أذهله الثمن الباهظ الذي طلب منه من أجل زوج من البط، واكتشف أن للدجاج العديد من الأنواع غير الذي تربيه والدته في قن المنزل، فغامر بمدخراته المادية البسيطة؛ معتبراً أن الوقت الضائع يمكن أن يدر عليه المال، وينتج البيض واللحم.

مدونة وطن "eSyria" التقت مربي الطيور الداجنة؛ الشاب "فجر أبو رسلان" بتاريخ 13 أيلول 2014، فحدثنا عن تجارته الجديدة: «أقطن في قرية "بارك" التي تبعد عن مدينة "شهبا" شرقاً 15كم، وقد ورثت حب الأرض والزراعة وتربية الماشية من والدي الذي يقضي أغلب أوقاته بين الأشجار وفي المزرعة، وكنت في زيارة إلى بلدة "شقا"؛ حيث وجدت صديقي يربي بعض الطيور الداجنة في حديقة المنزل، فسألته عن كيفية تربية الإوز والبط من باب العلم بالشيء، وعندما علمت ثمن الزوج من كل نوع ذهلت تماماً، واعتبرت صديقي مبالغاً قليلاً، ولما تأكدت من الأمر ذهبت إلى المنزل، ورحت أرتب مكان إقامة الطيور، وكيفية المبيت والأكل والمشرب قبل أن أبحث عن البائع، وأثناء العمل كنت أستفسر عن كيفية تربية كل طائر على حدة، وأسجل الملاحظات على ورقة حتى لا أنسى، وبنيت للإوز والبط بركة الماء الضرورية لهذه الأنواع، وكذلك جهزت المكان المخصص لتفقيس البيض كخطوة استباقية، كل ذلك دون أن يكون لدي أي زوج من الطيور، لكني كنت أعمل كأنها سوف تملأ المكان غداً، حتى ذهبت إلى أحد المربين واشتريت أنواعاً متعددة منها بما أملك من مال».

عندما يكون غذاء الطيور الداجنة طبيعياً وخال من الهرمونات المعتادة في تربية الصوص وباقي الطيور يكون البيض مفيداً جداً، أما الطيور الداجنة فهي معروفة بقسوة لحمها، ولكن أهل "جبل العرب" يعلمون تماماً أن أكلة "المغربية" مثلاً لا تكون شهية إلا إذا كان لحمها من الدجاج البلدي أو الحبش، وهو يعطي نكهة رائعة غير موجودة في الدجاج الذي يربى في المزارع أو المداجن

وتابع يصف الأنواع التي حواها في قن بيته الكبير؛ والطعام الذي خصصه لهم: «اقتنيت نوعين من البط "الهجين، والمصري" الكبير الحجم، وزوجاً من الإوز، ومن الحبش نوعين هما: البلدي (الرومي الذي يتجاوز وزنه 13كغ عندما يكبر)، والمهجن، أما الدجاج فقد صدمت عندما علمت ورأيت أنواعه العديدة: "الزراعي البلدي، الفرعوني، أبراهام" الذي يكبر بسرعة، و"المفتّل"، و"القطن"؛ الذي يتميّز بلونه الأبيض الشبيه بالقطن من أطرافه حتى رأسه، و"القزم" النادر الوجود الذي لا يكبر؛ وهو أغلى أنواع الدجاج، أما الطعام فهو ليس مشكلة كبيرة، وهو متوافر مثل القمح المنقوع، والعلف المؤلف من عدة أنواع من الحبوب، وكذلك "الكسبة" المؤلفة هي الأخرى من عدة حبوب، وبقايا الطعام المنزلي من الطبخ والخبز، وبقايا الخضار، وللإوز يفضل كل ما يتعلق بالأخضر من قمح وشعير وخضار».

زوج من الإوز.

أما السيدة "أمل أبو طافش" التي تهتم بالطيور، فقد تحدثت عن إنتاج الطيور من البيض، وعملية التفقيس بالقول: «في البداية يجب فصل الأنواع عن بعضها لكي لا يأتي البيض هجيناً، وفي الحقيقة تلتقي الطيور فقط عند الطعام والشراب، ولذلك تفصل عن طريق الأسلاك، فهي ترى بعضها بعضاً ولا تختلط ببعضها، فقد كان مردود البط جيداً، وكذلك الحبش الذي يمكنه أن ينام على ثلاثين بيضة مرتين في السنة، وهو مربح عند البيع ولكنه يحتاج إلى الكثير من الطعام، أما الدجاج بأنواعه المتعددة فهو ينتج البيض بشكل يومي، ويخف إنتاجه كثيراً في الشتاء، ومردوده المادي جيد جداً، وكل ذلك لا يعادل التفقيس الذي يدر ربحاً معقولاً في حال تم الاهتمام بالصوص وتربيته جيداً ليتم بيعه إلى مربٍ راغب بالاقتناء، والحقيقة فإن العملية برمتها تصبح مع الوقت آلية وغير مربكة، فالطيور لا تحتاج لكثير من الجهد ولا تلهي عن أي عمل، ويمكن التعامل معها بكل يسر وسهولة».

لا يأبه السيد "مزيد الجوهري" بالثمن الذي يدفعه لشراء البيض أو اللحوم، وهو يعتقد أن أكلها فيه فائدة ومتعة بآن معاً، ويؤكد: «عندما يكون غذاء الطيور الداجنة طبيعياً وخال من الهرمونات المعتادة في تربية الصوص وباقي الطيور يكون البيض مفيداً جداً، أما الطيور الداجنة فهي معروفة بقسوة لحمها، ولكن أهل "جبل العرب" يعلمون تماماً أن أكلة "المغربية" مثلاً لا تكون شهية إلا إذا كان لحمها من الدجاج البلدي أو الحبش، وهو يعطي نكهة رائعة غير موجودة في الدجاج الذي يربى في المزارع أو المداجن».

فراخ البط الجديدة.

ومعروفٌ في القرى السورية؛ حجم الاعتماد الكبير على تربية الحيوانات والطيور الداجنة في المنازل، وخاصة الريفية منها، فهو عدا كونه تسليةً واستثماراً للوقت؛ يعد مصدراً نظيفاً للغذاء؛ ومورداً مادياً أساسياً عند الكثيرين، كما يساهم بشكل كبير في الانتقال من النمط الاستهلاكي إلى نمط الاكتفاء الذاتي الذي نحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضى.

ذكور الدجاج في استراحة الظهيرة.