شكل "علاء نصر" من توالف الطبيعة عجينة حولها لأطباق من الورق خلطها بالياسمين والورد وعطور جعلت أطباقه مادة أولية للفنانين والخطاطين.

هي فكرة أولية طورها وحملها طاقة قادتها لتكون منتجة، وذات فائدة لشريحة كبيرة لم تعد لديها فرصة للحصول على الورق المطلوب لعملها الفني، كما عبر من خلال مدونة وطن "eSyria" الخطاط "أكرم قريشي"، وقال: «تعرفت على تجربته كخطاط وفنان، لكن ومن خلال زيارة إلى ورشته المنزلية تعرفت على منتجه الجميل من أطباق الورق والكرتون والأفكار المتطورة التي طبقها بعشق لفن الخط، ولتكون هذه القطع مادة أساسية للوحة فنية عالية الجودة، فقد شغلتني جمالية القطعة وجودتها التي تجعلها مقاومة للزمن، ومناسبة لتنزيل الخط على سطحها، وقد اعتمدت خلال هذا العام على ما أنتجه من قطع كرتونية متنوعة صقلت وفق احتياج الخطاط والفنان، واقترحت عليه التوسع بالعمل لزيادة الإنتاج؛ فقد ساهم في تلبية احتياجاتنا في الوقت الذي ارتفعت به أسعار هذه المواد بشكل مبالغ به حمل الخطاط تكلفة إضافية، وبالاستفادة من منتج الأستاذ "علاء" لمسنا الفارق الكبير بين ما نحصل عليه مصنعاً وبين قطع أنتجت من مواد متوافرة في الطبيعة، وأعيد استخدامها إلى جانب تطعيمها بمواد نباتية وتوالف أضافت الكثير إلى الشكل والنوعية، وقد لا يتفهم أحد فكرة الاستفادة من أكياس الإسمنت، لكنه طبقها وحصل منها على قطع متميزة احتضنت نتاج الخطاطين والفنانين».

تابعته على مستوى الخط العربي لكونه خطاطاً موهوباً، وكنا نبحث تفاصيل مختلفة من العلوم التي ترتبط بهذا الخط واحتياجاته من حيث التكوين الفني والمواد المطلوبة لإنجاز لوحة فنية، ولمست إصراره الذي ذكرني بروح الباحثين العرب في العصور القديمة وولعهم باستحصال الخبرة والمعرفة من تجربتهم الخاصة، واطلعت على نتاج عمله الذي طوره وفق معارفه الخاصة والبحث المستمر، وقد كانت النتائج مرضية ومبشرة بمشروع جديد تعلق عليه الآمال لإنتاج أطباق الورق اليدوي جميلة الملمس الحاملة لروح الإنسان، لكونها من صناعة يديه

عن مصادر الفكرة وطريقة العمل التي اتبعها تحدث "علاء نصر" بتاريخ 10 آب 2014، وقال: «تابعت مع الأستاذ الباحث "أحمد المفتي" تجارب لإنتاج أطباق الورق بالطريقة اليدوية التي يمكننا الاستفادة منها لإنتاج لوحة فنية صالحة لنقش الخط العربي أو غيرها من الفنون، ووجدت في البيئة المحيطة وما يتوافر من توالف القماش والورق والأخشاب مادة غنية لا تحتاج إلا للمعرفة والصبر لنتمكن من الإنتاج بشكل ينسجم مع الحاجة الفنية من جهة، ويحقق غايتنا بالحصول على أطباق بأسعار تنخفض تكلفتها المادية من جهة أخرى؛ لأننا وبحكم الظروف الحالية بتنا نعاني من ارتفاع أسعار الورق الذي نحصل عليه مستورداً.

أطباق ورق صنعها من توالف البيئة

كانت البداية من دراسة معمقة لتحولات المادة باستخدام المواد الكيماوية، والاستعانة بخبرات الأساتذة ومرحلة طويلة من الاختبار نفذتها عبر مراحل زمنية، تتمثل في إجراء تجارب على القماش وعلى لحاء الشجر ونشارة الخشب، إلى جانب اختبارات تدوير الورق لنستثمر كل ما لدينا من أوراق دفاتر وأوراق عادية ومجلات وأكياس الإسمنت وجرائد وغيرها للحصول على عجينة جديدة.

الفكرة تنتظم خطوطها مع التجربة العملية، وقد كانت النتائج مذهلة عندما استفدت من قطع من قماش وهي قطع من "الجينز" عالجتها لتتحول إلى عجينة ناصعة بسماكة مقبولة لتتحول إلى لوحة فنية يقدرها من يتعامل مع هذا النوع من الفنون».

علاء يعالج الورق بطرق خاصة

وسائل العمل تصنيع يدوي، ومواده الأولية ناتجة من بيئة غنية، كما أضاف بالقول: «مع بداية الاختبارات أخذت تظهر الحاجة إلى معدات معينة من الخشب وأنواع من المناخل للضغط وتشكيل قوالب تساعد على جعل العجينة مسطحة ومدها بالشكل الذي يكفل إنتاج طبق مستوٍ من الورق، وقد نفذت هذه التصاميم وفق المقاسات التي أحتاجها فكنت أعرض السائل للمرور في هذا القالب، والمناخل تتولى مهمة تنظيم استقرار ذرات العجينة وفق هذا الشكل، وقد كانت التجارب الأولى قطعاً من الورق السميك أخذنا نطورها بشكل متواتر لنحصل اليوم على أي قياس أو سماكة نحتاجها، مع الاستفادة من نوعية المادة الأولية وخواصها.

ففي الطبيعة كم كبير من المواد الأولية نتمكن من الاستفادة منها؛ تبدأ بأنواع القماش إلى أنواع مختلفة من الخشب المهمل ولحاء الشجر، إلى جانب النباتات الطبيعية والزهور التي يمكن أن تطعم الورق بتشكيلاتها ولونها الجميل وعطرها؛ مثل الياسمين البلدي الذي أستخدمه وحقق نتائج متميزة، والزهور المختلفة التي تتوافر في البراري والجبال وحتى في الحدائق العادية، كل ذلك يجعل للطبيعة حضوراً يمكننا استثماره بمحبة لعمل فني نحتاجه؛ فقد لا تتوافر في الأسواق أوراق بهذه السماكة، وقد لا نجد ورقاً يحاكي رغبتنا بتشكيل لوحات جميلة، أضف إلى ذلك أننا عندما نصنعه بهذه الطريقة اليدوية الشاقة لدرجة معينة، نشعر بقيمة ما بين أيدينا ونتلاقى مع روح هذا المنتج الذي نخرجه من دائرة التلف كمادة أولية خارج الاستخدام إلى منتج ورقي جميل نتمكن من تقديمه في أهم المعارض الفنية، وهذا ما حصل مع كثيرين من الزملاء الخطاطين الذين استفادوا من أطباق أنتجتها وفق هذه الحرفية التي أتمنى أن تتطور إلى ورشة أوسع تغطي حاجة الفنانين في هذه المحافظة».

يقر أستاذه الباحث والخطاط "أحمد المفتي" بأن مجموعة بسيطة من المعارف كانت انطلاقة لبحث طويل نفذه "علاء" بعشق كبير للتجربة، وقال: «تابعته على مستوى الخط العربي لكونه خطاطاً موهوباً، وكنا نبحث تفاصيل مختلفة من العلوم التي ترتبط بهذا الخط واحتياجاته من حيث التكوين الفني والمواد المطلوبة لإنجاز لوحة فنية، ولمست إصراره الذي ذكرني بروح الباحثين العرب في العصور القديمة وولعهم باستحصال الخبرة والمعرفة من تجربتهم الخاصة، واطلعت على نتاج عمله الذي طوره وفق معارفه الخاصة والبحث المستمر، وقد كانت النتائج مرضية ومبشرة بمشروع جديد تعلق عليه الآمال لإنتاج أطباق الورق اليدوي جميلة الملمس الحاملة لروح الإنسان، لكونها من صناعة يديه».

الجدير بالذكر أن "علاء نصر" من مواليد "دمشق" 1974، خريج معهد فني، ويعمل اليوم في مديرية صحة "السويداء"، خطاط وله عدد من المشاركات الدولية، يتجه اليوم إلى مشروع صناعة الورق، وبات أحد الأسماء التي يقصدها المتخصصون للحصول على أنواع فاخرة من الكرتون والورق على مستوى المحافظة.