحصل على وظيفة تعيل بها أسرتها، فبدأت بمشروعها الصغير الخاص.

قلة من النساء من تجد لديهن هذا الحماس والرغبة في العمل، هي من الطاقات المنتجة التي انطلقت من إمكانيات محدودة جداً، لأنها صاحبة إرادة حقيقية وضعت النجاح نصب عينيها فهي الحالمة بإيصال فكرتها إلى المجتمع لتحقق الفائدة لكل السيدات اللواتي يمتلكن الوقت للعمل. وقد تعاونا معاً لإطلاق فكرة "بنك القماش" ليكون لدينا رصيد من الأقمشة ننتج منه قطع فنية متنوعة، لاقت استحسان المجتمع، ولا تفرط بأي نوع منها وأي قطعة صغيرة أو كبيرة لتكون مادة أولية لأعمالها الفنية من مجسمات ولوحات قدمت من خلالها أفكاراً جديدة ومتميزة

مدونة وطن "eSyria" استمعت إلى تجربة هذه السيدة التي خرجت من دائرة الانتظار إلى العمل الناجح، فكان حديثنا مع "جنان" بتاريخ 5 شباط 2015، عن ميزات الحرفة التي أتقنتها، تقول:

السيدة جنان كمال الدين

«تعلمت على يدي والدتي عدداً كبيراً من الأعمال المنزلية؛ خياطة وتطريز، ورسم، ومهارات فنية مختلفة مثل حياكة الصوف وفنون الصنارة، وكنت أراقبها وأتعلم طرائق الاستفادة من كل ما توافر بين أيدينا من مواد مختلفة.

ولأنني امتلكت الوقت للتجربة والعمل فقد كان لعملية التفاعل مع القماش والاستفادة منه باستخدامات مختلفة الدور الأهم في التوجه إلى مشاريع جديدة للعمل، فبعد سنوات من الملل أمضيتها في رعاية الأولاد وحلم الحصول على وظيفة، اختبرت أعمالاً يدوية مختلفة لا تحتاج إلى تكاليف باهظة لكن نتيجتها جاءت مكللة بالنجاح في إنتاج مفارش مشكلة بخامات مختلفة من القماش، هذا القماش التالف الذي تعودت السيدات رميه أو حرقه للتخلص منه، بينما أقوم مع نساء كثيرات بجمع مختلف أنواع البقايا والملابس القديمة واستثمارها بهذا النوع من العمل، وقد تلاقيت مع جمعيات متخصصة ونفذنا معاً عدداً من المعارض إلى جانب العمل على بيع عدد كبير من القطع لتكون دخلاً إضافياً للأسرة من مواد بسيطة لا تحتاج إلا إلى الجهد والعمل.

لوحات صنعت من القماش

العملية بسيطة وقد كونت مجموعة خاصة تحت مسمى "نساء تعدن الحياة" المستوحى من فكرة إعادة حياة الأقمشة التالفة، فالفكرة التي بدأت من مربع القماش تطورت إلى استخدامات مختلفة، ومن هذه الأفكار تلك التي حاولت تطبيقها وتعتمد أيضاً على بقايا القماش، وهي نوع من الكولاج نطبقه بطرائق مختلفة، باللاصق أو بالإبرة، وكانت النتيجة لوحات بعناوين مختلفة، نقلت فيها جانباً من الحياة التراثية والاجتماعية، وانتقلت منها إلى نوع من المجسّمات التي طبقت من خلالها صوراً لحياة المرأة، هذه الأعمال مطلوبة وفيها مجال واسع للإبداع بقدر الصبر والجهد الذي تقتضيه للخروج بلوحة متميزة، وقد شاركت بالمفارش والأعمال السابقة بمعارض داخل وخارج المحافظة، وأستعدّ اليوم لمعرضٍ جديد خلال الشهر القادم لإنتاجي وإنتاج كل السيدات ضمن هذه المجموعة».

التفاعل مع المجتمع وتطوير العمل أفكار أخبرتنا عنها "جنان" بالقول:

أعمال حديثة لها

«أيضاً حاولت التعامل مع القماش من منافذ أخرى؛ كأن نستثمر بقايا الجينز لنصنع الحقائب، واستخدمته أيضاً لصناعة مفارش للأسرّة والطاولات وقد طلبت مني لغرف شباب وشابات بأعمار معينة، كل هذه العمليات جعلت للقماش بأنواعه حضوراً كبيراً في حياتي أغسله وأنظفه وبعد الكوي أقصه وفق خطة العمل ليكون لكلّ خامة اختصاص وفكرة أقدمها للمجتمع، كل هذه المشاريع إلى جانب تصنيع الألعاب التي نكونها بالاعتماد على حشوات القطن أو "الدكرون" بنوع من الأقمشة القديمة مثل الجاكيتات القديمة، وأي نوع متين وملون يمكن للطفل التعامل معه، اليوم ومن خلال بعض المراكز المتخصصة في المحافظة أقدم خبرتي مجاناً لسيدات رغبن بالتعلم لنعيد تحديث ألعاب ونقدمها للأطفال، وفي ذات الوقت نعلم السيدات هذه الطريقة».

خبرة نسائية وعمل مفيد حدثنا عنها الصحفي "كميل خويص" مدير مركز "سوريا الشرق" للدراسات الإعلامية في "السويداء"؛ الذي تخصص بإقامة معارض ضمت الفعاليات اليدوية النسائية، وتعامل مع "جنان" في عدد من المشاريع، وقال: «ضمن عدة معارض متخصصة كان للسيدة "جنان" جناحها الخاص، واللافت فيه الأعمال اليدوية التي اعتمدت على تدوير القماش، وكنت خلال الأعوام الفائتة حريصاً على حضور هذا الجناح، لما قدمته من أفكار جديدة عرفت بفكرة تدوير الأقمشة بعدة أساليب، مبينة أن أمام المرأة فرصاً كثيرة للعمل والإنتاج من مواد تالفة وخامات تعيد فيها زراعة الحياة.

وقد عرفتها السيدة العاملة بجد وإخلاص لتقدم كل ما هو جديد ومفيد للمجتمع، ونعرف جميعاً أننا بحاجة إلى مثل هذه النماذج، والتركيز عليها والتعريف بها لنشر ما لديها من أفكار على مساحة نسائية واسعة، وهذا بالفعل ما نقوم به اليوم لتكون هذه السيدة ضمن مجموعة تطوعية نستفيد من خبرتها في إحياء ألعاب الأطفال لتقوم بتعليم النساء والشابات على هذه العملية، لنقدم أكبر عدد ممكن من الألعاب للأطفال المحتاجين، وهذه فكرة من عدة أفكار تتقنها هذه السيدة المنتجة والمثابرة».

رفيقتها والمشاركة في مشاريعها السيدة "كارميلندا رسلان" ربة منزل وصاحبة فكرة "بنك القماش" قالت: «قلة من النساء من تجد لديهن هذا الحماس والرغبة في العمل، هي من الطاقات المنتجة التي انطلقت من إمكانيات محدودة جداً، لأنها صاحبة إرادة حقيقية وضعت النجاح نصب عينيها فهي الحالمة بإيصال فكرتها إلى المجتمع لتحقق الفائدة لكل السيدات اللواتي يمتلكن الوقت للعمل.

وقد تعاونا معاً لإطلاق فكرة "بنك القماش" ليكون لدينا رصيد من الأقمشة ننتج منه قطع فنية متنوعة، لاقت استحسان المجتمع، ولا تفرط بأي نوع منها وأي قطعة صغيرة أو كبيرة لتكون مادة أولية لأعمالها الفنية من مجسمات ولوحات قدمت من خلالها أفكاراً جديدة ومتميزة».

الجدير بالذكر أن "جنان" من مواليد 1966، "السويداء" ولديها ثلاثة أولاد، تسخر منزلها لتعليم النساء أفكار تدوير القماش، لعلّها تحظى بفرصةٍ للتسويق في الخارج.