الطرائق الآلية الممكننة والحديثة التي اعتمدتها الملبنة الحديثة في محطة "عرى" للبحوث الزراعية، تحمل في مضمونها عائدات اقتصادية ووقاية صحية، وانخفاض في الفاقد، مقارنة مع الطرائق التقليدية.

حول تطور صناعة الأجبان بالطريقة الحديثة، مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 24 حزيران 2014 الباحث المهندس "علي هوارين" رئيس محطة بحوث "عرى" للماعز الجبلي في مركز البحوث العلمية الزراعية بـ"السويداء"، فتحدّث قائلاً: «الطريقة الآلية تتم باستخدام الملبنة أو المجبنة الحديثة، وإمكانية استخدام كميات كبيرة من الحليب المبرد إلى الدرجة 6 مئوية، بعملية تجبين واحدة، وكلفتها قليلة مقارنة مع طاقتها الإنتاجية، وهي لا تحتاج إلى غلي الجبنة الناتجة قبل استهلاكها، لأنها تُخرجها مغلفة ومبسترة، وبالمرحلة الأولى هذه يتم تسويق الجبنة للعاملين في المحطة والمركز، إذ لا تكفي الكميات المنتجة للسوق المحلية بعد، ومن الممكن أن تُزاد كمية الحليب والتوسع في الإنتاج بما يغطي حاجة السوق في المرحلة القادمة».

كل طريقة لها طبيعتها ولكن الطريقة الآلية أكثر ضماناً وأقل جهداً ووقتاً، ولا يوجد فيها تدخل للإنسان بشكل مباشر كما في الطريقة التقليدية، ونسبة التلوث فيها أقل بكثير من الطريقة التقليدية، ولها عوائد اقتصادية أكثر من حيث الفاقد والصحة وهي تسوق في الأسواق المحلية والمحطات البحثية يتم تسويقها للعاملين فيها

وأضاف مقارناً مع الطريقة التقليدية: «كانت الطريقة التقليدية اليدوية لصناعة الأجبان تستخدم عند المنتجين الصغار لضرورات تحقيق هدفين استراتيجيين: الأول تأمين الاستقرار والتنمية المستدامة للمربين والمنتجين الصغار في قطاع الألبان، والثاني إنتاج الحليب ومنتجات الألبان بنوعية جيدة من حيث القيمة الغذائية والسلامة الصحية للمواطنين، لأن الطريقة التقليدية تتم باستخدام أدوات منزلية بسيطة، واستخدام الحليب الطازج مباشرة وعدم بسترة الحليب للدرجة المطلوبة، وهي تحتاج إلى فترة زمنية أطول وبذل جهد كبير، كذلك تحتاج إلى غلي الجبنة الناتجة قبل استهلاكها، وإمكانية تعرض الجبنة الناتجة للتلوث».

المهندس علي هوارين

وتابع المهندس "علي هوارين" بالقول: «يتميز حليب الماعز بمظهر جميل وطعم مميز- وخاصة الجبنة الناتجة عنه- ويعود ذلك إلى تركيب المادة الدسمة وبصورة خاصة إلى "الجليسيريدات" الثلاثية والأحماض الدسمة التي تدخل في تركيبها، وهي مختلفة من حيث النسبة، ولأن الصناعة التقليدية كثر فيها الفاقد الذي شكل نسبة لا بأس بها، كان لا بد من المكننة الحديثة. ومادة الأجبان مادة غذائية مهمة؛ فهي إلى جانب كونها تحتوي على عناصر التغذية الرئيسية بكميات متوازنة، تعد سلعة مهمة لأنها تضيف عنصر التنوع إلى المائدة ويمكن استهلاكها بكميات كبيرة دون التخوف من زيادة الوزن، وهي أكثر قابلية للحفظ من الحليب، وتتكون من بروتينات الحليب ومشتقاته، ومن الدسم وبعض المكونات الأخرى.

ويعرف الجبن بأنه الخثرة الناتجة عن تخثر حليب بعض الثديات بواسطة المنفحة أو الأنزيمات المماثلة بوجود حمض اللبن المنتج بواسطة بكتريا اللاكتيك، ويفصل جزء من الرطوبة بالتقطيع والتسخين والضغط ضمن قوالب ثم الإنضاج بالتخزين لمدة من الزمن على درجات حرارة ورطوبة مناسبة، ويعدّ تطور صناعة الأجبان أحد الإنجازات الحضارية».

المهندس جواد شرف

وحول بسترة الحليب أشار المهندس "جواد شرف" رئيس قسم التربية في المحطة بالقول: «تعني البسترة أن يتم تسخين الحليب إلى درجة حرارة معينة، والإبقاء على الحليب عند تلك الدرجة من الحرارة لمدة كافية تسمح بقتل البكتريا غير المرغوب فيها، والغرض الرئيسي لبسترة الحليب هو قتل الجراثيم التي يمكن أن تسبب الأمراض للإنسان، بينما الهدف الثاني هو تخفيض مقدار الأنزيمات والجراثيم الأخرى التي تؤثر في جودة الحليب وخواصه التخزينية، إن الأثر المهلك المميت للبكتريا والأنزيمات يعتمد على علاقة توافقية ما بين الحرارة والزمن، فبدرجة الحرارة المرتفعة يتم قتل الجراثيم بوقت أسرع.

مادة الحليب هي من المواد الحساسة للحرارة، حيث الحرارة المرتفعة قد تؤدي إلى تغيير في طعم الحليب وكذلك تعديل في طبيعة البروتين الموجود بالحليب، ما يؤدي إلى الإضرار بإمكانية صناعة الجبن، لذلك لا بد من إيجاد التوافق ما بين الزمن والحرارة، لأن تلك العلاقة هي مسألة مهمة تؤدي إلى الفعالية الكاملة من حيث التأثير في الأحياء المجهرية وخواص الحليب، والطريقة السائدة في بسترة الحليب التي يطلق عليها عبارة الحرارة العالية لفترة قصيرة، بموجب هذه الطريقة يتم تسخين الحليب ضمن جو مغلق إلى درجة حرارة 71- 73 مئوية والإبقاء عليه بهذه الدرجة لمدة 15 ثانية قبل تبريده، وبهذه الطريقة من البسترة يتم تحطيم أنزيمات الفوسفات الموجودة في الحليب، وتختلف العلاقة ما بين الحرارة والزمن من منتج لآخر؛ حيث تتم بسترة كريما الحليب بدرجة حرارة أعلى من 80 مئوية ولمدة 3-5 ثوان قبل تبريدها، وكذلك لبسترة الحليب المخصص لصناعة اللبن».

السيدة ناديا أبو خير والطريقة الآلية

وتابع المهندس "جواد شرف" بالقول: «هناك مراحل لصناعة الأجبان منها اختيار الحليب الخام إذ يجب أن يتمتع الحليب الخام المعد لصناعة الأجبان بمواصفات أن يكون الحليب خالياً من أية إضافات أو مواد غريبة، وناتجاً عن حيوان سليم صحياً، وخالياً من أية شوائب تؤثر في نوعية الجبنة، أو أية طعوم أو روائح غريبة، وأن يكون محتوى الحليب من المواد الأساسية مثل الدسم والبروتين وأملاح الكالسيوم مناسباً، ويلعب التجبن دوراً أساسياً ومحدداً لصفات المادة النهائية، حيث يهدف إلى تحويل بروتين الحليب الكازئين من الحالة الذائبة إلى الحالة غير الذائبة، وبالتالي تحويله إلى شكل متماسك وهذا التحويل يسهل انفصال المصل عن الخثرة معطياً الجبن كناتج نهائي، ويمكن تخثير الحليب المعد لصناعة الأجبان أنزيمياً أو حامضياً».

وأوضحت السيدة "ناديا أبو خير" الفرق بين العمليتين التقليدية والآلية قائلة: «كل طريقة لها طبيعتها ولكن الطريقة الآلية أكثر ضماناً وأقل جهداً ووقتاً، ولا يوجد فيها تدخل للإنسان بشكل مباشر كما في الطريقة التقليدية، ونسبة التلوث فيها أقل بكثير من الطريقة التقليدية، ولها عوائد اقتصادية أكثر من حيث الفاقد والصحة وهي تسوق في الأسواق المحلية والمحطات البحثية يتم تسويقها للعاملين فيها».